في محاولة فك لغز مطار السليمانية: لماذا العملية؟ ومن وراءها؟

حمدو يوسف

تعود أسباب الهجوم الذي تعرضت له طائرة الجنرال مظلوم عبدي في مطار السليمانية، وفق رؤيتي، إلى ما نجم عن نتائج زيارة بافل طالباني في شهر كانون الأول من عام الماضي ٢٠٢٢ إلى مظلوم عبدي في شرقي الفرات، برفقة قائد عمليات العزم الصلب واجتماع الأطراف الثلاثة، التي تمخضت عنه تفاهمات سرية، وإن زيارة مظلوم عبدي تأتي استكمالاً للزيارة السرية التي تقوم بها قسد إلى السليمانية للتدريب العسكري على الأسلحة النوعية بإشراف غرفة عمليات العزم الصلب والتنسيق بين الأطراف الثلاثة على الأهداف المشتركة.
 و إذا عدنا إلى زيارة وفد رفيع المستوى من قيادة قوات مكافحة الإرهاب التابعة لقسد إلى السليمانية، الذين تم ((إسقاط مروحيتهم)) من قبل جهة منزعجة من هذا التعاون، و أرادت الكشف عن عمق العلاقات الجديدة بين السليمانية و قامشلو و غرفة عمليات العزم الصلب.
ففي حادث إسقاط المروحية التي كانت تقل تسعة ضباط من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات قسد كان الأمر سهلا على الجهة المهاجمة لأن الفريق العسكري الأجنبي المرافق لهم كان على متن طائرة مروحية أخرى، ما دفع الجهة المهاجمة للاستفراد بالطائرة التي كانت تقل عناصر قسد، و تضرب عصفورين بحجر واحد، الأول قتل تسعة ضباط من قسد ممن كانوا على مستوى عال من الأهمية، و الثاني الكشف عن التعاون القائم بين الأطراف الثلاثة.
أما في حادث استهداف طائرة الجنرال مظلوم عبدي فكان الأمر يختلف، لأنه كان برفقة ضباط من غرفة عمليات العزم الصلب لذلك فقد اكتفت الجهة المهاجمة بتوجيه رسالة تحذيرية تعبر فيها عن امتعاضها الشديد من مستوى التعاون الذي وصلت إليه بين قوات قسد والتحالف الدولي. 
و تعتبر زيارة رئيس أركان الجيوش الأمريكية إلى شرقي الفرات إيذاناً للبدء بمرحلة نوعية من التعاون مع قسد، و سوف تكشف الأيام القادمة عن المزيد من هذا التعاون بين عناصر التحالف الثلاثي الجديد من خلال زيادة تدريب و تسليح قوات قسد على المستويين النوعي و الكمي كالتدريب على سلاح الدروع، و مضاداتها و على سلاح الدفاع الجوي و مدفعية الميدان.
و قد كتبت في ٣١ كانون الاول ٢٠٢٢ عن دلالات زيارة بافل طالباني إلى شرقي الفرات، وجاء في هذا المقال: 
دلالات زيارة بافل طالباني برفقة قائد قوات عملية العزم الصلب من وجهة نظري 
اولاً – الاجتماع رسالة علنية لأكثر من عاصمة، أنقرة، طهران، هولير، دمشق وكل عاصمة سوف تقرأ هذا الاجتماع من زاوية وقوفها من المشروع الامريكي و كيف سوف تؤثر على علاقة واشنطن بتلك العواصم. 
ثانياً – هو إعلان عن بوادر تشكيل تحالف جديد محوره قامشلو، السليمانية، قنديل تضع القوى الإقليمية أمام خيار التعاون مع إقليم شرقي الفرات كأمر واقع مدعوم من قبل قوات التحالف الدولي بقوة.
ثالثاً- تمتين أواصر التعاون بين قوات التحالف الدولي و عموم أنصار حزب العمال الكردستاني لتعزيز شرعيتهم في مواجهة إقليم كردستان في إطار سياسة واشنطن التي لا تراهن على حصان واحد فقط، و من باب توفير عدة خيارات لها في التعامل مع الشأن الكردي. 
رابعاً – الاجتماع العلني أيضاً إشارة إلى أن العلاقة بين الأطراف الثلاثة انتقلت من مرحلة الشراكة على أسس تكتيكية إلى مرحلة العلاقة الاستراتيجية.
خامساً – هذا المحور الجديد سوف يكون له دور في مجرى الأحداث في المنطقة في الأيام القادمة. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…