الخوف من المجهول – القلق – التوتر – سمات المرحلة القادمة.

خالد بهلوي

  توتر شديد ونظرات حيرة و ارتباك تقرؤها في وجوه المواطنين  الذين يريدون الحفاظ على ما تبقى  لهم من كرامة، للعيش من دون تسول أو بحث في سلال القمامة.. يقول أحدهم: دخلنا نفقا مظلما لا نستطيع الخروج منه، ولا نملك الشجاعة والصراخ والاستنجاد بالمسؤولين ليسعفونا. 
الأحداث انتهت تركت الكثير من الويلات والكوارث والسلبيات التي ظهرت ولا تزال تظهر هنا وهناك؛  ومن ملامح ذلك تغيير نفسيه وعقلية المواطن وعلى رأسها غياب المحبة والتعاون وفقدان الضمير الإنساني في العلاقات بين أفراد المجتمع؛ خاصة بعد انقسام المجتمع إلى طبقتين طبقة كانت فقيرة حقا واصبحت تمتلك فيلات وسيارات حديثة ومزارع مجهزة بكل أشكال وألوان الترفيه والبذخ. وانضمت إلى طبقة الأثرياء السابقين، أما الطبقة الوسطى فقد انتهت أو فقدت كل أمل بالعيش السعيد فانتقلت رغما عنها إلى جموع الشعب الفقيرة، لتشاركها وتقاسمها المعاناة اليومية.
 الملفت للنظر والمخجل بأن الكثير من الشعب فقد تلك القيم والأخلاق والإنسانية التي كان المواطن يحملها على مدى سنوات ؛ والموروثة عن أجداده القدامى  وكانت سمتها التعاون والمحبة ومساعدة الفقير. ومشاركة الآخرين بما يملكه من خيرات فائضة عن حاجته. للأسف ما يحدث اليوم وما يتناقله الكثيرون يوميا في جلساتهم وأحاديثهم انتشار مظاهر الجشع والطمع والاستغلال خاصة من يملك السلعة الضرورية وأصحاب النفوذ أو من استلم مركزا ما؛ أو يجيد حرفه مهنية أو صنعة يحتاجها باقي أفراد المجتمع.  
هؤلاء فضلوا جمع الثروة دون رحمة أو شفقة على الآخرين ناسين تلك الأيام التي كان يعيشها هو نفسه، وما كان يعانيه من ظلم واحتكار واستغلال من الآخرين. بعد أن ملك الثروة والجاه والمركز أصبح يمارس تلك الضغوط والاستغلال مع الآخرين وكأنه ينتقم ممن ظلمه بأشخاص أبرياء آخرين. ويعتقد          أن مسيرة وحركة الحياة توقفت عند ثروته وممتلكاته وما يملكه من إمكانات للتحكم بأرزاق ومعيشة الناس.  
 للأسف أصبح المواطن يعيش في دوامة، يتمنى البعض منهم أن يصاب بجلطة لينقذ نفسه ويرتاح إلى الأبد حتى لا يبدأ الصراخ والمعاناة اليومية مع تأمين مستلزمات الحياة الضرورية.
 فيقضي ساعات أمام مراكز توزيع الخبز او الأفران الرسمية. ويسهر ساعات ليملأ خزان الماء؛          ومن فقد الأمل لتعبئة الخزان يبدأ رحلة البحث عن صهاريج المياه المتنقلة بين الأحياء عساه ولعله يؤمن شرب مياه للاستخدامات اليومية وللشرب. ومعروف مدى صحة المياه المتنقلة بالصهاريج وتخزينها بالبراميل.
إن جرعات الإنعاش المتقطعة القادمة من حوالات المغتربين ومن الموسم الحالي ما تزال تحرك السوق الشعبي لكن مع استمرار انهيار العملة السورية ستصل إلى مرحلة لم تعد تفيد لا إنعاش ولا عناية مشددة ولا صدمات ولا فيتو روسي ولا إرشادات الإيراني ولا ادعاءات الأردوغاني . ولا قروض ومساعدات الأميركاني. 
 أصبحت الطرق الملتوية والفهلوية شطارة هي طريقة عيش  سريعة و أسهل الطرق لجمع الأموال ونهب ما تبقى من  قوت الشعب.  
من لديه وظيفة يستغل مركزه لنيل رشوة ويمد يده لجيب أخيه المواطن أو يبقى يعيش في ظل العوز والهوان والحرمان, 
بدأت تظهر حالات من الكراهية بين أبناء الحي الواحد؛ فمن لا يتمكن من الحصول على المازوت أصبح مستعدا لسرقة الاخشاب من أشجار جاره أومن خزان مازوته.
 من يملك حرفة أو صنعه يفرض أجوره و و أتعابه حسب سعر الدولار وليس حسب قدرة وإمكانية المواطن على الدفع؛ ولا على أساس الجهد الذي يقدمه في صيانه أو إصلاح أو ترميم عمل ما. حتى أصحاب المولدات يتحكمون بالمواطن يفرضون السعر الفاحش ويوقفون مولداتهم أوقات الذروة بحجة أن مولداتهم لا تتحمل حرارة الجو.  أو إنها بحاجة إلى صيانه وكل ذلك لتوفير وقود ؛
حتى معاينات المشافي والأطباء ومعالجة الأسنان و اتعاب المحاماة واجور الدروس الخصوصية؛ كلها تقاس على سعر الدولار  والمواطن ملزم بالدفع سواء أمن المطلوب عن طريق شحادة او سرقة او نهب 
الانهيار الاقتصادي بانتظار المعجزات !!! فالقرار يصنع بين دول اللاعبين الكبار حيث يملك كل منهم داعشه الخاص به يحركة عند اللزوم .
حتى في الأزمات هناك نفوس نزيهه ومعطاءة ومضحية؛ وهناك تجار الحروب وتجار الأزمات ومن باعوا ضمائرهم  ؛ لبناء فيلا وركوب جيبات حديثه وارصدة بالبنوك : ولا يخلو أي مجتمع من مختلف أصناف البشر الخيرين والجشعين .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…