نحو المؤتمر العام لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ( الجزء الثالث )

شاهين أحمد

هذا الجزء من سلسلة ( نحو المؤتمر العام لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ) سوف  نخصصه للعلاقة بين حزبنا والمعارضة الوطنية السورية ، ومبررات وجودنا ” سياسياً ” من خلال المجلس الوطني الكوردي في خندق المعارضة بشكل عام والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بصورة خاصة وكذلك في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية . و في جبهة السلام والحرية . ومسؤولية المعارضة السورية في تغلغل المتطرفين في صفوف الحراك السلمي والفصائل المسلحة، وأوجه الشبه بينها وبين نظام البعث . والمطلوب من مندوبي المؤتمر من مناقشات جادة تجاه وجودنا في المعارضة0وهل على حزبنا الاستمرار ومن خلال المجلس الوطني الكوردي في الائتلاف أم الانسحاب منه؟ وماهي الخيارات الواقعية المتاحة أمام الحزب وبالتالي أمام المجلس الوطني الكوردي فيما إذا انسحب من الائتلاف ومن هيئة التفاوض واللجنة الدستورية ، وما هو الخندق البديل الذي يجب الانتقال إليه ؟.
كما ذكرنا في الجزء الثاني بأننا نضغط على جراحاتنا ونتجاوز آلامنا التي نتجت عن المأساة والخراب الذي خلفه الزلزال المدمر الذي حدث بتاريخ الـ 6 من شباط  2023 ، وكان لشعبنا النصيب الأكبر من الخسائر البشرية والمادية . وكما سبق أن ذكرنا بأن الحياة لن تتوقف، وأن شعبنا اليوم أحوج مايكون إلى تنظيم وتأطير جهود كافة أبنائه ليتمكن من تقرير مصيره ، وأن الاستسلام لليأس يعني دوام المعاناة وآثار الكارثة. وقطعنا عهداً على أنفسنا بأننا وبقدر إمكاناتنا وفهمنا سوف نستمر في الكتابة في هذا الموضوع الذي بدأنا فيه والمتعلق بمؤتمر حزبنا لإلقاء الضوء على جوانب مختلفة سياسية وتنظيمية وإعلامية وما يتفرع عنها من مواضيع مختلفة . ونود أن نذكر المهتمين والرفاق بأننا في هذا الجزء ( الثالث ) سوف نحاول وباختصار شديد إلقاء الضوء على المعارضة السورية والعلاقة معها وموقفها من وجود وحقوق شعبنا الكوردي في سوريا وكذلك موقفها من مختلف القضايا الوطنية السورية من شكل الدولة المستقبلي ونظام  الحكم فيها والعلاقة بين الدين والدولة وكذلك الفرق بينها وبين النظام ، ومسؤوليتها في حرف الثورة عن سكتها، وكذلك طبيعة وتركيبة المعارضة، ومبررات وجودنا فيها كحزب من خلال المجلس الوطني الكوردي . كما سنحاول الخروج قليلاً من العموميات وبما تسمح بها المناخات ومساحات الرأي وسويات الوعي وخاصة بالنسبة لشخص ملتزم ومقيد بجملة ضوابط تنظيمية ( حال كاتب هذه الحلقات ). بداية من الأهمية بمكان التذكير بأن المقصود بالمعارضة ، كل الأطر والمنصات التي لم تتحالف تاريخياً مع البعث ولم تشارك البعث وحكوماته المتعاقبة في إضطهاد الشعب السوري وحرمانه من حقوقه، وعانت من ظلم ذاك الحزب الشمولي القوموي ، مضافاً إليها تلك التي خرجت من البعث وعليه عقب إندلاع الاحتجاجات الشعبية في أواسط شهر آذار 2011 سواءً الموجودة في الداخل السوري أوتلك الموزعة على الجوار الاقليمي وفي المهاجر والشتات. وأن تلك المعارضات اختلفت في أساليب نضالاتها منها بقيت تعمل في مناطق سيطرة النظام وتجنبت حمل السلاح بالرغم من كل المذابح التي حصلت، وبين تلك التي اختارت مساراً مختلفاً لجهة حملها السلاح ووجودها في المساحات الخارجة عن سيطرة النظام و في الجوار الاقليمي . وجدير