اضاءة وتعقيب على «هذا هو الخيار الاصح ..»

 

صلاح بدرالدين

استأثرت مقالتي الأخيرة ” هذا هو الخيار الاصح ان كنتم صادقين ياأحزاب طرفي الاستقطاب ” والمنشورة بموقع – ولاتي مه – بتاريخ ٢٢ آذار الجاري، بالعديد من الردود، والمداخلات الاستفسارية وكذلك النقدية، من أصدقاء صحفيين، ومتابعين، هؤلاء الذين اقدم الشكر لهم جميعا اختلط عليهم الامرعندما اعتبروا انني قدمت في مقالتي وصفة سريعة لمعالجة نتائج الجريمة النكراء التي وقعت ضد أهلنا في – جنديرس – المنكوبة، وأن المؤتمر الكردي السوري الجامع الذي ادعو اليه كحل لازمة الحركة الكردية السورية لن يحقق النجاح وسيكون مثل مؤتمر – ناوبردان ١٩٧٠ فاشلا حيث حاول توحيد حزبين فاصبحت ثلاثة احزاب.
اضاءة وتوضيح
أولا – لست بوارد طرح حلول اسعافية عاجلة لهذه المنطقة او تلك وماكتبته لايتضمن الحلول الجزئية – المناطقية بل حل ازمة الحركة الكردية السورية وتوحيدها كاداة نضالية لحل القضية الكردية بنهاية الامر، فقط اوردت ماحدث لاهلنا في جنديرس كحافز ضاغط لكي تتجاوب الاحزاب مع نداءات الانقاذ والمصالحة والوحدة، نعم هناك تفاوت بين اوضاع مناطقنا منها تحت سيطرة النظام، ومنها تحت الاحتلالات، ومنها تحت سيطرة سلطات الامر الواقع، والميليشيات،والمستوطنين المسلحين، ولكل منطقة منها خصوصيتها في مجال الحلول الاسعافية السريعة، اما قضيتنا القومية فلن تحل جزئيا، او مناطقيا، بل تشكل حزمة واحدة من ديريك وحتى بلبل مرورا بكوباني.
  اذا اعتبرنا ماتقع من احداث وحوادث يومية في هذه المنطقة وتلك ذات طابع عنصري مثل جريمة – جنديرس – فلاشك انها تقع ضمن الوضع الكردي السوري العام، وذات صلة عضوية بعوامل حل ازمة الحركة، وتوحيد الصفوف، ومسؤولية كل الكرد السوريين، ولايجوز في هذه الحالة ان يعتبر الكردي المنحدر من – جياي كرمينج – ان المسألة تخصه فقط، والمبدأ هذا ينطبق على كرد مناطق كوباني، والجزيرة، والمنتشرون في المدن السورية.
اذا كانت جريمة – جنديرس – العنصرية ترتبط بمسألة الاحتلال التركي، وتوافد الغرباء، والائتلاف، والمعارضة والثورة المغدورة بشكل عام، وبالتوافقات الروسية – التركية – الإيرانية – الامريكية، فان هذه العوامل بمثابة مشتركات بين كل المناطق السورية، وذات صلة وثيقة بالقضية الكردية، ولايمكن بالتالي عزلها باي حال من الأحوال عن مجريات السياسة الكردية الخاصة، والوطنية العامة.
اما مطالب السكان المشروعة في – جنديرس – وغيرها برحيل المسلحين، واللجان المدنية الإدارية من أهالي المنطقة، وتوفير الامن والأمان، وضمانات الحماية فهي مطالب حقة تعد من جهة من خصوصيات أوضاع المناطق، وقد تكون مشتركة من الجهة الأخرى، ولاتتعارض مع دعوة إعادة بناء الحركة السياسية الكردية، بل تعززها اكثر.
ثانيا – لاريد الاطالة بخصوص مؤتمر – ناوبردان – التوحيدي عام ١٩٧٠، لانني كتبت عنه الكثير، وموقفي واضح من مجرياته، ونتائجه، فقبل كل شيء انه حدث منذ اكثر من نصف قرن في اختلاف جذري من حيث التوقيت، والزمان، وعندما حدث كان هناك حزبا اليسار واليمين اما الان فهناك نحو ثمانين حزبا، وكان حينها نظام واحد يتتحكم بكل سوريا، والان نظام ايل للسقوط، واحتلالات، ومناطق نفوذ، وسلطات امر واقع، وتفكك وانقسام كبيرين في الصف الكردي. 
من جهة أخرى لم يكن مشروع مؤتمر – ناوبردان – من صنع واعداد الحزبين او كرد سوريا، ولم يكن هناك برنامج سياسي مطروح امام المؤتمر مدروس ومناسب للحالة الكردية السورية كما هو متوفر الان، حينها كان اليسار مع قيادة الثورة الكردية، وعلى علاقة منتظمة مع الراحل الكبير مصطفى بارزاني، ثم اجتمعت عدة عوامل لحصول ماحصل أولها انتهاج اليمين سياسة (علي وعلى اعدائي) حيث اعلن التوبة امام بارزاني، والاستعداد لقبول مايقرره، ودور بعض قيادات البارتي في العراق التي كانت مازالت متاثرة بجماعة إبراهيم احمد – الطالباني، مضافا الى ذلك رغبة الأوساط الإيرانية في إزاحة اليسار خصوصا بعد كلمتي بالمؤتمر التي انتقدت فيها نظام ايران الشاهاني في سياسته الشوفينية تجاه الكرد، كل هذه العوامل اجتمعت لدفع المؤتمر الى الخروج عن سياق ماتم الاتفاق حوله بيننا كقيادة اليسار وبين الراحل بارزاني والذي لم نعترض على ماقرر احتراما وتقديرا لشخصه الكبير.
وبالمقارنة اعتقد هناك عوامل إيجابية كثيرة لامكانية تحقيق المؤتمر الكردي السوري الجامع في المديين السريع والمتوسط، خصوصا ان الرأي العام الكردي السوري يتقبل مثل هذا الحل.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   باسم الضمير الكوردي، وبحسّ المسؤولية التاريخية التي لا تتكرر إلا نادرًا، نوجّه نداءنا هذا إلى كافة الأحزاب والقوى والمستقلين المشاركين في المؤتمر الوطني الكوردي المزمع عقده في مدينة قامشلو، أن يكونوا على مستوى اللحظة، وحجم الأمل، وثقل التحدي. إن ترسيخ النظام الفيدرالي اللامركزي في صلب الدستور السوري القادم، ليس مطلبًا سياسيًا عابرًا، بل ركيزة مصيرية لمستقبل…

