نظرة الى الإتفاقيات المبرمة مع النظام الإيراني

نظام مير محمدي* 

بين الفينة والاخرى، يرفع القادة والمسٶولون الإيرانيون أصواتهم عاليا ويکيلون التهمة تلو التهمة للعديد من الدول بعدم إلتزامها بالاتفاقيات المبرمة مع طهران، مع ملاحظة تأکيدهم على حرصهم على الالتزام بالاتفاقيات الدولية وتنفيذها، لکن الذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار هو إن لنظام الجمهورية الاسلامية الإيرانية سجل حافل ومثير للجدل بخصوص عدم إلتزامه بالاتفاقيات الدولية المعقودة معه ومحاولاته المشبوهة من أجل الالتفاف عليها أو التهرب منها بل وحتى تفسيرها بصورة خاطئة ومغايرة لأصل وروح الاتفاقيات.
اليوم، حيث يواجه النظام الإيراني أوضاعا إستثنائية على صعيدي الداخل والخارج، ولاسيما بعد إندلاع إنتفاضة سبتمبر2022، ودخولها شهرها السابع وفي ظل العزلة الدولية غير المسبوقة التي يواجهها والعقوبات الدولية التي أثرت وتٶثر على أوضاعه سلبا، فإنه يبذل أقصى طاقاته من أجل إيجاد متنفس ومنفذ له کي يخفف من وطأة التأثيرات السلبية للأوضاع عليه وضمان بقائه ودرء التهديدات المحدقة به، ولأن واحدة من الاشکاليات الدولية المثارة ضده هي تدخلاته في بلدان المنطقة وتوتر علاقاته مع هذه الدول بسبب نهجه المشبوه، ولذلك فإنه يسعى من أجل التقرب من دول المنطقة وإبرام الاتفاقات معها وإستغلال ذلك کشهادة حسن سلوك دولية من أجل الثقة به!
الاتفاقيات الدولية المبرمة مع هذا النظام وخصوصًا الحساسة والهامة، تميز ويتميز هذا النظام بخرقها بالتهرب من تنفيذها والالتفاف عليها أو تفسير بنودها وفق أهوائه ومصالحه، وإن إلقاء نظرة على بعض النماذج بهذا الصدد يٶکد ويثبت ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الاتفاق الذي أبرمته الترويکا الاوربية معه في عام 2004، وکذلك الاتفاق النووي الذي أبرمته مجموعة 5+1 معه، وعدم إلتزامه ببنود الاتفاقيتين وتفسيرها کما يحلو له الى جانب الخرق المستمر لأهم بنوده، يعطي إنطباعًا حقيقيًا عن حقيقة النوايا المبيتة والمشبوهة التي يضمرها هذا النظام في إتفاقياته التي يعقدها مع الدول الاخرى.
هذا من جانب، أما من حيث الاتفاقيات التي عقدها مع بلدان المنطقة وخصوصًا فيما يتعلق بأمن وإستقرار المنطقة، فإن قيامه وبالتزامن مع توقيعه لتلك الاتفاقيات، بتوسيع تدخلاته في بلدان المنطقة، أثبت بذلك إزدواجيته وممارسته الکذب والخداع والتمويه من أجل تحقيق أهدافه، إذ أنه إستغل ويستغل تلك الاتفاقيات من أجل مصالحه الخاصة وهو يجعل بنودها تخضع لمصالحه وليس کما هي في الواقع!
في الختام، من المفيد قراءة جزء من دستور النظام الإيراني الذي تمت صياغته بعد الثورة الإيرانية عام 1979:
“ومع الالتفات لمحتوى الثورة الإسلامية فـي إيران – التي كانت حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين – فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصاً بالنسبة لتوسيع العلاقات الدولية مع سائر الحكومات الإسلامية والشعبية حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة فـي العالم إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة فـي جميع أنحاء العالم”.
ومع ملاحظة جوهر هذه النهضة الكبرى فإن الدستور يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية، والاجتماعية، والاحتكار الاقتصادي، ويسعى للخلاص من النظام الاستبدادي، ومنح الشعب حق تقرير مصيره بنفسه (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). 
وبناء على هذا الدستور ارتكب النظام الإيراني أي جريمة باسم الثورة في الدول العربية في العقود الأربعة الماضية وبرر سياساته التوسعية  ووصل اليوم إلى طريق مسدود.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…