أَخرجـوا من حياتنـا

ديـــار ســـليمان

كفــــى! لقد فرغت قامشلـو و عفرين وكوباني و ما حولها من الشباب الكـورد، لقد استنزفت طاقاتها و لم يعد هناك المزيـد لتقديمه على مذبح أخطـاء وتنظـيرات وهلوسـات ذلك التنظيم ـ السـلخانة الذي يعمـل تحت أسم حزب العمال الكوردستاني.
 فمنذ إن دخـل هذا التنظيم في حياتنا أخذ من شـبابنا أضعـاف ما أخذ ذلك المـأفون ضحـاك و لم يرتوي بعد بل إزداد إدمـانه لدمائنــا التي تم إعـدادها في مطـابخ الأسـتخبارات السوريـة و تصديرها معلبة في أوانٍ القاها حظهـا العاثر في شـبكتها العنكبوتية والتي سبق لها أن تلقفت بضعة هاربين عبر الحـدود التركية فاخضعتهم لعمليات تدجـين و عقدت معهم تحالفـآ شيطانيآ تقدم لهم بموجبه المـلاذ الآمـن مقابل قيامهم بتهريب هذه الدماء الزكيـة الى ما وراء الحـدود لضخهـا في الجـرح المسمى (الشمال العربي و خاصرتي تركيا و ايران)
بعد نـزع ذلك (الخنجـر) الخطـرالمسمى الكيـان الكـوردي منها، أو بأتجـاه تركيـا في العملية المسمـاة (حمايـة الفـرات) لاجبارها على الحفـاظ على تدفق هذا النهـر حتى و لو كان دمـاءً بـدل مـاء، إضافة الى إدخال سلوكيات شـاذة من قبيـل زرع الشقاق حتى بين أفراد العائلة الواحدة و الضرب و التشويه الجسماني و عقد محاكم ميدانية! تصدر قـرارات القتـل التي  تذكر بالتصفيات التي تقـوم بها عصابات المافيا، كل ذلك تحت سمع و بصر لابل بتوجيه السلطات السورية، و من ينجـو من ذلك تم تحضـيره ليهيم على وجهـه تحت شـعار: ليبـدأ موسـم الهجـرة نحو الشمال، الذي أطلقه زعيم ذلك التنظيم الذي من ضمن ما يتمتع به من مواهب كثيرة تحول الى ما يشبه بعثة أثـرية فادعى انه أجـرى دراسات تاريخية! اكتشف بموجبها أن لا أكراد في سوريا، وانهم قادمون من تركيا وانه سيعيدهم بالاتفاق مع الحكومة السورية من حيث أتـوا، فـبز بذلك عتـاة العنصريين العرب.
إن إمكانيات قامشلو البسيطة لا تناسب مشاريع هذا الحـزب و لا تلبي طموحات بقاياه المسمى الاتحاد الديمقراطي، فأمور مثل تجنيس الأجانب وإزالة المظالم القومية واستبدالها ببعض الحقوق القومية و(بعض المناكفات الحزبية) تكاد تجاوز إمكانيات مدينتي الحبيبة، فلماذا التضحية بآخر كوردي فيها في سبيل مشاريع وهمية لا تعنيه في شـئ، فما يطرحه هذا الحزب من قضايـا خيالية و آخرها شـعار (الجمهورية التركية الدمقراطية) تحتـاج الى مـلايين الكـورد في ساحة هذا الحزب الحقيقية في كوردستان تركيا ما دام يتبنى مثل هذه القضايا التي كانت قبل ذلك دولة كوردستان المستقلة والتي أهدر البسطاء الكثير و هم يحلمون بها و لا نعلم ماذا سيأتي بعدها و ما هي التوجيهات المقبلة لمبتكر هذه المشاريع، ثم أين هؤلاء الملايين الذين لم نسمع لهم صوتآ خاصة خلال الأزمات الأخيرة التي اختلقها ذلك الحزب الذي لا يعيش إلا على الأزمـات بعد أن بدأ البساط يسحب من تحت أقدامه نتيجة ظروف التهدئة السائدة، تلك الأزمـات التي ابتلـى بها كالعاة بدلآ عنهم الكـورد في سوريا و في اقليـم كوردستان، و بمناسبة الحديث عن أخوتنا الكورد في كوردستان تركيا، فقد تبين لنا بأنهم لا يعرفون عنا و عن سلسلة العقوبات المفروضة علينا شيئآ، و يبدو بأن إعلام حزب العمال كان من القوة بحيث أن الكثير منهم لا يعرف حتى الآن بوجودنا ككـورد و يعتبر كل السوريين عربـــآ.
الشهيـــد عيسى خليل ملا حسن، ان قلبي انفطـر لسماع نبأ استشهادك، أدين يد الغدر التي أطلـقت الرصـاص على جسدك الطاهر، بالقـدر ذاته تلك التي جعلتك دريئة تختفي ورائها لتنفيذ مشاريع مشبوهة، و اعتبرالأثنتين شريكتان في قتلك.

03.11.2007  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو لم تُكتب الحقوق يومًا على أوراق الهبات، ولا وُزّعت بعدلٍ على موائد الأقوياء. الحقوقُ لا تُوهب، بل تُنتزع. تُنتزع بالصوت، بالكلمة، بالفعل، وبالإيمان الذي لا يلين. نحنُ الكُرد، أبناء الجبال والريح، لم نكن يومًا طارئين على هذه الأرض، ولا عابرين في ليلِ الخرائط. نحن الأصل، نحن الجذر، نحن الذين إذا تحدّثوا عن النكبات كان لحنُها لغتنا،…

صلاح عمر   في كل مرة تلوح فيها تباشير الأمل في أفق القضية الكردية في كردستانسوريا، تظهر إلى العلن أصوات مأزومة، تأبى إلا أن تُعيدنا إلى الوراء، أصوات لا تُتقن سوى صناعة الضجيج في وجه أي محاولة صادقة للمّ شمل البيت الكردي الممزق. الحقد، يا سادة، ليس موقفًا سياسيًا، بل مرض نفسي. الحقود هو إنسان معتقل من الداخل، سجين قفصه…

اكرم حسين في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الكردية السورية جُهوداً متقدمةً لتوحيد الصفوف من خلال عقد “كونفراس ” كردي جامع يضم مختلف القوى السياسية والمنظمات المدنية والفعاليات المجتمعية، بالتوازي مع الاتفاق المبرم في العاشر من آذار بين قائد قوات سوريا الديمقراطية وحكومة أحمد الشرع الانتقالية، تفاجأ المواطنون في مناطق “الإدارة الذاتية” بقرارٍ غيرِ مدروس ، يقضي برفع…

عزالدين ملا بعد ما يقارب عقد ونصف من الحرب والتشظي والخذلان، وبعد أن استُنزفت الجغرافيا وتفتتت الروح، سقط بشار الأسد كأنّه خريفٌ تأخر كثيراً عن موعده، تاركاً وراءه بلاداً تبدو كأنها خرجت للتو من كابوس طويل، تحمل آثار القصف على جدرانها، وآثار الصمت على وجوه ناسها. لم يكن هذا الرحيل مجرّد انتقال في السلطة، بل لحظة نادرة في…