ماهين شيخاني   تُمثل القضية الكوردية إحدى أقدم وأعمق قضايا الشعوب في منطقة الشرق الأوسط، حيث يرتكز الصراع الكوردي على حق تقرير المصير والحفاظ على الهوية القومية والثقافية. في هذا البحث، نسلط الضوء على العلاقة التاريخية بين الكورد والقبائل العربية الأصيلة، ونناقش محاولات الإنكار والإقصاء، لا سيما في سياق الحرب السورية الحديثة، مع إبراز الدور المركزي للثقافة والأدب الكوردي في…

خوشناف سليمان ديبو   يترقّب الشارع الكُردي انعقاد المؤتمر الكُردي المقرر في 18 أبريل/نيسان بمدينة قامشلو، وسط مشاعر متباينة تجمع بين الحذر والتطلع. ويأمل كثيرون أن يُشكل هذا الحدث محطة مفصلية تُنهي سنوات الانقسام والتشرذم، وأن يُمثل بارقة أمل لشعب طالما حلم بوحدة الصف وتوحيد الرؤية في مواجهة التحديات المتزايدة. أبرز تلك التحديات هو غياب وحدة الموقف داخل الحركة الكُردية…

اكرم حسين   تمضي سوريا في أحد أكثر مراحلها التاريخية تعقيداً، حيث تتزاحم الأزمات وتتداخل التحديات في مشهد يشبه الركام. نظام قمعي راحل خلّف دولة فاشلة ، واقتصاداً مفلساً، ونسيجاً وطنياً ممزقاً، وأرضاً مباحة لكل من يريد الاستثمار في الفوضى والدم. لكن ما بعد السقوط لا يجب أن يكون سقوطاً آخر. ما نحتاجه اليوم ليس مجرّد حكومة جديدة، بل…