الحقّ الكُردي المنهوب من النّظام

مشعل أوصمان 
رداً على الأخ والصديق ابراهيم حجي الحلبي
عزيزي سوف أحاول أن أشرح لك سبب تسميته بـ «الحزام العربي»
عند الخوض في التاريخ والفترات الموجودة في الذاكرة الحية،  بالتأكيد تكون النتيجة فهم الأحداث والتغييرات، وبالرغم أن هناك مجال لدراسة ماضينا، كي ندرك الحقيقة، ونكتشف زيف ما كتبوه من التاريخ، في ظل غياب المنطق، إلا أن  الحقائق تبقى مخفية ولا تحظى بالاهتمام.
كما هو معروف في الفترات التاريخية السابقة لسوريا أن الحكومات وعبر عدة مراحل من التاريخ السوري كانت تمارس سياسة التتريك والتعريب لتحقيق أهداف قومية وسياسية واستراتيجية.
وأول من أمر بتعريب جميع الأسماء في سوريا، وتثبيتها في السجل العقاري، هو الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان (685 – 705 ) م .
و أثناء الاحتلال العثماني، ومن خلال حكمهم الطويل للمنطقة ،تم تتريك أسماء القرى الكوردية، حيث ترجم العثمانيون أسماء القرى لتتوافق مع لغتهم.
وفي فترة الانتداب الفرنسي بقيت معظم الأسماء المدونة في السجلات والتداول الرسمية. إلى حين قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958م. بعدها قررت سلطة الوحدة السورية المصرية تعريب الأسماء الأعجمية للقرى والبلدات، (ديريك – المالكية، كركى لكى – المعبدة، جل آغا – الجوادية، تربه سبيى – القحطانية، سرى كانيى – راس العين…)
 إن اختيار منطقة الشريط الحدودي لم يكن عشوائياً، بل بهدف سياسي استهدف مناطق ذات كثافة كردية، وبناء حزام جغرافي يخلو من الكورد، ويكون سكانها عرباً، والشريط سيكون فاصلاً بين كرد سوريا وكل من الكرد في تركيا والعراق، وهي سياسية كان قد اقترحها وزير المعارف السوري محمد كرد علي – مؤسس مجمع اللغة العربية – منذ سنة 1931، حيث اقترح على رئيس الدولة آنذك  الشيخ تاج الدين الحسني بنقل الأكراد إلى مناطق في جنوب ووسط سوريا ومنحهم أراضي هناك بهدف دمجهم، لكن لم يتم تنفيذ شيء من تلك المقترحات.
فبدأت مأساة محاربة الكورد في لقمة العيش وحرمانه من حق امتلاك الأراضي منذ أيام ما يسمّى بالحكم الوطني الذي أصدر المرسوم التشريعي رقم (193) لعام 1952، المتضمن (عدم إنشاء أو تعديل أي حق من الحقوق العينية على الأراضي الكائنة في مناطق الحدود إلا برخصة مسبقة تصدر بقرار من وزير الداخلية” حيث صدر قانون 161 لعام 1968 قانون الإصلاح الزراعي في عهد الوحدة، وكانت النتيجة الاستيلاء على الأراضي في مساحات واسعة وحرمان الكورد من المشاريع الزراعية والصناعية والمنشآت الخدمية.
المرحلة الأولى: 1959-1960
بداية مشروع جلب المستوطنين من إدلب والسويداء و حماه ودرعا، حيث سكنوا في القرى التالية : (العريشة، المناجير، الأهراس، العامر، الأربعين، ليلان، أم الخير، قسرك، الزهيرية والأحمدية).
في عام 1963 قدم محمد طلب هلال كراساً بعنوان “دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية، الاجتماعية، السياسية”. الى القيادة القطرية، والدراسة كانت تحتوي على اثني عشر بنداً  وواحد من تلك البنود هو “إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكوردية على الحدود، فهم حصن المستقبل، ورقابة بنفس الوقت على الأكراد، ريثما يتم تهجيرهم، ونقترح أن تكونَ هذه من “شمر” لأنهم أولاً من أفقر القبائل بالأرض، وثانياً مضمونين قومياً مئة بالمئة”. ونوقشت هذه الدراسة في مؤتمرات حزب البعث العربي الاشتراكي، ومنها المؤتمر القطري الثالث للحزب عام 1966، و أخطر القرارات المصيرية كانت حسب الفقرة الخامسة من توصياته، والمتضمن ما نصه: “إعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية التركية، وعلى امتداد 350 كم وبعمق 10- 15 كم، واعتبارها ملكا للدولة، وتطبق فيها أنظمة الاستثمار الملائمة بما يحقق أمن الدولة”. وكانت النتيجة حرمان (25 عشرين قرية) من أراضيها واستثمرتها الدولة تحت مسمى (مزارع الدولة)، مما دفع بالأهالي إلى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش.
اعتمد النظام السوري في رسم سياسات التغيير الديموغرافي والسياسة العنصرية تجاه الأكراد، في تلك الفترة، على دراسة محمد طلب هلال.
وبذلك تمت مصادرة الأراضي الخصبة شمال الجزيرة السورية، وجعلت ملكاً حصريا للدولة.
وفي عام 1964 وبموجب القانون رقم 75
 عدل المرسوم رقم 193 ليتم اعتبار كامل محافظة الحسكة منطقة حدودية.
بناء سد الفرات جعلت عشرات القرى وأراضيها الزراعية في محافظتي الرقة وحلب. مغمورة بمياه السّد، فكان فرصة لنقلهم إلى قرى كوردية وتوزيع الأراضي على المغمورين بعد الاستيلاء على أراضي المواطنين الكُرد وحرمانهم من أراضيهم.
كان تخطيط  السد فرنسياً ألمانياً وبتنفيذ الاتحاد السوفياتي، تم بناؤه 1968 – 1978,طوله 4500 م وعرضه 512 م, حيث يحجز خلفه بحيرة الأسد طوله 80 كم وعرضه 8 كم، محيطها 200 كم، ومساحتها 640 كم, وتروي 640 ألف هكتار من المساحات المزروعة في الجزيرة السورية.
المرحلة الثانية: 1974-1975
 ‏لقد تم تنفيذ مشروع الحزام بحذر وخوف
 ‏ من قبل القيادة القطرية لحزب البعث بموجب: القرار رقم (521) تاريخ 24 حزيران عام 1974م،
 ‏ حيث ‏تم بناء مساكن من اللبن الطيني بأسقف خشبية ومعدنية في 39 قرية وبإشراف (محمد جابر بجبوج الأمين القطري المساعد، وعبد الله الأحمد عضو القيادة) في القرى التي أقيمت على امتداد الحدود التركية من منطقة ديريك.
ويطول الحديث عن المراسيم والسياسيات والإجراءات التي استهدفت الوجود الكوردي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…