فيدرالية اقليم كردستان على مفترق طرق

مرشد اليوسف
 m.yousef2@yahoo.com

التحديات التي تواجهها فيدرالية اقليم كردستان العراق في هذه المرحلة تحديات مصيرية تستهدف وجود الاقليم برمته, و سواء كانت هذه التحديات عراقية داخلية أوخارجية اقليمية فانها حقيقية وان تدرجت الاتجاهات والمستويات بين الاعتراض على شكل الفيدرالية, وعلى مضمونها , وعلى وجودها , ويمكن تصنيف الاتجاهات والمستويات وفق مايلي:
1- العراقيون:

– العراقيون المعترضون شكليا:هؤلاء يؤيدون الفيدرالية ويعتبرونها حق طبيعي للأكراد ولكنهم يعترضون على بعض صلاحياتها وهذه المسألة قابلة للتفاهم.
– العراقيون المعترضون على المضمون:هؤلاء لايؤيدون الفيدرالية وينكرونهاعلى الشعب الكردي  ولكن وضعهم السياسي وتراتبيتهم في المعادلة العراقية الحالية لاتؤهلهم للجهر يرأيهم ولهذا نجدهم يعترضون على الصيغة بين أن تكون فيدرالية مناطقية أوفيدرالية قومية وجغرافية وهم في حقيقة الأمرلايعترفون بحق الأكراد في الفيدرالية ولا يعترفون أصلا  بالخصوصية الكردية في العراق.

– العراقيون المعترضون على وجود الفدرالية:هؤلاء يجاهرون برأيهم وينكرون حق الأكراد في الفدرالية و يجاهرون بعداءهم لحقوق الشعب الكردي.

2- دول الجوار:
 وينقسمون بين مؤيد ,ومؤيد بالمطلق, ورافض بالمطلق.
– المؤيدون: مصر ولبنان والأردن مع بعض التحفظات.

– المؤيدون بالمطلق: العربية السعودية ودول الخليج.

