سوق الهال وحده علاج الحال

المحامي عماد الدين شيخ حسن

في قريتي كغيرها من القرى كانت تكثر القطط والكلاب الشاردة، وكانت تسبب المشاكل والازعاج في بعض الأحيان، إلى أن اتى ابن قريتي وجاري بكر بالحل يوماً.
فبكر كان سائق ميكروباصٍ صغير وكانت له سفريات شبه يومية الى حلب ولا سيما في موسم أوراق العنب وبيعها في سوق الهال بحلب، حيث وفي كل سفرةٍ كان يضع واحداً أو بعضا من تلك الكلاب والقطط في كيس خيشٍ ويأخذها معه ويطلقها في سوق الهال هناك، لدرجةٍ أن أهل القرية باتوا يلجأون اليه حال رغبتهم في التخلص من حيوانٍ أو بعض تلك الحيوانات.
والطريف في الموضوع هو أن أهل القرية باتوا يستحضرون هذا الأمر تشبيهاً ومثلاً حال الحديث عن شخصٍ أو ابنٍ عاقٍ أو مزعجٍ أو عديم الفائدة، فيقولون ضعوه في كيس خيش وأعطوه لبكر ليطلقه في سوق الهال. 
ومناسبة روايتي لهذه الواقعة هي أنني في كل بلاءٍ نبتلي به، أنظر الى حال أحزابنا وقياداتنا وأصحاب المؤهلات والشهادات العلمية لدينا، وأرى عقمهم وعجزهم وانعدام حيلتهم، أتذكر على الفور كيس الخيش وبكر وسوق الهال. 
وما دعاني الآن تحديدا الى تذكر سوق الهال مجددا وبالتالي كتابة هذا المنشور هو أنني وبخصوص جريمة نوروز جنديرس البشعة بحثت طويلا في موقع غوغل لأرى فيما إذا كان أحدٌ ما، من وقت الجريمة الى حين اللحظة قد أحاط أو تصدى  للجانب أو التوصيف القانوني للجريمة أم لا؟
للأسف الشديد لم أجد أي أثر لذلك اطلاقا.
لذلك فالحمل والمسؤولية كما كل مرة هي مسؤوليتك يا ابن قرية بكر، والاحزاب والقيادات وأصحاب الرفعة والفخامة والعظمة من أهل المؤهلات والعلم مستواهم جميعهم أرفع من أن ينزلوا منزلة مهمةٍ كهذه أو اعتصامٍ أو احتجاج.
لا عليكم … سأقوم بالمهمة اعتبارا من الغد وأثناء عملي الممتد من السابعة صباحا الى العاشرة ليلا.
وإلا فأكياس الخيش لا تسعنا.
المانيا..٢٠٢٣/٣/٣١

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…