ظاهرة غريبة وخطيرة

صلاح بدرالدين

بعكس ماهو مطلوب في مثل الحالات المشابهة التي يعيشها السورييون والكرد بينهم على مر التاريخ المعاصر، من التهيئة للخلاص من الدكتاتورية، والاستبداد، عبر التكاتف، والتحاور، وتوحيد الصفوف، واجراء المراجعة النقدية، حيث نجد ظاهرة مرضية شديدة الخطورة تنتشر بين الصفوف، اعجز عن إيجاد تسمية لها، انها ظاهرة ” االتباعد وتهديم الجسور المعرفية بين مواطني البلد الواحد، ومنتمي القومية الواحدة، والانقطاع مع الماضي الجامع، والبدء بمنطلقات صفرية  لاتاريخية …” والامعان في التشرذم عبر االشللية المفرطة، والفردية النرجسية، والتهرب من العمل الجماعي، والاجتماع تلبية لامزجة شخصية  فئوية معدودة،
 والبدء من لاشيئ بنظرة عدمية لكل التاريخ النضالي للشعب السوري عربا وكردا ومكونات أخرى وحركتهم الوطنية منذ عقود بكل خبراتها المتراكمة االثمينة وبكل جوانبها الايجابية منها والسلبية، والقفز فوق مسلمات تراكمت بفعل النضالات الشعبية خصوصا في بدايات الثورة السورية، او تجاهلها، متصدرو هذه الظاهرة من اكثر الناس عداءعلى الصعيد اللفظي لحالة الانقسام السائدة، ولسلطات الامر الواقع المنتشرة، ولمناطق نفوذ الاحتلالات االاجنبية، ولكنهم على الصعيد العملي، والدعاوي اكثرهم شقاقا، واشدهم نفاقا، يبتدعون العناوين والمسميات المثيرة وكان التاريخ يبدأ منهم للاستهلااك الإعلامي، ويهتمون بالقشور، ويبرعون في انتقاء التسميات الرنانة، وبعضهم اصبح خبيرا في هذا المجال، اما حملة ( فايروس ) هذا المرض الخبيث – اللئيم – فبكل اسف من الفئات المتعلمة، وأصحاب الشهادات – الافتراضية – بعضهم من نتاج نظام الاستبداد، والدائرين في فلك النظام الإقليمي الرسمي، انها ظاهرة الضياع ، وفقدان الوزن، واضاعة البوصلة، وفقدان الثقة بالنفس، والشعب، والمبادئ، انها الارتداد القومي، والوطني، والفكري، والثقافي، والأخلاقي، انها طريقة متدنية لتحويل القضايا الوطنية الى سلعة ومصدر للعيش في بازار المناقصاات، انها عملية تزويرية ليس للتاريخ القديم فحسب بل للحاضر أيضا، ترى البعض – الكردي – من هؤلاء يكذب باليوم مرتين، ويتلون مرات، يدعو الى الديموقراطية، ويعلن بالوقت ذاته ان ( الشعب لايفهمها ولايستحقها ..)، يحول الحزب الفاشل المصطنع الى هدف، ويضع له تاريخا حسب المزاج، ويوم ميلاد مزيف، ويصدق نفسه انه الحزب القائد  – الام – حتى لو كان من دون – أب – ؟!، أخيرا قول مثل هذه الظاهرة ليست قدرا محتوما، وواجه شعبنا طوال تاريخه ظواهر لاتعد ولاتحصى، وكانت سلطات القمع والاستبداد وراء انتشار بعضها، وكانت الغلبة بالنهاية لصوت العقل، والمعرفة، والعمل الجماعي، ولارادة الشعب ووطنييه المخلصين .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…