ذكره أن المعارضة في سوريا قبل انطلاق موجة الاحتجاجات التي سميت بثورات الربيع في المنطقة كانت موزعة بشكل عام بين ثلاثة ألوان متباينة، كوردية قومية ، وعربية سنية إسلامية ، وشيوعية من القيادات والكوادر التي رفضت الاستسلام والدخول في التحالف مع البعث في إطار ماتسمى بـ ” الجبهة الوطنية التقدمية ” إضافة لبعض الشخصيات المحسوبة على الخط الناصري وأخرى أكاديمية ونقابية مستقلة . وكانت المعارضة المذكورة بشكل عام متباينة ومختلفة وغير منظمة في إطار واحد وغير متفقة في تصوراتها بخصوص الموقف من نظام البعث وكذلك حول ماهية المشروع الوطني السوري البديل. وبما أن كتاباتنا في هذه السلسلة تندرج نسبياً ضمن حقول المكاشفة والشفافية ، فلا بد من الاعتراف والإقرار بأن البعث وعبر أجهزته الأمنية تمكن من تفكيك المرتكزات الأساسية لكل تلك المعارضات المذكورة بألوانها المختلفة ، ونجح إلى حدٍ بعيد في شرذمتها وإدخالها في حالة من التقوقع والانعزال والصراع والاستنزاف الداخلي، وخاصة بعض أن تمكن من اجتثاث رابطة العمل الشيوعي من خلال زج منتسبي التنظيم بشكل شبه كامل في السجون والمعتقلات لعقود دون محاكمات ، والقضاء على الحواضن الأساسية لتنظيم الإخوان المسلمين من خلال زج الجيش في الصراع مع الجماعة التي ارتكبت خطأً جسيماً وأعطت المبرر للنظام بعد تشكيلها لخلايا مسلحة وقيامها ببعض التفجيرات والعمليات التي انعكست سلباً عليها في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن العشرين. كما نجح البعث ببث الفرقة والانشقاق في جسم الحركة التحررية الكوردية ، واستغلال علاقاته مع بعض الأطراف الكوردستانية في توسيع الهوة بين الأحزاب الكوردية الرئيسية في سوريا وشرذمتها وذلك بداية بمساعدة زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني المرحوم جلال الطالباني منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين ولاحقاً من خلال الفرع السوري للعمال الكوردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان منذ منتصف الثمانينيات من القرن نفسه. ونجح البعث في بناء جدران عازلة بين مكونات الشعب السوري المختلفة من خلال مشاريعه الشوفينية وإسكان عشائر عربية سنية (المغمورين) في مساحات واسعة من كوردستان سوريا في المناطق المتاخمة للحدود الدولية بين تركيا وسوريا ودعم هؤلاء المغمورين وتجنيد بعض ضعاف النفوس منهم لرفع تقارير بحق أبناء المنطقة الأصلاء من الكورد للإيقاع بين المكون الكوردي والمكون العربي السني لزيادة الشرخ ومنع أية إمكانية للتلاقي . باختصار نستطيع القول بأن البعث تمكن من إلغاء الحياة السياسية بشكل شبه كامل ، وساد التصحر في حقول الحراك السياسي – المدني لعقود بالرغم من المحاولات المستمرة – الخجولة للحركة التحررية الكوردية من خلال نشاطات موسمية – مناسباتية، ودوام النضال والعمل الحزبي في الغرف المغلقة حتى وصول موجة ثورات الربيع إلى سوريا، وخروج شرائح وازنة من النظام وعليه بعد كسر السوريين لحواجز الخوف وخروج الملايين إلى الساحات والميادين وظهور تنسيقيات شبابية رفعت شعار إسقاط النظام وإقامة البديل الوطني الديمقراطي المختلف. هذا الحراك أدخل الرعب إلى قلوب أركان النظام وخاصة أن الشعب السوري بجميع مكوناته توحد حول شعارات وطنية بعيدة عن العنصرية والمناطقية والطائفية في بداية انطلاق الحراك الثوري . وبالرغم من الاستخدام المفرط للقوة ضد الحراك السلمي