فرهاد محمد علي صبري تسع عشرة سنة على الشهادة البطولية! إلى أرواح أبطال انتفاضة الثاني عشرمن آذار

 

إبراهيم اليوسف
 
تمر الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد فرهاد محمد علي صبري 8-4-2004، ولأول مرة، في غياب والده الصديق أبي فرهاد الذي توقف قلبه عن النبض، في زيورخ- سويسرا، قبل أشهر، فحسب، من دون أن ننسق على العادة، كما كان يتم في كل سنة، سواء أعندما كنت في الوطن، أو بعد أن هاجرت خارجه: في الإمارات- ألمانيا،  إذ يتصل بي هو وشقيقه أحمد: اقترب موعد إحياء ذكرى فرهاد، ماذا نفعل؟ فأبدي برأيي، حول شكل الاحتفالية، لأتبني الجانب الإعلامي -سلفاً- وأدون خبر الدعوة لإحياء الذكرى، وكان ذلك جد خطر، في ظل النظام الاستبدادي الحاكم، بعد أن تحولت ذكراه إلى يوم لتحدي آلة الرعب.
من هنا، فإنني لأجدني خلال هذه السنة، أحمل مسؤولية- أكبر- في غياب أبي فرهاد، كي أنسق مع آخر أخوته – زردشت علي- من أجل استذكار الشهيد فرهاد، باعتبار الشهيد فرهاد غدا رمزاً للمقاومة في السجن، بشهادة زملائه الذين اعتقلوا معه بعيد انتفاضة الثاني عشر من آذار 2004، وكان قد اعتقل بسبب نقله الجرحى يوم 13 آذار، بسيارته إلى مشافي قامشلي، غير مبال بالرصاص الذي كان يستهدف كل من يظهر في الشارع، ظهر ذلك اليوم، ولم تسلم سيارات نقل الشهداء منها، كما حدث مع عدد من القياديين ومنهم الشهيد مشعل في إحدى السيارات، قرب بلدية قامشلي.
 لقد تم تعذيب الشهيد فرهاد، بقسوة، كما غيره، وطلب منه أن يشتم بعض رموز الحركة الكردستانية، كما وصلنا ذلك، على ألسنة المعتقلين، ونشرناه، في كتاب توثيقي خاص، سأتوقف عنده، خلال هذا المقال الاستذكاري، إلا إنه واجههم بشجاعة، و رفض بشدة، باصقاً في وجه المحقق وهناك من أدلوا بهذه الشهادة التي نشرتها و دونتها في جزء خاص من كتبي التوثيقية عن الانتفاضة، وأبطالها، ما أدى إلى تعذيبه حتى الموت، وتسليم جسده الطاهر لبعض وجوه العشائر- الكردية- وممثلي عشيرته – هكذا- وتجاهل أحزاب الحركة الكردية التي كانت مستهدفة، على نحو أشد، في تلك المرحلة.
لم نستطع المشاركة، في تشييع جسد الشهيد الطاهر في مقبرة- محمقية- لأنه فرض على أسرته دفنها فجراً، لكنني وبعض ذويه: نواف عبدالله- وابن العم الراحل الحاج عبدالكريم، ضمن وفد وبوساطة” باص” السيد – رفعت حمي جبلكراوي- أبي آزاد- من الهلالية. رجل المهمات الصعبة، الحاضر دائماً في هكذا مناسبات، توجهنا إلى خيمة العزاء، وأتينا بصورة للشهيد، ونشرنا الخبر على نطاق واسع، عبر مواقع الإنترنت، وهكذا فعل سوانا، عبر وسيلة النشر- الأكثر حضوراً- مواقع الإنترنت – البطلة- التي واجهت آلة النظام: عامودا- عفرين- تيريج- …… إلخ- و كانت تعمل على نقل الخبر، على امتداد الأربع وعشرين ساعة، من المواقع الخاصة المستقلة، ضمن متابعاتي، وعذراً من عدم تذكر أسماء  بقية المواقع – بسبب التقادم بعد حوالي عقدين من الزمن-، ونشأت في فترة الانتفاضة مواقع أخرى، منها موقع أطلق في أوربا” قامشلو” ربما، كان نتاج اتحاد مواقع عدة،، وعمل فيه خيرة الزملاء الذين كنا على تواصل مع أكثرهم، كما عدد من المتطوعين الذين لابد من توثيق أسمائهم، باعتبارهم أدوا مهمتهم، بشجاعة، رغم إن ذوي أكثرهم ممن كانوا يكتبون بأسمائهم الصريحة كانوا تحت التهديد في ظل آلة التهديد والرعب!
استعنت آنذاك بفريق من الأصدقاء والصديقات المقربين جداً، ضمن دائرة فريق صغير، لاعتبارات ضرورية، وهم: أحمد حيدر- أمينة بيجو- أيهم اليوسف الذين أداروا تلك الاستذكارية، بشجاعة منقطعة النظير، وذلك بالتعاون مع أسرة الشهيد التي بذلت جهداً جد كبير، في إنجاح ترتيبات المكان: آلاف الكراسي- أجهزة الصوت والتصوير- إلخ، مما تبنوا تأمينه.
ما يهمني -هنا- ونحن في حضرة الذكرى السنوية لاستشهاد فرهاد محمد علي الذي تحول إلى أيقونة للشهادة، أنه تم التواصل مع أسرته بعد أن فشلت في إقناع – من كان ملزماً بإحياء ذكراه السنوية الأولى، بأن نقيم هذه الذكرى، وكانت المهمة جد صعبة، وقد تحدث والد الشهيد فرهاد في لقاءات مصورة – تلفزيونية- عن كل ذلك، فذهبت والأصدقاء: مسعود ديواني- صلة الوصل والصديق الصدوق للشهيد فرهاد- و أحمد حيدر و سيامند ميرزو، والتقينا والده، وكان هناك القيادي في حزب الوحدة : أ. عبدالقادر خليل وآخرون من ذوي الأسرة، تبنينا إقامة الذكرى السنوية الأولى التي كسرت حالة الرعب التي كرسها النظام، على امتداد سنة كاملة، على نحو أشد، مما قبل، وأقمنا الاستذكارية التي حضرها الآلاف، وألقيت فيها كلمات التحدي، ومن بين الراحلين الذين ألقوا كلماتهم: الشهيدان الشيخ معشوق الخزنوي ومشعل التمو، إلى جانب المعارض و الصحفي: علي عبدالله، وآخرين، وجميع الكلمات الملقاة، موجودة في كتاب- مدائح السوط: وقائع إحياء الذكرى السنوية الأولى للشهيد فرهاد محمد علي صبري- إصدار منتدى الثلاثاء الثقافي- طباعة نهاد أسكان عن طريق مسعود ديواني وأبي الشهيد – وهو الكتاب – الذي جهد في تنضيده بعض أبنائي، والصديق أحمد حيدر، وهكذا رضوان محمد الذي كانت له حصة في ذلك، وثمة نسخة له عبر الإنترنت.
 
