هل الائتلاف بوابة الدبلوماسية الوحيدة كردياً ؟

شادي حاجي
كثيراً مانسمع من قياديي المجلس الوطني الكردي في سوريا من خلال لقاءاتهم وتصريحاتهم الإعلامية أن أحد أهم أسباب تمسكهم بعضويتهم في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية بالرغم من الدور الذي لعبه الائتلاف وجيشه الوطني الحر والفصائل الاسلامية المسلحة التابعة لهم والمتعاونة والمتواطئة مع الجيش التركي في احتلال كل من عفرين وسري كانييه وگـري سپي والجرائم التي ارتكبوها في تلك المناطق الكردية من القتل والخطف والاعتقال والتهجير والتغيير الديمغرافي وآخر تلك الجرائم مجزرة جنديرس العنصرية. 
لماذا يامجلسنا فرض هذا الخيار الوحيد الذي يسمح لكم ومن خلال الشراكة مع الائتلاف حضور المحافل الدولية والتواصل مع مسؤولي القوى الاقليمية والدولية الفاعلة في الأزمة السورية ؟
أليس لديكم أفضل من هذا الخيار الذي حجم دور الشعب الكردي في سوريا الذي يناهز تعداده 15% من سكان سوريا، ويمثل القومية الثانية في البلاد وقزم قضيته العادلة؟ 
ناسين أنه ومنذ أن وجدت الخليقة ظهرت الدبلوماسية والعلاقات كضرورة للتكامل والتنمية واستمرار الحياة على مستوى الأفراد والشعوب والدول والتي اتخذت بمرور الزمن أبعاداً مختلفة أخرى سياسية، اقتصادية، ثقافية، اجتماعية، رياضية وعلاقات صداقة بين القوميات والشعوب والدول وناسين أيضاً ماهو أهم أن الشعب الكوردي وعلى امتداد تاريخه الطويل سعى لبناء علاقات صداقة وتعاون وفقاً لمقتضيات ظروفه الجغرافية والسياسية ومصالحه المشتركة مع شعوب المنطقة والعالم، ولا يزال الشعب الكردي في سوريا بمختلف أحزابه ومنظماته ومثقفيه يؤمن إيماناً راسخاً أن الحوار والدبلوماسية هو السبيل الأفضل والأمثل لحل قضيته العادلة وحل أية خلافات أو صراعات داخلية بين الأحزاب والمنظمات الكردية أو بين الشعوب والدول بهدف العيش في حياة آمنة ومستقرة بعيدة عن الحروب والصراعات، وهذا لا يعني أبداً عدم السعي الى امتلاك كافة أسباب القوة في كل الحالات في السلم والحرب .
على المجلس ألا يستهين بالقدرات والإمكانيات والمؤهلات المتوفّرة في صفوفه من حزبيين ومؤيدين ومناصرين، وبين أبناء وبنات الشعب الكردي في سوريا من المثقفين وأساتذة الجامعات والمئات من خريجي الجامعات بمختلف الاختصاصات، ليس هذا فحسب بل هناك مئات الألاف من المغتربين الكرد السوريين في أوربا، ولديهم عشرات الجمعيات والمنظمات التي تشكلت خلال أكثر من عقدين من الزمن، حاولت ومازالت تحاول بناء علاقات متوازنة مع حكومات وبرلمانات ومنظمات الدول المقيمين فيها مع وجود مئات الطلاب الكرد الذين يتابعون دراساتهم في الجامعات الأوربية والذين تخرجوا من تلك الجامعات بمختلف الاختصاصات .
ألا يعني كل ماسبق أن هناك أكثر من خيار يمكن استثماره في الجانب الدبلومسي إذا كنا صادقين ؟ فقط يتطلب من المجلس المزيد من الإخلاص في العمل وإجراء عملية مراجعة شاملة، ودراسة كل هذه الأمور والعمل على توظيف لن نقول كل بل بعض أصحاب هذه القدرات والامكانيات والمؤهلات في الوقت والمكان المناسب في الداخل والخارج، والعمل على خلق منظومة دبلوماسية تتمثل بمكتب للعلاقات الدبلوماسية الخارجية لإدارة الملفات المختلفة التي تخصُّ سياسات المجلس من دون أيّة ضغوط من هذا الطرف أو ذاك، وهذا ليس بأمر مستحيل، ويمكن للمجلس الاستفادة من تجربة إقليم كوردستان، فلو نظرنا لإقليم كوردستان الذي قام ببناء علاقات وثيقة مع الدول المحيطة بعد عقود من النضال والتضحيات حيث سعى، وبذل كل ما في وسعه من قوى ناعمة لطمأنة تلك الدول على أن الهدف من إنشاء الاقليم هو لترسيخ الأمن والاستقرار والصداقة بين شعوب المنطقة والعالم .
