في بؤس منطق النقد ….

اكرم حسين

يأخذ البعض على المجلس الوطني الكردي وجوده في الائتلاف و”تفريطه” بالحقوق القومية الكردية عبرغض النظر عن ” الاحتلال” والانتهاكات التي تجري في مناطقه من قبل المجموعات المسلحة التابعة لتركيا ، وكأنه ” خوًان ” للقضية الكردية و” متنكّر” لأهدافها ، في الوقت الذي يُكْتَبْ للمجلس الوطني الكردي ابتعاده عن العسكرة ورهن حل القضية الكردية بالعمل السياسي والدبلوماسي عبر الحوار، والتواصل مع الجهات ذات العلاقة ، والانخراط في ثورة الحرية والكرامة ، فاللجوء إلى العمل العسكري أشبه بألاعيب الصغار. لان الكرد جميعهم لو التحقوا وحملوا السلاح لن يستطيعوا أن يغيروا الخرائط ويحقّقوا الانتصار. ناهيك عن الأهداف الصغيرة والمؤقتة . 
فالحدود التي رسمت بعد اتفاقية سايكس بيكو، عقب سقوط السلطنة العثمانية والمصانة دوليا . قائمة على أساس توازنات محلية وإقليمية ودولية ، ولن تقبل شعوب هذه الدول وحكامها المساس بها في تشابك المصالح والمنافع ، ومثالًا على ذلك ما يقوم به السوريون سلطة ومعارضة من اصرار وتمسك بوحدة سوريا أرضاً  وشعباً بعد كل ما كان يقال عن الاستعمار والتجزئة وسايكس بيكو ، ورغم ان نتائجها لم تلبي  طموحاتهم وأحلامهم  . كما أن حزب العمال الكردستاني والقوى الأخرى التي حملت السلاح في مرحلة المد الثوري وسيادة الفكر الأيديولوجي  ، وسلكت طريق الثورة المسلحة منذ عام ١٩٨٤وحتى تاريخه لم تستطع تحقيق استقلال  شبر واحد من الأرض الكردستانية والتمسك بها رغم التضحيات الكبيرة وسقوط الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين .
لقد بينت الوقائع الميدانية أن حروب العصابات والحروب الكلاسيكية قد ولى زمانها ، وان ما قام به الكرد منذ ثورة البارزاني الخالد والى الان هو أقصى ما استطاعوا  فعله ، وان العمل المسلح لنيل الحقوق الكردية لم يعد يجدي نفعاً ، لذلك عليهم اللجوء إلى العمل السياسي والدبلوماسي  ، وسلك طريق الحوارمع الأطراف ذات العلاقة ، والمشاركة في النضال السلمي في هذه الدول من أجل الحريات و الديمقراطية وحقوق الافراد والمكونات حتى إشعار آخر  .
من المدهش أن يَنْتَقِدْ وجود المجلس الوطني الكردي اليوم في الائتلاف  من كان السبب في عدم تنفيذ الاتفاقات الكردية ، ودفع المجلس الوطني الكردي للمشاركة فيه ، والتمسك به كخيار من أجل  تحقيق المطالب الكردية في سوريا رغم جملة الانتقادات الموجهة له ، والانتهاكات التي ترتكبها المجموعات المسلحة التابعة له كجسم معارض يمثل كل السورين ، ويفترض أن يدافع عن حقوقهم ومصالحهم ، ويعمل على تحقيق طموحاتهم في بلد حر وديمقراطي . فما حصل مؤخراً في اصطفافه إلى جانب العشائرية وتحريضها المقيت في دير الزور أمر غير مقبول رغم أحقية مطالب أهل المنطقة في تشكيل اداراتهم المدنية .
اخيراً… لقد حان الوقت للمجلس الوطني الكردي أن ينفتح بشكل عياني على كافة اطياف المعارضة واطرها  ، وان يعيد النظر في كيفية تعزيز دوره في الائتلاف وزيادة وزنه النوعي ليتناسب مع واقع تمثيله للشعب الكردي ، ووجوده في مستقبل سوريا القادم  .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…