إلا أن الاحتجاجات توسعت دائرتها وزخمها يوماً بعد آخر مما جعل أركان النظام تفكر بضرورة العمل على مسارات أخرى بالتزامن مع مسار استخدام القوة فلجأ لـ دس العناصر الأمنية في أوساط الحراك السلمي ، وأطلق سراح العشرات من العناصر الراديكالية المحتجزة في صيدنايا وغيرها تحت مسميات ” عفو عام ” ومن ثم دفع بهؤلاء المتطرفين للتغلغل في صفوف الحراك السلمي ومفاصله وخلق انطباع سلبي لدى الرأي العام المحلي والدولي بأن مايجري في الشارع من احتجاجات شعبية ليست ثورة وإنما عبارة عن مخاض ينذر بولادة نسخة متحورة من تنظيم القاعدة الإرهابي ، وأن الحاضنة المتمردة هي الأسلمة السياسية الراديكالية وخاصة بعد رفع هؤلاء المندسين لشعارات دينية – طائفية متطرفة أحدثت شرخاً في الحراك ، ووسعت الهوة بين مكونات الشعب السوري وخاصة المكون العلوي – الشيعي من جهة والمكون العربي السني من جهة أخرى ، وما زاد الأمر تعقيداً أن النظام وبالترافق مع إطلاق سراح المتطرفين قام بإرسال عناصر من الأجهزة الأمنية لتدعيم جبهة المتطرفين ونجح في السيطرة بالتدريج على مفاصل الحراك ودفعه نحو حمل السلاح ومستنقع العسكرة والعنف المسلح ورفع شعارات طائفية عنصرية متطرفة مقيتة أدت إلى حالة من النفور والتراجع والانحسار في الاحتجاجات السلمية التي كسبت في بداياتها تعاطفاً ملفتاً من جانب المجتمع الدولي وتوقف الحراك الجماهيري السلمي بشكل كامل ، وترك الأمر للعنف والسلاح وتوزع الشباب الثائر بين المقابر والمهاجر والمعتقلات ، ودفع بالشريحة الأكبر إلى خنادق العنف المسلح وسط تجاهل تام وخذلان من جانب المجتمع الدولي، وتم فرض حصار على مختلف الموارد وحصر سبل العيش في حمل السلاح وجعله مساراً حصرياً للعيش ومستلزمات الحياة، ومن ثم تم دعم الفصائل المتطرفة من جانب العديد من الأطراف المتورطة في الأزمة السورية حيث بدأت المجاميع المتطرفة بإلتهام المعتدلين تدريجياً وفُتحت الحدود على مصراعيه لإدخال الإرهابيين من كل أصقاع العالم إلى سوريا حيث قامت العديد من بلدان العالم بتركيب فلاتر تنظيف لمجتمعاتها عبر فتح المجال لمتطرفيها بالخروج وإرسالهم إلى سوريا التي تحولت إلى مكب للنفايات البشرية من مختلف الملل. ولاننسى مسؤولية المعارضة بشكل عام وأجنحة الأسلمة السياسية بصورة خاصة في توفير غطاء شرعي لتغلغل هؤلاء المتطرفين في مفاصل المجتمع السوري والحراك الثوري وكذلك الفصائل المسلحة وذلك نتيجة رفعها لشعار ” كل من يحمل السلاح في وجه النظام هو مع الثورة “! الأمر الذي ساعد المتطرفين في الحصول على بيئة شعبية آمنة. وبما أن التنسيقيات الشبابية لم تكن تمتلك الخبرة الكافية لإنتاج طبقة سياسية مختلفة عن المعارضات الكلاسيكية لقيادة الثورة وزج النظام بغالبية القيادات الشابة التي أفرزها الحراك الثوري في المعتقلات ، بدأت شخصيات سورية معارضة كانت تعيش غالبيتها خارج سوريا لعقود إطاراً معارضاً بتاريخ الـ 2 من تشرين الأول 2011 تحت مسمى المجلس الوطني السوري . وفي الـ 11 من تشرين الثاني  2012 تم الإعلان عن تشكيل إطار معارض أوسع  تحت مسمى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية . وبتاريخ 27 آب 2013 وبعد سلسلة من اللقاءات بين الطرفين إنضم المجلس الوطني الكوردي رسمياً إلى الائتلاف المعارض بموجب وثيقة رسمية مكونة من (16) بنداً بالإضافة للمقدمة حيث ورد في البند (1) من الوثيقة المذكورة مايلي : ” يؤكد الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التزامه بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية ، واعتبار القضية الكردية جزءاً أساسياً من القضية الوطنية والديمقراطية العامة في البلاد ، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سورية أرضا وشعبا ” . وبالرغم من المآخذ على الوثيقة ولكن نستطيع القول بأنه لأول مرة يتم الإقرار والاعتراف الواضح بحقيقة الوجود الكوردي كـ ” شعب ” من جانب إطار وطني معترف به من قبل أكثر من 100 دولة وازنة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية والاتحاد الأوربي ….إلخ . ومن الأهمية بمكان التذكيرهنا بأن المعارضة السورية موزعة اليوم على أكثر من لاعب وداعم عربي واقليمي ودولي وهؤلاء اللاعبين أنفسهم موزعين على خنادق متعددة ومختلفة، وهناك خلافات كثيرة وعميقة بين تلك الأطراف نظراً لاختلاف مصالحها، وسبق أن دفعت المعارضة ثمناً باهظاً لتلك الخلافات نتيجة حشر نفسها دون مبرر في الخلافات بين تلك الدول، وحصدت نتيجة ذلك التراجع والانقسامات العمودية والأفقية في صفوفها وحاضنتها الشعبية وفقدت جزءاً كبيراً من شعبيتها وقرارها الوطني السوري المستقل . وبدون شك ندرك بأن أي حديث عن استقلالية القرار يبقى نوع من الوهم إذا لم تتوفر جملة من المقومات الضرورية لصناعته وتعتبر القيادة الكفوءة من أهم تلك المقومات، وغيابها كان من بين أهم الأسباب التي أوصلت مؤسسات المعارضة إلى هذه الحالة من الترهل والانقسام والتابعية. وغياب تلك القيادة كان سبباً أساسياً لفشلها في صياغة مشروع وطني سوري تغييري جامع وشامل ومعبر عن هوية الوطن ووجود وحقوق مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية، ولأن المشاريع يجب أن تنسجم مع الهوية وبالتالي عندما لاتستطيع أن تحدد وتعرف الهوية الحقيقية لن تتمكن من صياغة مشروع مناسب لهذه الهوية وللسوريين تجربة مريرة مع مشروع البعث الشوفيني . ولأن أية معارضة خارج هذه المساحة تتحول إلى مجرد أداة وظيفية يتم استخدامها في إطار مصالح الآخرين ولحسابهم وتبقى في حقول الرهان والارتهان ، لذلك فقدت المعارضة بريقها والتعاطف الدولي معها لأن تحركاتها وعملها تأتي ضمن مساحات يغلب عليها مشروعا البعث والأسلمة السياسية ، وتشعر في الكثير من الأحيان وكأن مشروعها يقتصر على إزاحة رأس النظام كونه من الطائفة العلوية الكريمة ، واستبداله بشخص آخر من الطائفة العربية السنية العزيزة! وبالتالي فشلت المعارضة في إمتلاك رؤية وطنية واضحة ومتكاملة لصياغة مشروع وطني تغييري جامع وشامل يأخذ بعين الاعتبار وجود وحقوق مكونات الشعب السوري المختلفة ، ولم تنجح في التأسيس لأرضية وطنية لإدارة التنوع القائم بحكمة وعقلانية . وهناك الكثير من المشتركات بين المعارضة والنظام فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية لسوريا لجهة شكل الدولة ونظام الحكم فيها . كما أن الطرفين “غالباً ” يعانيان من المرض الطائفي وبلونية مختلفة ، ويتهرب الطرفان من الخوض في عيوب النظام المركزي الشمولي أوالإقرار بمزايا النظام الاتحادي ، كما أنهما يفتقران لـ مبدأ التوافق والشراكة الحقيقية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وبناء المؤسسات، وتوزيع السلطات والثروات على مختلف المكونات وفق نسبها ، ولاننسى هنا مسؤولية المعارضة عن الانتهاكات التي تقوم بها الفصائل العسكرية المسلحة المحسوبة عليها .
