ملاحظات مختصرة حول أسباب فشل الوحدات التنظيمية كردياً…

اكرم حسين

 
واجهت الحركة الكردية في سوريا بعد تأسيسها بفترة وجيزة الانقسام بين تيارين ثم تتالت الانقسامات وكان التحدي الأكبر الذي واجهها إلى جانب تناقضها الرئيسي في مواجهة  السلطة الشمولية هو في تجميع قواها ، وتعزيز موقعها بإنجاز الوحدات التنظيمية ردا على الانقسامات المتكاثرة التي أدت إلى تشتيت قواها ، والدخول في صراعات بينية وهامشية،  وغياب دورها ، وفعلها العياني الملموس ، وهو ما دفع بعض من هذه القوى إلى إنجاز بعض الوحدات التنظيمية الاضطرارية اما هروباً من أزماتها الداخلية المتفاقمة أودفعاً بها إلى الأمام لكن هذه الوحدات لم تدم طويلا وانهارت عند أول مخاض …!
واليوم نجد في الواقع الكردي السوري  أحزاب منقسمة ، وارادة الشعب مشتتة ان لم نقل  خارج هذه الاحزاب في ظل سلطات الامر الواقع التي تتقاسم مناطق النفوذ في سوريا حيث يعيش كل حزب صراعات مركبة نتيجة الاختناق الديمقراطي ، والتضييق السياسي ، والاذلال المعيشي ، في ظل غياب المنظور السياسي العام ، مما جعل جزء مهم من الكرد في سوريا يكنون شيئا من العداء للأحزاب وخاصة تلك التي نشأت خلال الازمة السورية واستقر بها الحال هنا وهناك في انتهازية طارئة على الساحة السياسية الكردية حيث يشكل خطاب العداء هذا مصدر رضا لقطاع واسع من الكرد واصحاب النظام معاً ..!
بالعودة إلى العنوان فإننا نرى بأن أهم الأسباب التي أدت إلى فشل الوحدات التنظيمية الكردية في سوريا أوفقدان الثقة بها يمكن تكثيفها بالتالي:
١.عدم امتلاك وعي ديمقراطي لدى أصحاب الوحدة ومنفذيها ، وتناقض القول مع الفعل لحظة تجاوز الازمة .
٢. عدم ايجاد اشكال تنظيمية إبداعية ومرنة  تناسب الحالات الجديدة في ظل فشل الشكل الهرمي للتنظيم 
٣. ما عمق الانقسام ومنع استمرار الوحدة هو الارتباط الخارجي رغم توفر شروط الوحدة وعواملها الموضوعية .
٤.لم تنجح اي من الوحدات المنجزة في كسب ثقة الكرد السوريين على اساس قومي او وطني بحيث تتجاوز الحساسيات الشخصية أو المناطقية 
٥. لم تنجح هذه الوحدات في النمو والوصول إلى الجمهور وكسب النفوذ بسب الاستبداد وغياب البنية الديمقراطية 
٦. الانقسام السياسي والتنظيمي الحاصل استجر انقساماً شعبيا بدد إرادة الكرد السوريين ومنعهم من الوصول إلى التوافق .
٧. تراجع العناصر الداخلية التوحيدية وتكريس قيادات غير كفوءة ذات مصلحة حقيقية بالانقسام الحاصل .
٨. من المرجح أن يستمر الانقسام الكردي في سوريا على هذا المنوال لفترة قادمة مع غياب أي امل في تبلور تيار كردي سوري او تجمع وحدوي يأخذ بالحسبان مصلحة كرد سوريا واستقلالية قرارهم النسبي ، ويطرح رؤيته القومية والوطنية الممكن تحقيقها بصياغة جديدة ومرنة 
٩. في حال انتفاء كل تلك العوامل وتوفر الإرادة يبقى للعامل الموضوعي والتغيرات المرتقبة الدور الحاسم في إنجاح اي تجربة وحدوية جديدة وحمايتها من تكرار الانهيار..!
وحتى تتوفر العوامل الذاتية والشروط الموضوعية لإنجاز وحدات ناجحة يبقى الرهان على المجلس الوطني الكردي في الحفاظ على ذاته وتطوير أدائه كتجربة اتحادية رائدة – – رغم ما يمكن أن يقال هنا او هناك  – وتطويره إلى صيغ أرقى عبر تحقيق التشارك والتوافق من خلال تفعيل مكاتبه وهيئاته  ، والتفاف أوسع قطاعات شعبنا حوله ليكون الإطار التمثيلي لشعبنا الكردي في سوريا والمعبر عن تطلعاته القومية والوطنية في إطار سوريا اتحادية ديمقراطية يقر دستورها بالتعدد القومي والديني واللغوي ويرتكز على المواطنة المتساوية بإطلاق  بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تتسم اللحظة التي نعيشها اليوم في سوريا بالتحولات العميقة التي لا تخلو من التعقيد والتناقضات. وقد جاء بيان ال 170 كاتبة وكاتبًا كرديًا كصرخة مدوية في وجه واقع سياسي واجتماعي يكاد يطغى عليه الظلم والتهميش بحق الشعب الكردي. ومع أن البيان اتسم بالشجاعة والوضوح، إلا أنه واجه ردود أفعال متباينة تفضح عمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها الدولة…

شادي حاجي ينبغي على هذه الأحزاب الكردية أن تتغلّب على تحدّياتها المؤسّساتية وأن تحسّن قدرتها على توفير مايحتاج إليه الشعب على المدى الطويل . لايخفى على المتابعين للشأن السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص أنه بعد أن سقط نظام بشار الأسد وسيطرة ادارة العمليات العسكرية في دمشق ستتغير دور الأحزاب في القادم من الأيام نتيجة تغيير الأهداف والبرامج…

صلاح بدرالدين حول جواب ” اللاجواب ” من حزب الاتحاد الديمقراطي – ب ي د – كنت نشرت في الحلقة الثامنة نص كل من رسالتي حراك ” بزاف ” التي يدعو فيها – الاتحاد الديموقراطي – للموافقة على مشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع بالقامشلي ، ومايستدعيه من شروط النجاح مثل – اللجنة التحضيرية – وتمثيل الوطنيين المستقلين ،…

مروان سليمان كان الهدف من المظاهرات في بداية ما كانت تعرف بالثورة السورية الوصول إلى الحرية و التخلص من النظام الإستبدادي و لم يتخلف الشعب الكردي عن الخروج مع باقي السوريين في المطالبة بتلك الحقوق لا بل لم يتوقفوا عن المطالبة ببناء دولة ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون بالحرية و العدالة و المساواة و يحفظ حقوقهم و بعد الإنتقال…