في استحالة «وحدة» الساحات كردياً …!

اكرم حسين

حالة من اليقين تتشكل وتتعزز يوماً بعد يوم ، وتصبح جزءاً من الصورة النمطية للحرب الدائرة من قبل تركيا وإيران على حزب العمال الكردستاني أو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ، لا سيما القصف المتكرر على مواقع هذه الأحزاب في جبال قنديل ومخمور وسنجار ، اوعلى الحدود المحاذية بين الإقليم وايران وتركيا ، والمناطق الكردية في سوريا او التوغل التركي في أراضي إقليم كردستان  . شش
بالمقابل ، وَضَعَ الوجود الأمريكي في كردستان سوريا ، حداً للاجتياح التركي البري   ، فقد اقتصر على القصف الجوي ، واستهداف كوادر ب ك ك المصنف على قوائم “الارهاب” – من قبل تركيا ، وبعض الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة – وخَلَقَ نوعاً من الستاتيكو قد يَسْقُطْ او ينهار في أية لحظة ، تبعاً للمتغيرات في الإقليم او المقايضات الدبلوماسية والعسكرية وخاصة بعد القرارالذي اتخذه ترامب بالانسحاب من سوريا ، والعملية العسكرية البرية على كري سبي وسري كانيه التي انتهت بسيطرة   الميليشيات المسلحة على هذه المناطق  .
 اذاً حدود ودرجة الاشتباك بين الأطراف المتصارعة بالمنطقة مرتبطة تمام الارتباط بمواقف وانخراط الأطراف الإقليمية والدولية فيها ، وتوظيفها ضمن الاستراتيجيات الممكنة مع الولايات المتحدة ، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على أن الأطراف المعادية  ل ب ك ك لا تريد سحقه او انهائه بأي حال من الأحوال ، بدليل وجوده وتأثيره في الساحة التركية – حتى الآن – ومشاركة بعض القوى المحسوبة عليه في البرلمان التركي ،  لكنها تريد تقليص نفوذه وحضوره العسكري والشعبي وفقاً لرؤيتها ومألات الصراع في المنطقة .
من هنا يصبح مفهوم “وحدة” الساحات مخادعاً ومضللاً أن لم نقل زائفاً..!. فكردستان مقسمة وملحقة بدول متفاوتة في تقدمها السياسي والثقافي والاجتماعي ، والاقتصادي ، ولكل ساحة ربها الخاص ، ومصالحها الحيوية في ظل التعقيد الإقليمي والدولي ، وهو ما يضع ب ك ك أمام تحدٍ صعب من ذاك الذي واجهته في الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم . مما يستدعي اعادة الاعتبار للعمل وفق منطق الفصل بين الساحات . لا بل جعله امراً محتماً بالنظر الى الظرف الاقليمي والدولي وتعقيداته المستقبلية ، وقد يدفع المرء للبحث عن البدائل وطرح بعض الافكار العملية مثل  ” التنسيق اوالدعم او التكامل بين الساحات ” او اية أفكار أخرى تتحلى بالموضوعية والواقعية السياسية  مع ضرورة الأخذ بالاعتبار خصوصية كل جزء ، وطبيعة ظروفه ونضاله ، وعدم التدخل في شؤونه والالتفات إلى متطلباته ، وعدم تهميشه  بعيداً عن استخدام الساحات الأخرى كمنصة مؤقتة لتصفية الحسابات مع هذا الطرف أو ذاك  او تحقيق بعض المكاسب المادية اوالتضحية بباقي  الأجزاء  من أجل الساحة الرئيسية وأقصد هنا كردستان تركيا..!
اللافت في الأمر أن أصحاب نظرية “وحدة” الساحات لا يحركون ساكناً في ساحتهم الرئيسية – وكأنهم ابتلعوا السنتهم – إلى حد الغياب الكلي لأعمالهم وتصريحاتهم  ضد  أية أهداف استراتيجية ، أو  القيام بأية احتجاجات جماهيرية سلمية في الساحة التركية  لتخفيف الضغط او إيقاف الهجمات على المناطق الكردية في سوريا . مما يشي بأن هؤلاء قد فقدوا الفاعلية ، ولم يعد بامكانهم التأثير في ساحتهم الرئيسية ، وباتوا يعملون ويناضلون في ساحات غير ساحاتهم جغرافياً وبشرياً ، دون إجراء اية مراجعة او تخطئة لمصطلح  “وحدة” الساحات او تبرئة الذمة تجاهه ، حتى لو ادى ذلك إلى القيام بعمل منقوص او  غير كافي ، في تأكيد منهم على عملية الفصل الحتمي دون الإقرار به او تبنيه سياسياً…!
الاكيد ان التهديدات التي لطالما كان يتم الحديث عنها في ساحة تركيا قد سقطت او في طريقها إلى السقوط ، خصوصاً أن قواعد الاشتباك قد تبدلت بشكل كلي ، واتخذت سبل المواجهة أشكالاً جديدة ، وليس لدى اي طرف  القدرة على حسمها او تحملها بنفس الأدوات والوسائل وبدون ظهير او سند دولي ، وما يشد الانتباه هنا ، أن قسما كبيرا من البشر لم يعد يعير الاهتمام لهذه القضايا او المعارك الفاشلة او القاتلة ، وكأنها غير معنية بها البتة بسب التحولات التي فرضتها الازمة الاقتصادية وظروف الحرب وحرب المسيرات. 
بالمحصلة هل ما يجري من تصريحات وتهديدات هو نوع من الرسائل المتبادلة او لتحويل الانظار عن الداخل التركي او وسيلة للضغط على الجانب الأمريكي وأنظمة المنطقة…!
لابد من فتح قنوات الحوار وإيجاد الية لحل القضية الكردية في تركيا وهذا يتطلب من تركيا وقف الحرب والتحاور مع ممثلي الشعب الكردي لحل القضية الكردية ووضع نهاية لهذا النزيف الذي يستهلك تركيا واكرادها بشريا واقتصاديا …!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…