حكومة في مهب الريح!

نظام مير محمدي* 

تجاهل خامنئي حرصه على التقليل من اهمية ازمات وفوضى نظامه، اشادته بالتقرير المخادع الذي قدمه ابراهيم رئيسي حول اعمال حكومته، وتحميله المسؤولية للاعداء، ليظهر امتعاضه من مسؤولي الادارات المختلفة غير المطلعين على اعمال البعض.  
قال خلال الاجتماع الذي عقده مؤخرا مع قادته ووكلائه ان المشكلات والازمات في حال وجودها  ناجمة عن مؤامرات العدو ومحاولته اعطاء صورة سوداوية عن النظام، لكنه اضطر للحديث عن بعض الأزمات التي تعصف بنظامه، حاول حصر انتفاضة الشعب الإيراني في قضية المرأة والحجاب لاظهارها وكأنها واحدة  من مؤامرات الأعداء التي حذر من تجددها، متهما اجهزة التجسس الغربية بالتورط في “أعمال الشغب” التي حدثت في خريف العام الماضي.
من الصعب جدا إن لم نقل من المستحيل تدارك إنهيار ثلجي من على الجبال وإيقافه عنوة، أو الوقوف بوجه عاصفة هوجاء والسيطرة عليها، ذلك إن الامر يخرج عن دائرة السيطرة ولايوجد هناك من أية قوة بإمکانها أن تعيق الانهيار الثلجي والعاصفة ومن الواضح إن سنن التطور والتغيير عندما يحين آجالها وتبدأ عملية التطور والتغيير والانتقال من حقبة أو مرحلة الى أخرى تليها، فإنه من المستحيل أيضا الحيلولة دون ذلك والوقوف بوجه سنن التطور والتغيير التأريخية.
عندما نتمعن في نظام الشاه الاستبدادي الذي کان يحکم إيران بالحديد والنار والذي سقط على أثر الثورة الايرانية في عام 1979، فإن الثورة الايرانية لم تأت فجأة أو من تلقاء نفسها وإنما على أساس مقومات وتراکم لأحداث وتطورات تمخضت في النتيجة عن التهيأة لتغيير نوعي، مع ملاحظة إن نظام الشاه قد حاول المستحيل من أجل الحيلولة دون ذلك ولکن من دون جدوى.
واليوم، ونحن نتابع مجريات وأحداث الانتفاضة الشعبية المندلعة منذ 16 سبتمبر2022، ضد النظام الديني المتزمت، فإننا نقف أمام حالتين متضادتين تماما، الاولى تجسد رفض شعبي عارم ضد النظام الجاثم على صدر الشعب الايراني منذ 44 عاما، والعزم على إسقاطه، أما الثانية، فإنها تعبر عن المسعى الدٶوب والمتواصل للنظام الايراني من أجل الوقوف بوجه هذه الانتفاضة والمحافظة على نفسه من السقوط والزوال.
التصريحات المتعاقبة لخامنئي ورئيسي والتي تسعى للإيحاء بأن النظام قد إستعاد عافيته وأبعد عن نفسه خطر السقوط والانهيار وإنه وکتأکيد على ذلك فإنه قد أطلق سراح أعداد کبيرة من المعتقلين بإعلان العفو عنهم، وإنه يستعد لإحداث قفزة في المجال الاقتصادي ويمحو الفقر ولايسمح بأن ينام أحدهم جوعانا کما کان قد حدث  خلال الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للرخاء والضمان الاجتماعي الذي انعقد في 24 فبراير الماضي، والتي اعتبرت مناقشة القضاء على الفقر المدقع من الواجبات، وتضمنت تشديدات على ان لا ينام احد “الليلة وليس ليلة الغد” دون عشاء. هذه التصريحات وکما نلاحظ اليوم لم تکن سوى مجرد هواء في شبك!
خامنئي من جانبه عندما رکز خلال خطبته بمناسبة عيد النوروز على الاقتصاد بما يوحي بأن النظام” وليس الشعب” مقبل على عهد جديد سيستعيد خلاله عافيته ويمسك بزمام الامور من جديد وإن الاوضاع تبعا لذلك ستتغير وسيطرأ التغيير على الاوضاع المعيشية للشعب الايراني! هکذا إذن وبعد 44 عامًا من الفقر والحرمان والمعاناة، يطل خامنئي على الشعب بنهاية أکثر من 4 عقود من الجوع، وکأن الشعب کان يعاني من الفقر والجوع من تلقاء نفسه ولم يکن للنظام أي دور في ذلك!
مايريدە ويسعى إليه خامنئي ورئيسي، هو کمن يريد إيقاف إنهيار ثلجي أو الوقوف بوجه عاصفة أو حتى الحيلولة دون شروق الشمس صباحًا، فذلك هو المستحيل بعينه لأن هذا النظام قد جاء أجله وصار يمتلك کل مقومات الانهيار والتلاشي وهو وبإختصار شديد قد أصبح نظامًا في مهب الريح!
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…