الكورد بين مطرقة النظام وسندان الإدارة الذاتية.

عبدالكريم مراد*

حين يتأمَّل المرء ماجرى في دير الزور ويجري في سوريا عامةً يلمس بذاته بأنَّ الواقع مهما كان مختلفاً، فإن البشر يسعون دائماً لتبرير أفعالهم بغطاء أخلاقي ولو تذرُّعاً، فمنذ الانطلاقة الأولى للحراك الثوري في درعا ٢٠١١ نتذكر جميعاً أنَّ تهمة الإرهاب كانت جاهزة من قبل النظام وأُلصِقت بالحراك، ويشهد الكثير من المراقبين الذين لا يؤمنون بنظرية المؤامرة بأن النظام استأجر العديد من شركات الدعاية والعلاقات العامة العربية والغربية، ودفع لها الملايين كي تدافع عنه وتلمّع صورته في الأوساط السياسية والإعلامية الغربية في مقابل تشويه صورة الثورة والثوار ووصمهم بالإرهاب والتطرُّف، وخاصة من خلال الخطأ الذي ارتكبه الثوار بشكل عفوي حين انطلقت مظاهراتهم من الجوامع وفي أيام الجمعة فأثقلت الثورة عبئها على الثوار من خلال مواجهتين هما:
مواجهة النظام كخصم من جهة، ومن جهة ثانية 
نخرُها من الداخل لغفلتهم من قبل سوسة الإخوان المسلمين الذين امتطوها وكانت تلك هي المصيبة الأعظم التي حلت بها ووأدتها في مهدها.
وباتت الثورة في خطرٍ حقيقي بتهمة فظيعة انطلت عليها وبكل سهولة وتجلت: في وصمها عموماً بالإرهاب بدون جهد أو شقاء من قبل النظام وحلفائه، ووصم الكورد خصوصاً باعتبارهم جزء لايتجزأ من النسيج والحراك الثوري السوري فكان عقابهم ضعف الثوار الآخرين في الجنوب والشمال، مما سهَّل اتهامهم زوراً بالانفصال لبث الكره عليهم في نفوس أخوتهم من العرب السوريين إلى جانب الإرهاب الذي نعتهم به أردوغان وزبانيته جنباً إلى جنب مع النظام الذي يتظاهر بالاختلاف معه في كل شيء إلا الكورد فهو يتفق معه عليهم لمنعهم من حقوقهم الإنسانية والوطنية والقومية، وما زاد الطين بلةً أخطاء الإدارة الذاتية في دفع قواتها العسكرية إلى العمق الداخلي السوري وجرّها إلى معارك لاناقة للكورد فيها ولاجمل واستشهاد مئات بل آلاف شبابنا فيها بعمر الورود بحجج وذرائع وطنية وقومية جوفاء، اللهم إلا واردات النفط والغاز وأجندات معينة لها لسنا بصددها الآن، ولكن المثير للدهشة والاهتمام أنّها سهّلت للنظام في ريف حلب ومنبج وفي دير الزور بشكل خاص مهمة إقناع العشائر العربية بالعداء الكورد ونعتهم بالانفصاليين لزرع بذور الفتنة بين المكونين العربي والكوردي وتشويه علاقات الأخوة التاريخية بينهم من خلال بعض من يسمون أنفسهم بشيوخ العشائر العربية، والمشيخة منهم براء فالرزانة والحكمة ورجاحة العقل والرحمة والإيمان وخوف الله في الرعية والعدل والإنصاف وإغاثة الملهوف من سمات الشيوخ الأشراف الأصلاء وهي لاتنطبق البتة على هؤلاء، ومنهم ومن خلال بعض الرسائل الصوتية والكتابية التي وردتني من دير الزور وريفها وبالتحديد من بعض الأصدقاء العرب:
“” للتذكير هناك قبيلتين كبيرتين بدير الزور :
١-العقيدات (مشايخها اهل الهفل).
٢-والثانية البكارة (مشايخها آل البشير).      
