صلاح بدرالدين
في بوست سابق منشور في موقع – ولاتي مة – ( ١٩ – ٤ – ٢٠٢٣ ) تطرقت فيه الى تعريف – العدمية – بحسب المعاجم، والمصادر العلمية، وتجلياتها في واقعنا الكردي السوري بحسب تجربتي داخل الحركة الكردية نحو ستة عقود،، وضربت امثلة حول اطروحاتها مثل : ( ليس هناك مبادئ..تاريخ الشعب والبلد مجرد حكايات..كل الحركات الكردية السورية منذ قرن وحتى الان مجرد هراء وعمالة..لم يحدث خلاف فكري سياسي داخل الحركة بل صراعات شخصية..ليس في سوريا وطنييون وديموقراطييون ..لم تندلع ثورة في سوريا..الاخوة والصداقة الكردية العربية كذبة فنحن أعداء..لاامل في توحيد الحركة الكردية.. المشاريع والمبادرات التوحيدية مجرد نظريات وسفسطة لاقيمة لهل… الخ. واعتبرت خطابها هروب نحو الامام وعجز واحباط وبالغ الخطورة على تربية الأجيال القادمة ).
بعد نشر البوست لوحظ بشكل غير مسبوق تفاعل المئات معه، غالبيتها بإيجابية ( نحو ٩٠٪ )، أي بالتعليق، والمتابعة، والمناقشة النقدية، وهذا مبعث الامل بالمستقبل، وتاكدت من جديد مدى تاصل الطاقات الخلاقة بين اوساط شعبنا، وان لدينا ذخيرة ثقافية حية يعتد بها، قلة فقط أعربت عن – عدميتها – من حيث لم تدري، نحو ١٣ من اصل ١٢٠ مداخلة،( واحتفظ بالاسماء )، وذلك من خلال القفز الى – الشخصنة – بعبارات شتائمية يندى لها الجبين، والتهديد، والوعيد، والتخوين، ومن دون أي مبرر حيث لم اتناول أسماء اشخاص حتى يردوا، ولم ارشح نفسي ( معاذ الله ) لاي منصب حزبي لدى الأحزاب الكردية المنهارة، وادارات سلطات الامر الواقع الايلة الى الزوال، حتى يرفضني هذا وذاك، ولم انتظر الاستئذان من أحد لنشر مواقفي حيث امارس حريتي مثل غيري، وتاريخي يشهد انني كنت امارس الكتابة السياسية النقدية طوال حياتي النضالية خلال ستة عقود ضد نظام الاستبداد ومضطهدي الشعب الكردي في كل مكان وفي ارفع المنابر الكردية، والعربية، والعالمية، وبكل شجاعة، وبمعنى آخر ان هذه القلة التي تاكد لي – عدميتها – عجزت عن استيعاب معاني البوست، وفهمه، حسب ظني، او لم تكن قادرة على مناقشته، او تفنيده بالدلائل والقرائن، فسلكت اقصر واسهل الطرق حسب درجة الوعي الناقص، والمشوه، والابتعاد عن المسلك الذي يلتزم بآداب الحوار، واحترام المنابر الإعلامية الرصينة، واخلاقية التفاهم بين بني البشر، خاصة اذا كان موضوع النقاش يتعلق بقضايا الشعب الكردي، وأزمة حركته السياسية، وهي فوق الأشخاص، والنوازع الفردية.
لست ولن أكون يوما في وارد الرد بالمثل على – الشتامين – ومن جانبي اسامحهم جميعا لانني على دراية بالاسباب، والدوافع بعضها كماذكرت أعلاه عائد الى مسالة الوعي، والتربية، والبعض الاخر يعود الى حرمان السوريين جميعا والكرد خصوصا من اية فرص ديموقراطية رسخت تقاليد الحوار السياسي بينهم، والبعض الأهم بنظري هو تعامل قيادات أحزاب طرفي الاستقطاب بمسالة الاختلاف في الفكر والموقف السياسي بصورة تعسفية، ومن عقلية شمولية، آيديولوجية حزبوية ضيقة تنفي الاخر المختلف، وتخونه، ولاشك ان بصماتها كانت واضحة في ثنايا تلك الردود القليلة العدوانية، لان ماطرحناه وتطرحه الغالبية الوطنية الملتزمة من الكرد السوريين، قد يهدد مصالح أوساط مسؤولة مهيمنة، مستفيدة من حالة تفكك، وانقسام الحركة الكردية السورية.
وهنا أتوجه بالسؤال الى تلك القلة – العدمية – التي ابرعت !!؟؟ في اختيار – مفردات الشتائم – : هل تشعرون بالانتصار والزهو على مااطلقتموه من تلك العبارات المقززة البعيدة عن خصائل شعبنا ؟ وهل انتم راضون عن ادائكم المخجل وتعتقدون انكم اضفتم جديدا ؟ وهل يمكنكم الشعور انكم قدمتم حلا بتلك الشتائم لازمة الحركة الكردية، ام انكم لاتعترفون أصلا باية حركة كردية سورية ؟.
المسؤولية جماعية
اعود وأقول نحن جميعا نتحمل المسؤولية في انتشار ظاهرة – العدمية – ومايطلق عليه البعض قانون – القطيع – والغوغاء -، والتبعية، والعقلية الشمولية، والاتكالية، وغيرها من الظواهر المرضية المفاهيمية، بالمجتمع الكردي، والتي ترد مرارا وتكرارا في كتابات مثقفينا، وهي جميعها في نهاية الامر احد أوجه ازمة الحركة الكردية السورية التي تنتظر الحل، والنخب الفكرية، والثقافية في مجتمعنا منوطة بتسليط الضوء، والانكباب على تقييم وشرح هذه الظواهر المرضية المتفاقمة، والبحث عن حلول معرفية لها.
ولاشك ان المنابر الإعلامية الكردية الرصينة، والملتزمة بمصالح الشعب والوطن تقع على عاتقها أيضا مسؤولية من نوع آخر في مجال نشر الأكثر فائدة، ووضع الضوابط امام مخترقي قدسية آداب الحوار، وممارسي الإرهاب الفكري تجاه المختلف، ومنتهكي الحرمات الشخصية.