لقد نجحت الدبلوماسية الكوردية في الإقليم ببناء شبكة علاقات متزنة ومهمة في جميع المجالات مع العالم بناءً على المصالح المشتركة، وبالأخص السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بغية تطوير المجتمع الكوردستاني وضمان حقوقه ومصالحه بالرغم من كل مايعانيه الاقليم من صراعات ومشاكل داخلية وتضارب المصالح بين دول المنطقة بعضها مع بعض من جانب، والقوى العالمية من جانب آخر، والذي أضاف عبئاً كبيراً على منظومته الدبلوماسية، وهذا ماجعل الاقليم وقبل اتخاذ أي موقف أو قرار أن تؤخذ مصالح الدول الكبرى والدول المحيطة بنظر الاعتبار .
السياسيون الأكارم في المجلس الوطني الكردي في سوريا، وأخص بالذكر من بيده الأمر لكي ترتقي الدبلوماسية الكردية في الداخل والخارج إلى المستوى المطلوب الوصول إليه، وتتمكن من التعامل مع المحيط الخارجي الذي تخالطه بايجابية، وتؤدي المهام العاجلة الملقاة على كاهلها، ينبغي عليكم في الداخل أن تتحملوا مسؤولية المعركة والنضال السياسي السلمي نحو الحرية .
المعركة التي أحد أهم أدواتها الدبلوماسية الفاعلة والنشطة والداعية لرسالتها النضالية والحضارية.
والتي نأمل أن تهتموا اهتماماً جدياً وعملياً لهذا الجانب الحيوي، وتختاروا أو تنتخبوا وفق اتيكيت وبروتكول مقومات الدبلوماسي الناجح بحيث يتوفر في من سيختار للعمل الدبلوماسي أن يتوفر فيه مزيجٌ من العلم والفن معاً، حيث جانبه العلمي يتطلب أن يكون على درجة عالية من العلم والمؤهل العلمي بمجالاته المتعددة علم القانون الدولي والعلاقات الدولية والعلوم السياسية، ويكون على معرفة بالإطار القانوني والاتفاقي لتلك العلاقات وبتقاليد فن التحاور والتفاوض، أما الجانب الفني أن تكون له دراية تامة بتاريخ وحضارة وتراث شعبه وبلاده ومؤسساتها ومواردها وقادراً على فهم استراتيجيات الدول الكبرى وخاصة الفاعلة في المنطقة مباشرة .
كما أن العمل في السلك الدبلوماسي يقتضي أيضاً فهم (ميكانيزم) عمل المنظمات الدولية والاقليمية ليس هذا وحسب، فإلى جانب ماسبق هناك بعض الأمور التي تتعلق بالشكل والمظهر، وأناقة الدبلوماسي، واتفاق ملابسه مع عمره ومركزه الدبلوماسي، علماً أنه لدينا نحن الكرد السوريين الكثير من الكفاءات التي تنتظر فرصتها، ولديها الموهبة الدبلوماسية والمعرفة القادرة على تغيير الكثير من المواقف والمعادلات الداخلية والإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية في سوريا كما فعل أشقاؤنا الكرد في إقليم كوردستان عندما انتصروا خلف طاولات التفاوض دون أن يفقدوا أي بريق من انتصاراتهم في الجبال .
يبقى أن أقول لسياسيينا المحترمين .. ومجلسنا الموقر:
ارجعوا الى الشعب ومثقفيه وقواه السياسية والمجتمعية واسمعوا إليهم وشاركوهم في صناعة القرارات السياسية المصيرية، واعملوا على إيجاد آليات لكسبهم الى جانبكم، ولا تبتعدوا عن هولير مركز القرار الكردي، وعن الرئيس مسعود البارزاني والاستفادة من حكمته وخبرته وحنكته ومتابعته وإشرافه وإخلاصه للقضية الكردية فهو والمؤسسة الدبلوماسية التي يستند ويعتمد عليها كان ومازال أقوى وأمتن سلاح للدبلوماسية الكردية على الصعيد الكوردستاني والإقليمي والدولي .
أخيراً، وليس آخراً أقول:
إن بوابة الائتلاف ليست الخيار الوحيد للدبلوماسية كردياً، بل هناك أكثر من خيار وأفضلها إذا أحسنتم استثمار القدرات والإمكانات والمؤهلات العلمية المتوفرة في المجتمع الكردي في سوريا في المكان الصحيح .
فالإئتلاف لم يعد الائتلاف الذي اعترفت به أكثر مئة وعشرين دولة ، حالياً فقد تحجّم وضعه إلى حد يرثى له، وليس له مجال يتحرك فيه سوى أنقرة، ولم يعد كما كان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…