– الرافضون بالمطلق: منهم من يجاهر برأيه مثل تركيا ومنهم من لايجاهر برأيه لأسباب خاصة ويمثلهم ايران.
والحقيقة أن هذا التصنيف لايلامس جذر المشكلة بل هو توصيف لسطح القسم الظاهر من جبل الجليد, بينما الجبل ذاته يتحرك ويتفاعل في العمق, والنزاع الحالي بين تركيا وحكومة اقليم كردستان من جهة وبين تركيا وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى من أخطر تداعيات المشكلة في الوقت الراهن, وتلقي بظلالها على المنطقة برمتها ولكن دعونا نرجع الى جذر المشكلة ولنأخذ تركيا كنموذج لجهة حيثيات المشكلة والوقائع والمسلمات والنتائج ومن ثم تجربة اقليم كردستان العراق.
الحيثية الكردية في تركيا:
 الحالة الكردية في تركيا الحالية حالة سكانية ومجتمعية وتاريخية وجغرافية وحقوقية سابقة لقيام الدولة التركية الحديثة بآلاف السنين,واستمرت الحالة الكردية بشكل متميز أثناء الحكم العثماني ,والتراتب بين الدين والسياسة والقوميات الذي تعاطت الدولة العثمانية على أساسه مع الشعوب والجماعات الأخرى لم يكن هامشيا ومرحليا في مسيرة الحكم العثماني الطويل وذلك بسبب تمسك الشعوب وخاصة الشعب الكردي بخصوصياته الأمر الذي فرض على الدولة العثمانية اسلوبا ونهجا من التعاطي بحيث أبقى على تعددية نموذج الحكم العثماني كأمر واقع.وبالمقابل فالدولة العثمانية التي أثبتت هيمنتها وحكمها بالقوة على الشعوب لم تستطع تخطي كيانات الشعوب المجتمعية والقومية التي اعطيت حق الاحتفاظ بخصوصياتها وممارسة استقلالها الذاتي تحت السيادة العثمانية وذلك وفق ما أقره نظام الملة العثماني, , ,بل أن الدولة العثمانية التي كان عليها تطبيق الشريعة وجدت نفسها  مرغمة على تبني العديد من تشريعات الشعوب والقوميات التي ضمتها تجاوبا مع مصلحة الدولة والاستقرار السياسي , ,ويمكن القول أن النظام العثماني احتوى الشعوب المغلوبة ضمن مجموعة من النظم والقوانين والممارسات التي أبقت على خصوصية تلك الشعوب والقوميات الى حد كبير, وحدوث التحولات في النظام العثماني اندرج ضمن  تحولات التاريخ القومي والسياسي والاجتماعي والثقافي  للشعوب المغلوبة, وهذه التحولات شكلت  بمجموعها أهم  العوامل التي أدت الى انهيار السلطنة , ويمكن القول أن النظام العثماني حمل قي أحشائه عوامل تفككه وأهمها حالة الرفض الضمني والعلني والنزعة الاستقلالية لدى الشعوب في منطقة التوسع العثماني ,بالاضافة الى الثورات التي بدأت بالتحرك منذ مطلع القرن الثامن عشر في  كردستان ( ثورة عبيد الله النهري 1880وثورة البدرخانيين 1842وثورة حكاري وبوتان1853 وانتفاضة ديرسم الأولى 1877 )
ولم تنفع الاصلاحات التي أطلقها السلطان محمود الثاني والتي سميت بخط شريف كولهاني في عام1839,وطرح السلطان من خلال هذا الاصلاح فكرة عثمانية السلطنة التي يتساوى فيها جميع الرعايا من حيث الحقوق والواجبات كمحاولة لانقاذ وحدة الدولة والمجتمع ,وكبديل سياسي لتعددية التركيبة المجتمعية,لكن هذا الشكل من الاصلاح لم ينجح,فما خلفته مراحل الانحطاط  والتآكل والتفرقة العنصرية بين الأتراك وبقية رعايا السلطنة حال دون نجاح اصلاح كولهاني, ولم تصمد الاصلاحات عموما في مواجهة التحديات لسببين يتعلقان ببنية نظام السلطنة:
 1- الذهنية التركية لم تستوعب مفهوم الحداثة التي ظهرت في أوربا  في عصر النهضة من الناحية المجتمعية ولجهة الانتقال من الانتماء القبلي الديني الى المواطنية ودولة المؤسسات.
2- ظلت الأقليات جسما غريبا في كيان السلطنة بالرغم من اثبات كفاءتها وجدارتها في مختلف مجالات الحكم والسياسة والاقتصاد.
و تحولت  ايديولوجية التفوق التركي الى عقدة التخلف في مرحلة بات التقرب من النموذج الأوربي في السياسة والاقتصاد ونظام الحكم عنوان الرقي والتقدم, وكان لابد من تخطي هذا الواقع بحدوث شيئ ما و تحولت الدعوة الى الاصلاح  الى ظهور تيارات فكرية استلهم خلالها المثقفون والسياسيون والمفكرون الأتراك تجارب أوربا العلمانية والقومية والثقافية في معالجة مشاكل المجتمع العثماني التعددي ,واستهوت العلمانية العديد من المفكرين الأتراك,وبرزت فكرة القومية كايديولوجيا لحل مشاكل الدولة والمجتمع ,وتحولت فكرة العثمانية وأخذت مفهوما طورانيا  واسلاميا:
1-المفهوم الطوراني:يعني صهر كل  القوميات والعناصر المجتمعية في اطار وحدة قومية تركية داخل السلطنة العثمانية انسجاما مع اسطورة التفوق القومي التركي المزعوم.
2- المفهوم الاسلامي: يعني الاحتفاظ بالمناطق ذات الأغلبية الاسلامية بما فيها المنطقة العربية والكردية من السلطنة مع فرض هيمنة العنصر التركي.
ودار الجدل بين دعاة الطورانية ودعاة الاتحاد الاسلامي حول الصيغة السياسية والادارية المثلى التي تحافظ على بقاء السلطنة وتبقي على زعامتها في العالم الاسلامي أوتعود السلطنة الى جذورها التركية (النقية) التي تربط بين مختلف الشعوب التي تنطق باللغة التركية,لقد كان المفهومان مختلفان حقا, وتباعدت الأراء والحلول, وقامت ثورة تركيا الفتاة عام1908 التي تبنت  مفهوم الطورانية وسياسة التتريك,وكانت ردات الفعل متباينة,ونادى الأكراد بالقومية الكردية وتم رفض الانصهار من قبل الجميع, وتسارع الاتجاه نحو الطورانية كوسيلة لانقاذ ما يمكن انقاذه, ووقعت الحرب العالمية الأولى وانهزم الجيش التركي أمام قوات الحلفاء,وتضاعف التشنج القومي التركي,وقرر الحلفاء المنتصرون تصفية تركة السلطنة العثمانية وتحويلها الى مناطق نفوذ بما فيها المنطقة الكردية وفق اتفاقية سايكس بيكوعام1916, وفي عام 1920 وقع الحلفاء اتفافية سيفر بشأن حق تقرير المصير للشعب الكردي والأرمني,
وفرض أتاتورك بدهاء على السياسة الدولية ولادة تركيا المعاصرة على أنقاض الجزء الأكبرمن كردستان وأرمينيا واليونان,وألغى الحلفاء بناء على طلب أتاتورك اتفاقية سيفر وابدلوها باتفاقية لوزان ,وأدخلت القضيتان الكردية والأرمنية في نفق مظلم ,وحفظتا في أرشيف القضايا الدولية, وهكذاحلت المصالح مكان القوانين الدولية وحلت التوازنات مكان العدالة,وكانت معاهدة لوزان انتصارا للشر على الخير وانتصارا لتركيا وأتاتورك حيث اعترف الحلفاء باستقلال تركيا وسيادتها على جميع المناطق التي اعتبرها المغتصبون الأتراك المدى الطبيعي لدولتهم بما فيها الجزء الأكبر من كردستان والولايات الشرقية الأرمنية, ,لقد نجحت محاولة مصطفى كمال بقدر ما حملت من ثغرات ومخاطر لم يستطع تجاوزها أو القضاء عليها في اندفاعه الثوري وسياساته نحو تحديث تركيا دولة وشعبا ومجتمعا,
الوقائع التاريخية:
شكلت القضية الكردية أهم الثغرات  والمخاطر التي اعترضت مسيرة نظام أتاتورك,ويرى المؤرخون أن الرئيس أتاتورك رغم تحالفه في البداية مع الكرد لرسم الطريق من أجل تحرير الوطن( وأعطاهم وعود تتعلق بمصيرهم السياسي على أساس الاتحاد في مؤتمر أرضروم  وسيواس ) الا أنه تنكر لوعوده وأعلى من شأن القومية التركية الطورانية ,وسن دستور لايقبل بالوجود السياسي للقوميات الأخرى داخل تركيا, وكتغييب ونفي للتميز القومي للأكراد أطلقت دولة أتاتورك تسمية أتراك الجبال على الكرد,وتفاقمت المشكلة الكردية جراء اقصاء الشعب الكردي الذي يشكل 25%من سكان تركيا وبدأ الصراع الكردي التركي,وقامت ثورة الشيخ سعيد بيران في عام 1925على قاعدة الحقوق القومية الكردية,وتلتها ثورة جبال أرارات بقيادة الجنرال احسان نوري باشاعام1927وثورة السيد رضا في ديرسم عام1937, وثورة ساسون وغيرها .
–  المسلمات:
– أثبتت التجربة التركية أن سياسة الاقصاء والتهميش والفمع والمذابح والامحاء وانكارهوية  الشعب الكردي البالغ 20 مليون وأكثر طوال قرن مضى لم تجد نفعا ,ولم تخلص تركيا من هاجس التقسيم, كما أن المواجهة العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني طوال ربع قرن, فشلت بالرغم من القوة العسكرية التركية الهائلة , ولم تضع حدا لطموحات الشعب الكردي في الحرية وحق تقرير المصير.