كلمة الشهيد محمد معشوق الخزنوي التي ألقاها بخبرته- الثقافية والخطابية كرجل دين كارزمي وكوطني مخلص- وتضاعف حماسه، عبر الحضور العملاق الذي ضاقت به ساحة – المزرعة الكبيرة- فاحتشد الناس بأعداد هائلة، خارج المكان، و ندم من لم يشارك في الاحتفالية- لأسبابه- وصارت إحدى محطات التحدي الكردي، في ذاكرة مواجهة- بل مقاومة النظام- سلمياً، وظلت حالة تنفس الصعداء هذه،، متواصلة، إلى أن استطاع النظام الانتقام في الخامس من حزيران 2005، بعيد استشهاد الشهيد محمد معشوق الخزنوي، وهوما كتبت عنه في مقالات بعنوان: حفلة سفر من أجل 5 حزيران.  
 
 
،طبعاً، أجهزة أمن النظام استنفرت من أجل التأليب على المشاركين، عبر أدواته المعروفة تاريخياً، وتم تهديد كثيرين، وكان ثمة من هم معروفون يديرون لعبة النظام، إلا إنه تم فضح آلياتهم، وسلوكهم المشين، كجنود تحت الطلب
لروحك صديقي- أبي فرهاد- و لروح نجلك  الشهيد فرهاد السلام
لأرواح جميع شهداء  شعبنا وكل من ناضل من أجل حرية واستقلال شعبه ورسالته والإنسانية السلام
يتبع…….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…