د. محمود عباس
1- بعد التهنئة بتشكيل الحكومة، وإعلان شرق الفرات إقليما شبه كونفدرالي وهو ما يمكن قراءته بين سطور العقد الاجتماعي، نبين عن تحفظنا على بعض مواده، وعلى أسم الإقليم، ورفضنا لعملية إلغاء الهوية الكوردستانية للمنطقة، تحت منهجية الأمة الديمقراطية والتي هي خطوة عصرية كنظرية، لكن في الواقع العملي يجب ألا تكون على حساب كوردستان الباحثة عن وجودها السياسي المغيب قسراً؛ كالدول القومية المحيطة بها والمحتلة لها، علما أن المادة (16) من العقد تركز على حقوق الشعب الكوردي، لكنها مادة وردت بصيغة؛ قابلة للتلاعب فيها، حسب قوة المركز، ومع عدم تحديد الجغرافية والتسمية لغرب كوردستان.
بعد قراءته ومراجعة العديد من مواده، وجدنا فيه بعد حضاري بالشكل العام، يحمل سمات عصرية متقدمة في العديد من مواده، بالإمكان مقارنتها مع دساتير الدول المتطورة، بغض النظر على أن بعضها ترفق بجملة (وينظم ذلك بقانون) تناقض أو تحدد صلاحيات ما سبقته. رغم منطقية الإضافة تستطيع بعض الإدارات أو رؤسائها من تجاوز الصلاحيات المسموحة لهم بها تحت هذه الصيغة.
2- التركيز في موادها على النظام (الكونفدرالي الديمقراطي) للمقاطعات السبعة والمجالس، خطوة جريئة تستحق التوقف عندها، ويدفعنا لعرض السؤال المهم:
هل ستطالب الإدارة بالنظام الكونفدرالي ضمن الدولة السورية؟ وهل ستطالب بكتابته ضمن دستور (جمهورية سوريا الديمقراطية) كما تسميه، أي النهج الكونفدرالي الديمقراطي بين المناطق؟ أم ستظل بدون توضيح كما ورد في المادة (5) وتقول ” الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا جزء من جمهورية سوريا الديمقراطية” فهل هي جمهورية كونفدرالية؟ رغم أن المادتين (8 و9) ينوهان إلى واقع شبيه لكن دون توضيح. وكما نعلم أن دستور سوريا رغم التعديلات العديدة لم تأتي على ذكر أسم الكورد مطلقاِ.
3- كما وأن إعطاء المقاطعات السبعة تحت المادة (87) البند السابع، الحق في تطوير وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب والبلدان، خطوة متطورة في السياسة الخارجية، وترفع من سقف دور الهيئات التنفيذية وتمثيلها. أظن الجمهوريات السوفيتية كانت لها مثل هذا التمثيل داخليا وخارجيا، وإلى حد ما الولايات الأمريكية لها بعض مثل هذه الصلاحيات، لكنهما فيدرالية وليست كونفدرالية، الثانية تفتح لها مجالات أوسع.
4- هل ما ورد ذكره في المادة (129) القيمة، والتي تستحق التقدير والتي تقول: (تلتزم الإدارة الذاتية الديمقراطية بعد تحرير المناطق المحتلة بإزالة كافة آثار التغيير الديمغرافي وإعادتها إلى ما كانت عليه) ستطبق على ما تم من عمليات التغيير الديمغرافي في مناطق الجزيرة، وحيث إقامة مستوطنات الغمريين، والمنطقة الأن محررة وللإدارة الذاتية القدرة على التعديل وإعادة التغيير في الذي تم، على الأقل إعادة الأراضي المستولية عليها في عهد البعث إلى أصحابها الأصليين؟
لا شك العقد الاجتماعي انعكاس لأيديولوجية الحزب الحاكم على الإدارة الذاتية، والتي تتعارض مع منهجية الأحزاب القومية الكوردية، ومطالب الشعب الكوردي، والذي أصبح شبه أقلية في مناطقه، ولذلك لم يكن للحراك الكوردي القومي أي حضور أو دور في كتابته. كما وأن العقد سينفذ مطالب الشعب الثقافية وغيرها حسب الكثافة السكانية، كما هم في الواقع الحالي، دون الأخذ بعين الاعتبار التغيير الديمغرافي طوال قرن من الزمن.
أتمنى للإدارة الذاتية والقائمين عليه، وعلى كتابة وتنفيذ العقد الاجتماعي التوفيق والنجاح، مع الأمل بإعادة النظر في بعض المواد، وخاصة المتعلقة بتحديد جغرافية المقاطعات والتغيير الديمغرافي.
الولايات المتحدة الأمريكية
12/12/2023م