– أثبتت التجربة الكردية أن عشرات الانتفاضات ضد الدولة التركية طوال قرن مضى لم تحقق هدفا كرديا على الأرض, كما أن الكفاح المسلح خلال ربع قرن من قبل حزب العمال الكردستاني ضد الدولة التركية لم تحقق الأهداف الكردية في الحرية وحق تقرير المصير.

النتائج :
– تدهورت العلاقات الأخوية التركية الكردية وعلاقات حسن الجوار بين الشعبين.
– تركت الحرب بين تركيا وحزب العمال أثار بالغة الخطورة على مستقبل السكان وحصدت عشرات الألاف  من الضحايا الأبرياء من الطرفين.
– تباطأت ماكنة التطور والتقدم والتنمية ,وتوقفت مسيرة الديمقراطية وغرقت الحداثة في  رمال الصراع ,وضاع الاستقرار الداخلي.


وإذا أخذنا حقائق الصراع التركي الكردي في الحسبان، يمكن أن نفهم أسباب عدم تحول الكيان التركي الى  دولة حديثة مستقرة، إذ لا نزال نرى نزعات قومية(النزعة القومية الطورانية), وأفكار وتطلعات انفصالية(التطلعات الكردية الانفصالية), تعبر كلها عن عدم اعتراف قطاعات واسعة من سكان تركيا بالجغرافية السياسية المستحدثة ، وهو ما دفع بعض الباحثين إلى وصف نركيا بحدودها السياسية وتركيبتها السكانية الراهنة، بأنها بلد ثنائي القومية ووطن غير مستقر(تتحكم فيه أغلبية قومية تركية قصرا دون شراكة ومشاركة القومية الكردية )وهذا هو سبب تعثر بناء الدولة الوطنية التركية الدستورية, وما يحصل في تركيا يحصل في العراق ولبنان والأردن وفلسطين وايران وسوريا وبقية دول الشرق الأوسط , و لم تتحول هذه الكيانات بعد الى وطن نهائي لسكانها, وبالمقابل ثمة حاجة ماسة الى دولة عصرية تعبر عن كلية المجتمع و تؤمن الاستقرار والتقدم للجميع و تحتضن الجميع تحت مظلتها ,ووطن نهائي يمنح هويته لجميع مكوناته بالتوافق والمشاركة والإعتماد المتبادل والإعتراف المشترك, ويمكن تحقيق ذلك عبر صياغة دستور جديد لهوية الوطن التركي النهائي ولهوية المجتمع التركي ضمن الحدود والمكونات الحالية على أساس التعددية القومية (التركية والكردية..الخ ), وعلى أساس  عقد اجتماعي سياسي معاصر تحت مظلة المواطنة الحقيقية, والوطن الحقيقي النهائي لابد أن يكون متطايقا ومندمجا مع نسيج المجتمع ومكوناته وثقافاته بحيث لايترك فرصة للعبث أو الاستغلال أو الهيمنة لتمرير حالة اصطفاف أو فرز أو أغلبية هنا وهناك,واذا بقي كما هو, فهو ليس بوطن نهائي  وانما مكان للتناحرات  والصراعات والحروب والاستقواء بالخارج والتمدد الى خارج الحدود(نزعة التمدد التركي باتجاه العراق و سوريا وأسيا الوسطى)  والتفتت من الداخل(النزعة الانفصالية الكردية) وعليه فان اختصار تركيا بقومية واحدة وبلغة واحدة وبثقافة واحدة كما هو الحال في الوقت الحاضر أمر خطير يتعارض مع منطق التطور, وطالما يحق للأتراك ممارسة حقهم كاملا في تركيا ينبغي أن يقر بهذا الحق كاملا للأكراد ولبقية القوميات دون تمييز,
واذا تناولنا القضية الكردية في تركيا وفق منظور المواطنة ,وهي بحق قضية وطنية تركية وقضية مواطنة  بامتياز فان حلها يصبح سهلا وفق مايلي:
الأول- ضمان حرية الشعب الكردي في التعبير عن نفسه والمحافظة على دوره وحقوقه الثقافية واللغوية و إحترام الدولة لتلك  الحقوق ورعايتها في إطار الدستور وتحت سقف القانون.
الثاني إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في تركيا بما يضمن المساواة  التامة للمواطنين الأكراد مع المواطنين الأتراك  من حيث الحقوق القومية والثقافية وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الدستورية والسياسية والإجتماعية والقانونية على قاعدة وحدة تركيا أرضا وشعبا،,هذان الاعترافان يشكلان حجر الزاوية في حل القضية الكردية في تركيا  اذا أحسن استثمارهما من قبل جميع الأطراف.


