مظلوم عبدي في مطار السليمانية ولعبة شدّ الحبال .!

عنايت ديكو 

أولاً :
قبل كل شيء ، أعتقد … بأن قصف ” مطار السليمانية ” جاء كانعكاس واضح وكنتيجة طبيعية لزيارة رئيس الوزراء العراقي ” محمد شيّاع السوداني ” الى تركيا وتوقيعه على الكثير من الملفات والتفاهمات والاتفاقيات الأمنية والحدودية الى جانب التوقيع على مذكرات التفاهم الأمنية بين العراق وتركيا.!
ثانياً : 
لا شكَّ في الإمر، بأن أمريكا … صاحبة اليد الطولى في كلٍ من سوريا والعراق، وهي التي سمحت وغضت الطرف عن الطائرات التركية بتعقّب ” مظلوم عبدي ” واستهدافه في مطار السليمانية، وذلك بناءاً على الكثير النقاط والعوامل والمطالبات والضرورات المرحلية لوضع حدٍ للسياسات الايرانية وتجاوزاتها في البيت العراقي ككل، وأيضاً لضبط الايقاع المرسوم وإعادة التوازن الى أطراف الجوقة الموسيقية التي يريد بعض العازفين منهم الخروج منفرداً والعزف على وتر النشاز المصطنع كحالة ارتجالية .!
ثالثاً :
إن قصف ” مطار السليمانية ” من قبل الطائرات التركية … هو مطلبٌ وعمل مشترك من قبل اللاعبين على الأرض، الذين يتحكمون بخيوط اللعبة وبصهاريج البترول والقرار . وذلك للضرب والضغط على الخواصر لتضييق هامش المناورة لجماعة ” السليمانية ” وتعزيز سياسة مفهوم ” الوطنية العراقية ” الضائعة والباهتة، ولإجبار السليمانية على تسليم الأوراق وتقديم التنازلات الأمنية والعسكرية لصالح المركز في بغداد على حساب الحالة الاستقلالية والاستفرادية ووحدانية القرار والممارسة لجماعة الاتحاد الوطني الكوردستاني .!
رابعاً : 
أعتقد بأننا سنشهد خلال الأيام والشهور القادمة عودة كبيرة ونشطة لفرمانات بغداد المركزية الى السليمانية، وستطالب بغداد من طرفها جماعة ” بافل طالباني ” بضرورة حزم الأمتعة الحزبية والتسليم بالسيطرة الوطنية العراقية على هذا الملف الأمني في المدينة، وضرورة استلام الشرطة العراقية لهذا الملف الشائك واللوجستي، للسيطرة على المنافذ وحركة المطارات والحمايات السيادية واغلاق النافذة والمنفذ الوحيد أمام الآبوجية السورية نحو العالم … وهذا هو مطلب جمعي للفرقاء على الأرض .!
خامساً : 
إن قصف ” مطار السليمانية ” وتوكيل قيادة هذا العمل العسكري للطائرات التركية … يؤكد وبشكلٍ واضح، بأن الآبوجية السورية هي تحت المراقبة الشديدة واللصيقة، وغير مسموحٍ لها مطلقاً بتجاوز حدودها والقفز على الحائط والسياج والدور المرسوم لها. فهمْ جنودٌ وحرّاس تحت الطلب للقتال فقط وليس للبناء والدبلوماسية وادارة الأوطان … وهذا مطلب جمعي أيضاً ومتّفقٌ عليه بين الفرقاء كحالةٍ وظيفية .!
سادساً :
يأتي قصف ” مطار السليمانية ” من قبل الطائرات التركية بعد أيامٍ من التوقيع على الاتفاقيات والايرادات والميزانية الوطنية العراقية بين بغداد وأربيل … وهذا ما سيخلق حالة جديدة ومتطورة في إدارة الأزمة، وسيساهم أيضاً في بلورة وخلق وعي ورؤية كوردستانية مشتركة بين الأحزاب في برلمان كوردستان، وسيساهم أيضاً في توحيد الخطاب الكوردستاني وعدم تشتيت هذا الخطاب والتركيز على الأولويات، ووضع التناقضات الكوردية – الكوردية جانبا، والاقتراب العضوي والضروري من أربيل والقضاء على حالة التشرذم وتوحيد البيشمرگة لمقاومة كل التحديات والمصاعب والمخاطر التي تعصف بكوردستان وبالمنطقة، وذلك للحفاظ على الحقوق والمكاسب الكوردستانية وعدم الافراط بها كالسابق، ولجماعة السليمانية النصيب الأبرز من هذه الممارسات والتجارب القاتلة والهائلة ضمن هذا المضمار .!
سابعاً : 
إن قصف ” مطار السليمانية ” من قبل الطائرات التركية، … يأتي لضرب خطوط الامداد البرّية بين طهران ودمشق، ويأتي أيضاً لقطع الشريان الحيوي واغلاق طريق الحرير الأمني الذي يبدأ من طهران الى السليمانية الى دير الزور ثم الحسكة وقامشلو ، وذلك للضغط على جنبات النظام السوري للدخول الى بيت الطاعة والاستسلام الصارخ للمحور السعودي – المصري ولتقديم ما بقيت من أوراق بين يديه لصالح لهذا المحور ، وهذا ما سيترجم في اجتماع القمة القادمة لجامعة الدول العربية التي سترعاها المملكة العربية السعودية .!
ثامناً : 
إن قصف ” مطار السليمانية ” من قبل الطائرات التركية … يأتي أيضاً كحالة أمنية استباقية واحترزاية لوضع حدّ للسياسات والممارسات الايرانية عبر بوابة بغداد وعلى الأرض، ولحرق بعض أوراق إيران مع النظام السوري، وذلك تماشياً مع الاتفاق السعودي – الايراني الذي ينص على تبريد الكثير من المحاور والجبهات ومنها الجبهة السورية .!
——————

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…