عمود تلو عمود.. لتأخير إسقاط نظام الملالي!

نظام مير محمدي *

يُعول القادة والمسٶولون في النظام الإيراني کثيراً على التصريحات العنترية واستعراض العضلات من خلال إقامة المناورات العسکرية براً وبحراً وجواً وعرض الصواريخ، وذلك بهدف تخويف وابتزاز دول المنطقة والعالم لتحقيق غايات وأهداف نظام الملالي.
هذا الاسلوب صار منهجاً ثابتاً تمسك به النظام على مر الاعوام المنصرمة، وظل متمسکا به على الرغم من الآثار والنتائج والتداعيات السيئة جداً على مختلف الصعد، لکننا يجب أن نشير هنا الى إن تمسك النظام بهذا النهج وإصراره عليه، کان ولازال على حساب الشعب الايراني، وحتى يمکن القول بأن کافة مغامرات ومجازفات هذا النظام من وراء نهجه غير المنطقي هذا، قد دفع الشعب الايراني ضريبتها، 
ومن دون شك فإن الشعب المصادرة حرياته أساساً منذ قيام هذا النظام وبإضافة هذا العبء الآخر على کاهله، قد ضاق ذرعاً بالنظام ونهجه وسياساته وطفح الکيل به وحتى إن انتفاضة 16 أيلول/ سبتمبر 2022، قد کانت رسالة أکثر من واضحة بأن الشعب ليس فقط يرفض نهج النظام بل أصبح يرفض النظام نفسه ويطالب بنظام جديد على أساس جمهورية ديمقراطية.
إن النظام الايراني الذي تمادى کثيرا بتمسکه بهذا النهج حتى وصل الامر به الى حد أن يقوم خامنئي بتنصيب رجل مثل إبراهيم رئيسي کرئيس للجمهورية، وهو المعروف بقسوته وبماضيه الدموي خصوصاً إذا ماتذکرنا “مجزرة السجناء السياسيين” في عام 1988، والتي كان تسعون بالمائة من ضحاياها أعضاء في منظمة مجاهدي خلق، وکان إبراهيم رئيسي عضواً رئيسياً في اللجنة الرباعية “لجنة الموت” التي نفذت هذه المجزرة، لکن طوال العامين اللذين انقضيا على تنصيبه کرئيس، شهدت الاوضاع المختلفة تراجعاً غير مسبوق ليس في تأريخ النظام وإنما في التأريخ الإيراني المعاصر.
إن الوتيرة الملفتة للنظر لمسار سوء الاوضاع خلال العامين الاولين من حکم رئيسي باتت واضحة جداً للقاصي والداني، وبهذا الشأن علق نجل رفسنجاني والرئيس السابق لمجلس مدينة طهران محسن هاشمي على الانهيار الاقتصادي والوعود الفارغة التي يقدمها رئيسي للحد من تهاوي التومان بأن معدل التراجع في قيمة العملة الوطنية خلال العامين الاخيرين اكبر من المعدل الذي كان عليه في  الفترة ما بين حكم القاجاريين وبداية الحكومة الثالثة عشرة، فقد كانت قيمة الدولار 23 ألف تومان لدى تولي حكومة رئيسي مهامها ووصلت الى 50 الفاً قبل اكمالها عامها الثاني. وهذا بحد ذاته يثبت وبجلاء الى أي حد قد تمادى هذا النظام وبالغ في تمسکه بنهج العنتريات الفارغة وعرض عضلاته الخاوية والمترهلة.
غير إن الآثار السلبية على إصرار النظام على هذا النهج لم يقف عند هذا الحد وعند تراجعه المفضوح عن مواقفه العنترية ضد السعودية والسعي للتملص منها من خلال الاتفاق الذي أبرمه معها، بالطبع، لا يخفى على أحد، لا سيما لخامنئي وأعضاء حكومته الرئيسيين، أن هذا العمل وما شابه ذلك من الإجراءات يعود بالكامل إلى القوى التي فرضتها عليهم الانتفاضة. 
في الانتفاضة التي استمرت ستة أشهر دون انقطاع ، أعلن الشعب الإيراني صراحة أنه يريد قلب نظام ولاية الفقيه واستبداله بحكومة وطنية وديمقراطية. يريد خامنئي في الواقع تأخير الإطاحة به بطريقة «عمود تلو عمود» .
كما إنه وبحسب ما أ‌کده مهدي نصيري المدير السابق لصحيفة كيهان على فشل الورقة الأخيرة لخامنئي ـ ورقة توحيد الحكومة ـ مما يعني انه لم يبق أمام النظام سوى تجرع السم، حيث يعرب عن امله في “أن يتجرع المسؤولون كأس سم الإتفاق النووي على نحو عاجل” ويشير الى انهم سيجبرون على تجرعها إذا لم يتخذوا مثل هذا القرار في مأزقهم الراهن!
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…