والحقيقة أن المبرر الموضوعي لوجود الدولة الديمقراطية يتمثل أساساً بتحقيق المصالح العامة، وتحقيق المصالح العامة المعبِّرة عن طموح وأمل الجماعة السياسية المُشكّلة للدولة لا تنشأ إلاّ على أساس الإعتراف والمشاركة وقاعدة الحريات,  وعلى هذا الأساس فان جميع الدعوات المتطرفة غير واقعية سواء خرجت من الأتراك أو الأكراد,والواقع التركي لايتحمل مثل هذه الدعوات وهي تفرق الشركاء في الوطن وتضعف الارادة الوطنية, وتخلق العداوة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد وتهدد السلامة الوطنية,وهي دعوات اما عنصرية أو ردات فعل مبالغ فيها تجاه  سياسة الاقصاء والتهميش, ولن تجد الدعم والتأييد من غالبية المجتمع التركي بأتراكه وأكراده.
وضمن هذا الاطار يمكن حل المشكلة الكردية في ايران وسوريا أيضا.


ولكن ماهي مشكلة اقليم كردستان العراق؟
لاشك أن العراقيين بكافة مكوناتهم شاركوا في وضع دستور البلاد عبر البرلمان المنتخب ديمقراطيا على أساس نظام فيدرالي ,وجرى الاستفتاء على الدستور , وأقرالنظام الفيدرالي لأقليم كردستان بالأغلبية ضمن وحدة التراب العراقي الموحد ,وسار كل شيئ وفق الدستور وعبر الانتخابات الديمقراطية الحرة والنزيهة بشهادة الجميع, والأصوات العراقية التي تخرج من هنا وهناك حول الاعتراض على شكل وصيغة ومضمون الفيدرالية الكردية – وان كانت غير دستورية – فانها تعبر عن حرية الرأي وتعبر عن الحالة الديمقراطية في العراق ولاغبار عليها طالما تتم بشكل ديمقراطي وعبر المؤسسات الدستورية, ولكن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الاقليم تأتي من دول الجوار وخاصة تركيا التي مافنأت تخلق المشكلة وراء المشكلة لحكومة الاقليم, مرة حول كركوك , ومرة حول وجود الحزب العمال الكردستاني في الاقليم….الخ ,والمصوغات التي تقدمها تركيا حول تدخلها في شؤون الاقليم غير مقنعة لأحد,فمسألة كركوك شأن عراقي داخلي,ولايحق لتركيا تحت أية ذريعة التدخل بشؤون دولة ذات سيادة وعضو في هيئة الأمم المتحدة, ومسألة وجود حزب العمال الكردستاني في اقليم كردستان العراق سابق لنشوء الاقليم , ويمكن حلها بالطرق الديبلوماسية والسلمية بين الدولة العراقية وحكومة الاقليم من جهة والدولة التركية من جهة أخرى, وليس هناك مبرر قانوني في دستور العراق يمنع تركيا من التعامل مع حكومة الاقليم بشأن حزب العمال الكردستاني أوغيره ,اللهم الااذا كان هناك مبررخاص يتعلق بالجانب التركي وهو ما لم تفصح عنه تركيا حنى الأن, وطبقا للقانون الدولي والمنطق لايحق  لتركيا أن تكون انتقائية في تصرفاتها فاذا كانت فعلا تعترف بدولة العراق فان عليها أن تعترف باقليم كردستان العراق باعتباره اقليم فدرالي عراقي وفق الدستور,ووفق هذا التعليل فان امتناع تركيا عن التعامل الرسمي مع حكومة الاقليم وممثلبِها حول مشكلة حزب العمال يعني أنها لاتعترف رسميا باقليم كردستان العراق, , واذا كان لدى تركيا تفسير أخر فعليها أن توضحه أو تأتينا به , والا فان تفسير الجانب الكردي بشأن التحشدات التركية على حدود أقليم كردستان والتهديدات باجتياح سيادة الاقليم  يكون مقبولا