عزاؤنا في ارادة شعبنا التي لاتلين

صلاح بدرالدين 

مهما واجهنا من كوارث طبيعية، او سياسية، او إنسانية،وماأكثرها في تاريخنا منذ مئات السنين وحتى الان، يبقى شعبنا (من دون اغفال عوامل خارجية غير حاسمة) أولا وأخيرا الموئل، والمرتجى، وهو من يعوض، ويعيد التوازن الى الخلل الحاصل، بشريا، واجتماعيا، ويستعيد المبادرة الكفاحية القومية منها، والوطنية، بفضل صلابته، وعنفوانه البلا حدود، عن أجواء تبعات الزلزال المدمر الأخير اتحدث، فلاشك ان كلا منا (ككرد وسوريين خارج نفوذ النظام) وفي قرارة نفسه يشعر بان العالم قد تخلى عنا خاصة امام هول الكارثة في – جنديرس – وسرمدا – وأماكن أخرى، والبعض منا وصل به الامر الى حد اعتبار الزلزال الطبيعي وجها من (مؤامرة) محلية – كونية، والبعض الاخر منا يكاد يفقد الامل من المستقبل القريب والبعيد لاي دور إيجابي للعالم من حولنا.
ولكن وفي النظرة الواقعية من زاوية مغايرة يحدونا الامل الكبير، فبالرغم من عدم توفر الآلات الثقيلة لرفع الأنقاض، والدقيقة لتعقب الاحياء وانقاذهم (لاسباب عديدة) نرى كيف يبلي المتطوعون من كل الاطياف، والاعراق، البلاء الحسن، يحفرون الجدران باياديهم، واصابعهم دون توقف ليل نهار، وفي اصعب الظروف المناخية، وكيف تعلو البسمات محياهم عندما يجدون طفلا او اما، او مسنا مازالوا على قيد الحياة، او عندما نرى توالي المبادرات الفردية، او العائلية في تلك المناطق وخاصة – جنديرس – عبر جمع مايطعم ويقي من برد الشتاء، وكتب احد الأصدقاء على الفيسبوك ان سكان المناطق المجاورة للبلدات والقرى المتضررة جلبوا – قطرميزات – المخلل، والزيتون، وخبز الصاج (وهذا مايملكونه) لاطعام من تشردوا من بيوتهم، هؤلاء جميعا عينات من عظمة شعبنا الصبور الذي أصبح خبيرا في تحدى الفناء، ومستمرا في العطاء. 
ولن نذهب بعيدا حتى نرى المئات، والالاف من بنات وأبناء شعبنا في المهاجر، وخصوصا في الدول الأوروبية، يبحثون عن جمعيات مدنية غير مرتبطة بالاحزاب السياسية الكردية والعربية، وطرق آمنة لايصال المساعدات الى المتضررين بالوطن. 
بقي ان نقول ان الخيرين من شعبنا لن يتوانوا في الكشف عن تقصير بعض الجهات الحزبية التي تدعي التمثيل الشرعي للكرد، او الكيانات (المعارضة) التي تدعي تمثيل الشعب السوري، في أداء الواجب تجاه المفجوعين، والمتضررين، في مثل هذه الظروف الأكثر خطورة في تاريخنا وهذا واجب قومي، ووطني لايؤديه الا المخلصون لقضايا الشعب، والوطن، والذين يبدون الغيرة على قضيتهم اكثر بكثير  من المزايدين الذين يزعمون عدم جواز ابداء اية ملاحظة في هذه الأوقات وكان شعبنا كان بخير، وحركتنا كانت موحدة ومنتخبة قبل الزلزال، ولكن لايلام هؤلاء المزايدون لانهم حديثو العهد بالتعاطي مع الشأن القومي.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…