ماذا يعني الاحتفاء بالعلم القومي الكردي ؟

 

صلاح بدرالدين

 

  يعتبر العلم القومي من الرموز السيادية الرئيسية للدول المستقلة، ومايتعلق الامر بالكرد السوريين الذين مازالوا في مرحلة النضال من اجل انتزاع الحقوق القومية من سياسية، وثقافية، واجتماعية، في اطار مبدأ حق تقرير المصير ضمن سوريا الجديدة الديموقراطية التعددية التشاركية الموحدة، فان رفع، او تبني العلم القومي في المناسبات، او الاحتفاء به في يومه (١٧ – ١٢) ليس تعبيرا عن وجود دولة كردية مستقلة على ارض الواقع، بل بمثابة تعبير رمزي عن الانتماء الى الشعب الكردي، وبالتالي يكون العلم القومي هذا بمثابة شعار قومي للكرد السوريين الذي دشنته حركة – خويبون – منذ عام ١٩٢٧ ورفعه ثوار (اكري داغ – ارارات) عام ١٩٣٠ في كردستان تركيا، وتبنته جمهورية كردستان الديموقراطية في ايران (جمهورية مهاباد ١٩٤٦)، واعتمدته فيدرالية إقليم كردستان العراق منذ قيامها بعد انبثاق برلمان الإقليم ١٩٩٢، وإقرارها عام ٢٠٠٣ بعد الإطاحة بالدكتاتورية في الدستور العراقي الجديد.

 

  هناك العديد من الشعوب، والقوميات، والمجموعات الاثنية التي لم تنل الاستقلال، وتناضل من اجل حريتها في اطار مبدأ حق تقرير مصير الشعوب، تتمسك طوال المراحل التاريخية برموزها المعبرة عن وجودها التاريخي ومن ضمنها الاعلام، والشعارات، وغيرها من الطقوس القومية، وفي  الشرق الأوسط ياتي في المقدمة : الكرد، والفلسطينييون، والامازيغ، والتركمان، والكلدان – والاشورييون، والمئات من الاقوام الأخرى في اسيا وأوروبا وغيرها .
ماذا عن الكرد السوريين ؟
  منذ نشوء الحركة السياسية الكردية السورية بعد تقسيمات سايكس – بيكو ١٩١٦، وتحديدا بعد قيام حركة – خويبون ١٩٢٧ – وأول حزب كردي سوري ١٩٥٧، تم اعتماد العلم الكردي كشعار قومي، ثم ضوعف الاهتمام به وتعمق ذلك بصورة أوضح بعد تبني اليسار الكردي السوري في كونفراس الخامس من اب ١٩٦٥ مبدأ تقرير المصير للشعب الكردي  في الاطار السوري الديموقراطي الموحد .
  ماذا عن مواقف أحزاب طرفي الاستقطاب ؟
 بعد وفود مسلحي – ب ك ك – عام ٢٠١٢ أي بعد اندلاع الثورة السورية وإقامة ( الإدارة الذاتية) تم تجاوز العلم القومي بل في بعض الأحيان منع رفعه بالمناسبات، حيث تبنت هذه الجماعات علمها الحزبي بدلا من العلم القومي خصوصا بعد التبرؤ من مبدأ حق تقرير المصير الكردي بشكل عام، وإعلان الحرب على فيدرالية إقليم كردستان العراق، وفي الآونة الأخيرة (بعد اعلان اقليمها الفضفاض وماسمي بالعقد الاجتماعي ) فكت ارتباطها نهائيا بجميع الاواصر، والرموز الكردية السورية .
معظم أحزاب (الانكسي) ان لم يكن جميعها لم تعر أي اهتمام بالعلم الكردي قبل الثورة السورية وتحديدا قبل انحسار نفوذ السلطات الحاكمة، ونتذكر جميعا كيف تهرب بعض هذه الأحزاب من الدفاع عن تلامذة احدى مدارس القامشلي قبل نحو ثلاثة عقود الذين رفعوا شعارات منددة  بنظام حافظ الأسد الى جانب الشعارات الكردية وبينها العلم، واعتبروا ماحصل بمثابة فتنة تماما كما اطلق بعضهم على ماحصل في الثاني عشر من آذار ٢٠٠٤ بالغوغاء، واحداث الشغب،  فقط (حزب الاتحاد الشعبي) تبنى قضيتهم ودافع عنهم في الداخل والخارج، وفي الوقت الحاضر فانها تقوم بالاحتفاء الشكلي واحيانا الكيدي الحزبي  به في المناسبات ولكن من دون أي التزام باستحقاقات تبني العلم القومي، والشروط الواجبة توفرها، وكما نعتقد فان تكريم العلم القومي، والاحتفاء به سيظلان شكليا اذا لم يقترنا : ١ – بقبول  الحوار بين جميع الأطراف وخصوصا المستقلون من اجل إعادة بناء، وتوحيد، واستعادة شرعية الحركة الكردية، ٢ – بتفكيك التبعية المطلقة للخارج وعدم المساهمة  في ذوبان الشخصية الكردية السورية المستقلة، ٣ – ابالعمل الجاد لصياغة مشتركة  لمشروع قومي ووطني كردي سوري عبر الطرق المدنية الديموقراطية مثل المؤتمر الكردي السوري الجامع، ٤ – بعدم التهرب من استحقاق الالتزامات الوطنية السورية في النضال من اجل اسقاط الاستبداد، ووقف الاستمرار في العلاقات الذيلية بالائتلاف الذي فقد مبرر وجوده، وعدم التردد في الإعلان عن دعم ومساندة الحراك السلمي لشركائنا بالسويداء، وهذه كلها قضايا مترابطة ذات علاقة وثيقة من حيث المبدأ لايمكن الفصل بينها بمسالة جدية او عدم جدية الاحتفاء بيوم العلم الكردي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…