وابيشمركاه!

إبراهيم اليوسف
 
أتابع، منذ ليلة أمس، وعلى خلاف عادتي، من قبل، كل ما بات يصلني -من فيديوهات- عن مجزرة جنديرس، بشكل دقيق، إذ، طالما كنت أتجنب متابعة مشاهد العنف، أياً كان الضحية، وهذا ما  كان يجعلني أقل استفادة من -ثنائية الصوت والصورة- في الفيديو، لأتلقى الخبر، عبر الجزء المسموع منه، فحسب، أو عبر ما هو مدون، بيد أن ما تم في جنديرس، جعلني أتحرر قليلاً، من هذا القيد الذاتي، لأتابع ما يجري  هناك، لما تتفرد به عفرين من معاناة، على خلاف معاناة أي جزء محتل من وطننا، حيث تسلط عليهم مجرمون، فاقدو الإنسانية، في مهمة مخطط لها، من قبل مهندسي الاحتلال في تركيا، للإجهاز على ديمغرافيا الكرد، في مهادهم، وهوما جرى في أجزاء كردستان كلها، إلا إنها اتخذت بعدها – بعد الثورة المجهضة التي اندلعت ربيع 2011-  وكان من نتائجها كل هذه العوالق، والأشنيات التي تمتد ضمن قوس من قطاع الطرق، والمأجورين، وأذناب داعش بتلويناتهم.
مشاهد الألم العظيم:
أن تجد في فيديو واحد أربعة شهداء، من أسرة واحدة، استهدفهم رصاص الإرهابيين، فأردتهم – شهداء- إلى جانب بعض جرحى الأسرة ذاتها، وليس لهم ذنب إلا – إشعال نار نوروز- التي لم تتمكن القرون الأربعة عشر من دخول الكردي حظيرة الدين الجديد، من منعهم ممارستها، بعد أن أصدرت بخصوص تأثيمها فتاوى مفصلة على قد مطلب- الخليفة- أنى كانت هويته، وغدا موقد النار  متهماً بالخروج عن تعاليم الدين الحنيف، إلى أن تم – تنظير- الفتوى، من خلال اعتبارها مدعاة مروق قومي، كي يكتمل التكفير مع التخوين، في ذهن- المستبعث-  ليقابل ذلك استثناء محتلين آخرين، الكردي، من ميراث رمزية النار، واعتبار ناره خطراً محدقاً، تدعوه لرفض هيمنتهما، كما حال: سليل آل عثمان أو سليل فارس، إذ يواصل كل منهما، دفة استئصال الكردي، على طريقته، من دون أن يشفى غليله، خازوقاً كان سلاحه، أم مشنقة، أم رصاصة، أم كيمياء، أو أطنان” تي إن تي”!
تلك هي ذروة المأساة التي تدعوك أن توقف كل ما يشغلك، في هذه اللحظة، وتصرخ ملء فمك. ملء فضائك. ملء حبرك وقرطاسك، إلى جانب الضحية. إلى جانبك، موظفاً كل ما لديك من أدوات الرفض، وفق ما لديك من إمكان!
 
ديون عفرين:
طالما أردد: هل استطعنا، ونحن في بقية جغرافيا مكاننا أن نسدد جزءاً من ديون عفرين المترتبة علينا، منذ 2004 وحتى الآن، عندما انتفض أبطالها، في مكانهم، وأماكن تواجدهم، كما كل شرفاء الكرد، مرددين اسم “قامشلو”، ليكون جزءاً من الانتفاضة، دافعين ثمن ذلك من دماء شهدائهم؟ لقد كانت مشاركة عفرين- البطلة- كما كوباني البطلة- كما كل مدننا وقرانا، في انتفاضة آذار ضد جلاوزة النظام المجرم علامة فارقة في -تاريخ مقاومة إنساننا- ضد الظلم والاستبداد اللذين ابتلي بهما، في ظل أسوأ أنظمة العالم أجمع!
 
 مظاهرات:
لكم أفرحتني لفظة- بيشمركة- التي هتف بها متظاهرو -جنديرس- عفرين- إلى جانب مفردة” آزادي” واسم بارزاني وهم يواجهون بصدورهم العارية آلة رعب أزلام الاحتلال. الخونة، المتسلطين الذين يسرقون زيتهم، وزيتونهم، أموالهم، ويحتلون بيوتهم، ويفرضون عليهم الأتاوات، ويحكمونهم بيد من حديد ونار، كما رسم لهم ذلك، وهوما يلتقي مع صلب ثقافتهم العنصرية التي نهلوها، على أيدي النظام الحاكم في بلدهم، ضدهم، ضمن سياسة عنصرية، تمييزية!
أجل، ليس للكردي إلا البيشمركي البطل، ينقذه. يرسم خلاصه، بعد أن لقنه الامتحان المر الكثير من الدروس، تحت نير الظلام. الوحوش، من دون أي ذنب يرتكبوه، سوى: سمة كرديتهم. لغتهم. حقهم في الوجود. حلمهم الذي يعشش في صدورهم بعد أن حاول هؤلاء العتاة استئصاله، واستهدافه:
بيشمركة
يظل الصدى يتردد في أجزاء كردستان. العالم كله!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…