الساعات الأخيرة قبل فوات الأوان

صلاح بدرالدين

التراجعات المتدرجة للسياسات الامريكية بالشرق الأوسط ومناطق أخرى بالعالم، وتفاقم الصراعات الحزبية بالداخل، وتردد الغرب الأوروبي بحسم الأمور، وتصاعد الموجة القومية المتطرفة لدى الطغمة الحاكمة بروسيا (بقايا الكاجي بي + مدراء الصناعات الحربية + المافيا العابرة للقوميات ومرتزقة الفاغنر) ومن تجلياتها حتى الان اجتياح أوكرانيا، وتهديد دول أخرى، ثم صعود الصين كقوة اقتصادية – عسكرية كبرى وتوجهها للعب دور الوسيط في حل الازمات ؟ وبعد (وأد) ثورات الربيع وآخرها الثورة السورية المغدورة، والتي انطلقت بالأساس لاجراء التغيير العميق، وتبديل المشهد الاستبدادي بالشرق الأوسط في ظل الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة بالقوة، 
كانت حصيلة كل ذلك بعد اكثر من عقد من الزمان عودة النظم  الإقليمية الرسمية الحاكمة (المنتصرة على شعوبها) للبحث عن تموضعات مستحدثة، وصفقات، واتفاقات ثنائية او جماعية اعتقادا منها بزوغ فجر جديد لنظام إقليمي – عالمي، اكثر امانا لديمومتها، واقل تكلفة لترسيخ نفوذها، ومايشجعها اكثر هو النهج الصيني الذي لايعتمد مقاييس الديموقراطية، وحقوق الانسان حتى بصورة نسبية كما لدى الغرب (الديموقراطي).
  ليس من باب التشاؤم او فقدان الامل القول ان مايجري الان بمنطقتنا من جانب النظم الحاكمة يتجاهل كليا مصالح الشعوب، ويبحث عن سبل تعزيز التعاون الدبلوماسي، والامني، والاقتصادي بين الأنظمة والحكومات – اللاديموقراطية – الحاكمة وتحديد، وتوزيع مناطق النفوذ في مابينها  حيث  فشلت الثورات، والانتفاضات في تغييرها، وعودة الى مصائر قضايانا أقول : ان سوريي (الثورة والمعارضة) ليسوا في وضع يمكنهم التاثير عل مجرى الاحداث، او تغيير وجهتها، لأسباب كررناها مئات المرات ونمل الان من إعادة تكرارها، اما الحالة الكردية السورية فليست بأفضل من سابقتها، حركة سياسية مفككة منقسمة، تحزبات خارج اطار التاريخ، ضياع وتبعية مطلقة للخارج .
  العديد من السوريين والكرد بينهم طال ما نادوا، وطالبوا، واقترحوا، ومنذ أعوام خلت بوجوب تهيئة الظروف من اجل حوارات معمقة للبحث عن سبيل الخلاص، والاستعداد لما هو آت، والشروع في إعادة بناء الحركة الوطنية عامة، والكردية على وجه الخصوص، والتوصل الى توافقات حول التمثيل الشرعي، والمشروع السياسي، واستقلالية القرار، والمطالب الواضحة على الصعيدين القومي والوطني، ولكن وبالتحديد وفي الحالة الكردية رفضت أحزاب طرفي الاستقطاب الكردي كل المبادرات من اجل الحوار، والاتفاق، وتوحيد الحركة، والموقف، والقرار، أقول ذلك اعتمادا على الوثائق، والوقائع، ولكن أقول أيضا في الوقت ذاته ان الوقت لم يفت بعد بالرغم من ضيقه، وتسارع الاحداث .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…