والنظام حرّك ادواته من الشيوخ في القبيلتين : حرك نواف راغب البشير شيخ البكارة (وهو قائد لواء الباقر الإيراني الشيعي بدير الزور) ونواف كان منشق وسكن باسطنبول وعضو إتلاف، لكن النظام دفع له وأعاده إلى سورية وشكل ميليشية سماه لواء الباقر – – دوره أن يحاول تحريك خط البكارة ضد قسد وادخل بعض المسلحيين إلى بعض قرى بكارة مثل قرية جديد بكارة لمحاربة قسد.                  
٢-أما المندوب الثاني للأمن فهو “ابراهيم الهفل ” الشيخ غير المكشوف( والغير مفضوح علناً مثل نواف البشير )٠٠٠وهو من قبيلة العقيدات بذيبان حيث حرّكته مخابرات فرع أمن الدولة بدير الزور لتحريك العقيدات على قسد ولمحاربتها والنيل منها بهذه الحركة التي سماها ثورة ضد قسسد!
وسمّى نفسه قائد ثورة ولما جدّ الجد هرب أثناء دخول قسد قريته (ديبان) ٠٠٠علما ان أمريكا هي التي دفعت له منذ عددة سنوات مبالغ ضخمة من الدولارات وعمرت له قصر له وقصرين لإخوته٠٠٠وان الفقراء والمساكين دفعوا ثمن هذه الفتنة حيث قتل أولادهم وهدمت بيوتهم!
نعم هرب الشيخ البطل ابراهيم وأولاده لما جد الجدّ! 
نعم إن عائلة الهفل معروفة بولائها للنظام .. فجدُّه الشيخ عبُّود جدعان الهفل كان مواظباً بالدوام لفرع الأمن العسكري بدير الزور حيث توفي بالثمانيات بمكتب رئيس فرع الأمن العسكري بدير الزور العميد عبود قدح……
فلا أدري متى يُدرِك المثقف العربي بل الأخوة العرب حقيقةَ ما يزرعه النظام من فتنة وما يخطط له في بلادنا مع حلفائه الإيرانيين ضد الشعب السوري عموماً بعربه وكورده وغيرهما من الطوائف والقوميات، فيكفُّ عن حقده المقيت ضد أخوته الكورد بحجة قسد التي لاتضمُّ الكورد فقط بل تُمثّل وتتضمن جميع مكونات الشعب السوري بين صفوفها وقوادها، وبغض النظر عن موقفي من قسد بالمعارضة أو التأييد، فالحقيقة واضحة ولايستطيع أحد إخفاءها مهما بلغت قوّته .
فعلى جميع المثقفين والكتاب السوريين وعلى اختلاف فئاتهم وطوائفهم وقومياتهم أن يسخّروا أقلامهم في دعوة شعبنا السوري العظيم رغم الحروب التي أنهكته بفسيفسائه الجميل لتوخي الدقة والحذر وعدم الانجرار وراء دعوات البعض والكره العنصرية في الأحداث التي قد تقع مستقبلاً في منطقة الجزيرة والفرات، جزيرتنا الخضراء التي باتت صحراء نتيجة هذه الحرب اللعينة وألا يكونوا أدوات للأجهزة الأمنية وأزلامه ممن يسمون أنفسهم شيوخاً أو شخصيات وطنية مرتبطة بالنظام أو بالدول الإقليمية -وما أكثرهم – لتمزيق هذا النسيج الوطني السوري فالعرب والكورد ملزمون بالعيش والتعايش المشترك ولا يمكن لأي طرف أن يعيش بمعزل عن الطرف الآخر فنحن جميعاً سوريون على السراء والضراء ، وإن المجتمع الدولي وخاصة الدول صاحبة الأجندات لن تحل قضيتنا من أجل ان تظل تنهب خيراتنا التي وضعها أولو الامر فينا تحت أمرتهم لمئات السنين القادمة، وبات بلدنا منهكاً تحت سيطرة بنادقهم وبأيدينا …!!!!!
ملاحظة :
“الرسائل كما وردت من شخصيات موثوق بها دون تصحيح أخطائها اللغوية والنحوية توخياً الحفاظ على حرفيتها “
وعذراً للإطالة فهذا غيضٌ من فيض ما يجري في بلادنا ..
*كاتب كوردي مستقل 
في 09.09.2023

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…