و منطقيا وصحيحا ,على أساس أنه عمل عدواني يستهدف سلامة الاقليم ونظامه الفيدرالي ومؤسساته الديمقراطية ,ويستهدف احتلال منابع النفط في كركوك, ومدينة الموصل وهي رغبة تركية قديمة ,وأعتقد أن سيادة الرئيس مسعود البرزاني  أدرك حقيقة التحشدات التركية ولهذا صرح (اذا تدخلت تركيا بشأن كركوك سنتدخل يشأن آمد (دياربكر) وبذلك يكون من حق الاقليم الدفاع عن وجوده بشتى الوسائل ولو أدى ذلك الى اشتعال النار في المنطقة كلها.ولكن ماهي النتائج المحتملة اذا أقدمت تركيا بشكل واسع على اجتياح الاقليم لاسمح الله؟
– ازالة الحدود المصتنعة بين كردستان العراق وكردستان تركيا وبذلك يتحد الجانبان وتشتعل الحرب بين أكراد العراق وأكراد تركيا من جهة والأتراك من جهة أخرى  الى يوم الدين.
– يعتقد الأكراد في جميع أجزاء كردستان وفي المهاجر أن اقليم كردستان العراق والنظام الفيدرالي الذي يتمتع به الشعب الكردي  في العراق نموذج  حضاري لتعايش الشعوب في بلد متعدد القوميات يصلح ليكون أساسا لحل المشكلة الكردية في الأجزاء الأخرى لذا ينبغي المحافظة عليه بشتى الوسائل وحتى بالحرب الى جانبه – اذا استدعى الأمر ذلك – ضد أي معتد ومن المحتمل في هذه الحالة أن يقف الأكراد في سوريا وايران  وفي المهجر الى جانب اخوانهم أكراد تركيا والعراق وتدخل المنطقة في الفوضى.
– تقويض الجهود الأمريكية في العراق ,وتوجيه ضربة قاصمة للعلاقات الأمريكية التركية المتوترة أصلا حينئذ من المحتمل أن تصبح تركيا نفسها هدفا للتقسيم من قبل الأمريكيين.
على ضوء هذه القراءة فان التحدي الذي يواجهه اقليم كردستان مصيري , و سوف لن تقوم قائمة لحكومة الاقليم اذا تهاونت أمام المطالب التركية , والتقارب والتفاهم بين حكومة الاقليم وحزب العمال وأكراد تركيا يشكل ضمانة استراتيجية لوجود الاقليم واستمراريته, فالواقع الذي يزخر به التاريخ الكردي القديم والحديث والمعاصر اثبت على الدوام  أن الصراع على شمال كردستان(كردستان تركيا) لا يقصد به وحده ، إنما موجه إلى كافة أجزاء كردستان ،ونحو الوجود القومي الكردستاني برمته ، فالصراع بين الفرس و الروم والصراع بين الصفويين والأتراك العثمانيين ، وتقسيم كردستان من قبل  الاستعمار الأوربي ( اتفاقية سايكس بيكو ) انطلاقاً من شمال كردستان شواهد حية على حقيقة ما نقول، ومن يريد القضاء على كردستان قاطبة عليه ان يقضي على الشعب الكردستاني في شمال كردستان, وتخشى تركيا من أي تقارب بين حكومة الاقليم وحزب العمال الكردستاني  وتراه خط أحمر, وخطر يهدد الوجود التركي برمته, وفي النهاية نأمل أن تتكلل الجهود الأمريكية والدولية في حل المشكلة سلميا ,ولن تخسر الحكومة التركية شيئا اذا تصالحت مع شعبها الكردي.
واذا كان التاريخ يعيد نفسه فان أردوغان أمام امتحان صعب ,اما أن يكون مثل:
– السلطان عبد الحميد فيخسر كل شيئ.
  واما أن يكون مثل:
أتاتورك فيربح ولكن مقابل ثمن غال.
وبالمقابل:
 فان فخامة الرئيس جلال الطلباني وسيادة الرئيس مسعود البرزاني أمام امتحان أصعب فاما: 
 – أن يكنوا أو لايكونوا .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…