خلاصة الجزء الثالث 
من الأهمية بمكان التأكيد بأن وجود الحركة التحررية الكوردية في سوريا ومن خلال إطارها السياسي الرسمي المتمثل بالمجلس الوطني الكوردي في خندق المعارضة لم يكن رغبة منها بل  نتيجة طبيعية للسياسات الشوفينية الممنهجة التي مارسها البعث ضد الشعب الكوردي منذ انقلابه في الـ 8 من آذار 1963 وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر وذلك من خلال مشاريعه العنصرية و ترسيخه وتعزيزه لـ ” نتائج ” الإحصاء الاستثنائي الذي جرد بموجبه قرابة ربع مليون كوردي من جنسيته السورية، ومشروع الحزام العربي الذي تم بموجبه استقدام وتوطين عشائر عربية من المغمورين في المناطق الكوردية الممتدة من غرب منطقة تل أبيض / كري سبي وانتهاءً بمنطقة ديريك والحدود السورية – العراقية على طول الحدود السورية – التركية بطول قرابة 500 كم وعرض تراوح بين 5 إلى 15 كيلو متر، ومصادرة أراضي السكان الأصليين الكورد ومنحها للمغمورين من العرب . إضافة لعشرات التعاميم الأمنية السرية والقوانين الجائرة التي منعت الكورد من تسجيل عقاراتهم بأسمائهم وخاصة في ريف محافظة الرقة الشمالي مثل تل أبيض / كري سبي وعين عيسى / بوزانية حيث استهدفت بمجملها محو هوية الشعب الكوردي القومية واقتلاعه من أرض آبائه وأجداده ، وهندسة ديموغرافية كوردستان سوريا بما تتوافق والتوجهات الشوفينية لحكومات البعث المختلفة والمتعاقبة منذ ستة عقود ، وغياب أية مبادرة سياسية جدية من جانب البعث حتى بعد انطلاقة الاحتجاجات ولتاريخ اليوم لإيجاد حل سياسي واقعي وعادل لقضية الشعب الكوردي ، وإصراره على الحل الأمني – العسكري في تعامله مع ثورة الشعب السوري ومطالبها المشروعة . وبالتالي فإن خندق المعارضة – بالرغم من معرفتنا التامة بأن الأسلمة السياسية هي الغالبة على بنية ومفاصل مؤسسات المعارضة المختلفة كون المكون العربي السني الكريم هو الأكثر عدداً من بين مكونات الشعب السوري المختلفة ويشكل الحاضنة الأساسية للأسلمة المذكورة من جهة وكذلك لجسد المعارضة الوطنية من جهة أخرى وخاصة بعد انطلاق الاحتجاجات الثورية في منتصف آذار 2011 – كان ومازال المكان الطبيعي والخيار الوحيد أمام الحركة الكوردية وبالتالي ENKS وحزبنا . ومن جهة أخرى وكما سبق أن ذكرنا أن المعارضة الرسمية المتمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وعندما إنضم إليه المجلس الوطني الكوردي بتاريخ الـ 28 من تموز 2013 كان معترفاً به من جانب أكثر من 100 دولة من بينها دول عظمى مثل امريكا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة لدول وازنة مثل تركيا والسعودية والإمارات ودول الاتحاد الأوربي …إلخ . والوثيقة الموقعة بين الطرفين ( المجلس والائتلاف ) تعتبر صيغة متقدمة على كل المواقف والبيانات التي صدرت من طرف المعارضات السورية – باستثناء موقف رابطة العمل الشيوعي – منذ ستة عقود وحتى اليوم وذلك بالرغم من وجود ملاحظات عليها والتي تتعلق بشكل الدولة السورية المستقبلي وطبيعة نظام الحكم فيها ومواضيع أخرى تم ذكرها وتدوينها في الوثيقة من قبل ممثلي المجلس الوطني الكوردي . وإيماناً منا بأهمية التلازم بين مساري النضال القومي الكوردي والوطني السوري ، وأهمية وضرورة التخلص من نظام الاستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي المختلف ، فإن الخندق المعارض مازال هو المكان الطبيعي لحزبنا من خلال المجلس الوطني الكوردي ، وضرورة دوام الاستمرارية في الخندق الوطني المعارض وتعزيز دور الكورد فيه من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف مؤسسات المعارضة وبما يتناسب مع حجم المكون الكوردي كثاني أكبر قومية ، وتفعيل وتطوير جبهة السلام والحرية كإطار وطني معتدل ، وتغليب المشتركات على الخلافات مع كافة الشركاء الوطنيين المؤمنين بإعادة إنتاج جمهورية سورية اتحادية ، ونظام مدني ديمقراطي تعددي على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية ، وصياغة دستور جديد وفق مفردات الشراكة والتوافق والتوازن يضمن حقوق الجميع ويمنع تكرار تجربة البعث ويضع ضوابط واضحة وصارمة لمنع استفراد مكون محدد بالسلطة والثروة . ويبقى السؤال : 
ماهي الخيارات الواقعية المتاحة أمام حزبنا وبالتالي أمام المجلس الوطني الكوردي في حال الانسحاب من خندق المعارضة بشكل عام ومن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وبالتالي من هيئة التفاوض واللجنة الدستورية بصورةٍ خاصة ؟ .
يتبع …. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…