صلاح بدرالدين
هذه ليست المرة الأولى التي اناقش فيها الصديق د كمال اللبواني حول مسائل القضية السورية، التي نتشارك جميعا في مسؤولية التصدي لها، وقد سبق ان تحاورنا على منابر إعلامية حول شؤون، وشجون الكرد السوريين، وتوافقنا على الكثير منها، واختلفنا على البعض القليل الذي ظهر جزء منه في بثه الأخير، وسيكون في صلب موضوعنا اليوم، وذلك ايمانا مني انه ليس امام السوريين بكافة اطيافهم، وفي محنتهم المستمرة والتي تفاقمت اضعافا منذ اكثر من اثني عشر عاما وحتى الان، الا التحاور وصولا الى التوافقات، وتحديد وتعزيز المشتركات الوطنية، لاجتياز هذه المرحلة الأصعب في تاريخ البلاد.
أخطاء منهجية في البث المباشر الأخير للدكتور اللبواني
أولا – الخطأ الأول هو اعتبار – اجتماع دورتموند – المانيا الذي وقف من ورائه كما يؤكد هو بالذات، – قسد ومسد وجماعات ب ك ك بمختلف المسميات – وعقد تحت اسم (مؤتمر الشباب السوريين) وكأنه التأم بهدف حل القضية الكردية السورية، لان هذا الموضوع لم يكن في جدول الاعمال بالأساس، والهدف الأول والأخير كان التسويق لمحاولات هذه الجماعات التي تتكرر منذ عامين تقريبا، على شكل لقاءات فاشلة، تمت في ستوكهولم، والقامشلي، وأماكن أخرى، للظهور بمظهر خط ثالث ! (وطرف وطني ديموقراطي)، يسعى لبناء جبهة واسعة، يمتلك تجربة نموذجية في الإدارة الذاتية تصلح لكل المناطق السورية، مستغلا تراجع الثورة، والمعارضة، وذلك ليس من اجل اسقاط الاستبداد، واجراء التغيير الديموقراطي، بل لتعزيز أوراقه التفاوضية مع النظام.
نشطاء هذه الجماعات الذين يجيدون النطق باللغة العربية، يحاولون من اجل تحقيق ذلك الهدف، توريط، واغراء عناصر سورية غير كردية كانت بصفوف الثورة والمعارضة، وبينها اعلامييون، ومجموعات منتظمة في حلقات، وجمعيات في بلدان أوروبا، وامريكا، وخصصوا ميزانيات مالية سخية لتحقيق مبتغاهم، وأوكلوا مراكزهم، وجمعياتهم المرخصة في أوروبا لتولي هذه المهمة، وتنظيم فعاليات وبينها (مؤتمر الشباب السوريين).
ثانيا – البناء على الخطأ الأول أوقع الصديق اللبواني في مطبات عديدة، من بينها اعتبار هذه الجماعات وكانها تعبر عن الكرد السوريين، وتقود الحركة الكردية السورية، وانها تجسد إرادة الكرد في الانفصال، والدعوة للحرب العنصرية، وتغيير التركيب الديموغرافي بالقوة، متناسيا تاريخ الحركة الكردية السورية الاصلية والاصيلة منذ نحو قرن وحتى الان، ودورها الوطني، وتضحيات مناضليها من اجل الديموقراطية، والاستقلال، ومتجاهلا وقائع توافد هذه الجماعات منذ اندلاع الثورة السورية (التي شارك فيها الكرد)، بحسب اتفاق مبرم بين مركز – قنديل – ل ب ك ك، ومندوب نظام الأسد المقبور – آصف شوكت -.
قد يقول اللبواني وغيره: ولكن اين الحركة الكردية الاصلية المنتخبة من الشعب؟ وأين النخب الوطنية الديموقراطية؟ وما مدى قوتهم على الأرض من فصائل مسلحة وخلافها؟ والجواب هو بطبيعة الحال وقد ينبري احد ما ويتساءل وماذا يمثل السيد اللبواني في الحركة الوطنية السورية؟ وكم لديه من مسلحين؟ حتى يقرر مصير الاخرين، ويحدد دستور سوريا، ويرفض الصيغ المطروحة من حكم ذاتي، وفيدرالية، وخلافها؟ علما انني لن انكر يوما نضاله، وتضحياته من اجل وطنه وشعبه، ومعاناته في معتقلات أجهزة نظام الاستبداد، من جهة أخرى هناك عشرات الفصائل المسلحة المحسوبة على – الائتلاف – ولكنها لا تمثل الشعب السوري، بل تعيث فسادا على الأرض.
علينا ان نعلم جميعا ان الشعب السوري يمر بمرحلة استِثنائية انتقالية، وليس هناك مؤسسات وطنية منتخبة تمثل إرادة السوريين من العرب، والكرد، والتركمان، وكل المكونات الأخرى، وليس هناك افراد مخولون لتقرير مصير العباد، والبلاد، نحن نعيش فوضى هدامة، ونحتاج الى إعادة تنظيم الطاقات، والتفاهم عبر الحوار الخلاق، وهو امر في غاية الصعوبة بهذه الأجواء الغائمة.
ثالثا – الاتفاقيات، والمعاهدات الدولية المبرمة في زمن الانتداب، والاستعمار ومن ضمنها اتفاقية سايكس – بيكو، وكذلك وعد بلفور، وحتى معاهدة لوزان، ليست منزلة من السماء لا يجوز المساس بها، فهي جاءت في ظل موازين قوى دولية معينة، ويمكن ان تزول اذا تغيرت موازين القوى، وهي ممكن في أي وقت، كل ماابرم خلال الحربين العالميتين، وما بعدهما لم يكن بمشاركة شعوب المنطقة، بل فرضت فرضا، لذلك زوالها او ابطالها لن يضرا شعوبنا، بل يمكن ان تتم إعادة الحقوق الى أصحابها.
من جهة أخرى لا اعتقد ان نفي وانكار مبدأ حق تقرير مصير الشعوب فقط بخصوص الحالة الكردية موقف عقلاني سليم، فحجب هذا الحق المبدئي المقدس، والمسلم به، والمعتمد لدى جميع شعوب العالم، يصيب نضال السوريين أيضا في سبيل تقرير مصير مستقبل بلادهم، والنظام السياسي الذي ينشدونه.
والقضية قد تحتاج الى نقاش