ثورة الجياع

أحمد مرعان

( إذا أردت أن تخرب أي ثورة ، فقط أعطها بُعدا طائفيا أو دينيا وستنتهي إلى هباء )”
 علي شريعتي “
 المفكر الكوردي من روج هلات .. وقال أيضا ( إنهم يخشون من عقلك أن تفهم ، ولا يخشون من جسدك عندما تكون قويا ) ..
الثورة التي تنبع من معاناة وتتدرج ككرة الثلج وفق خطوات مدروسة تحقق النصر لا محالة، وإن لم تكن بالشكل المرغوب، إنما تسمى نصرا على مسببات الضنك، والعيش بكرامة في بوتقة التجاذب والتعاطف والشعور بالمسؤولية لتحقيق ذاتها وفق المصالح العامة التي تهم المجتمع، وتعود بالفائدة على الجميع والنهوض بالمجتمع للوقوف على الأخطاء وتصحيح المسار نحو إذلال الصعوبات، وتحقيق ما يمكن وفق الإمكانات المتوافرة للسير قُدما على طريق النجاح، ولو بشكل بطيء، إنما تتضح المعالم الأولية للجماهير وفق منهجية ديالكتيكية تنتجها الحالة للوصول إلى جادة الصواب ..
وعلى القيادات الثورية التي تقود الحِراك أن تنظم نفسها وفق نقاط اساسية وأهداف واضحة ضمن بوتقة تتصف بالثقة من قبل الجماهير ، وذات بُعد سياسي هادف لتحاور وتناور وفق معطيات الحالة، وعدم الاستهانة بالخصوم ، والتوقع بأنهم في موقع الدفاع فقط ، فلهم أجنداتهم وبيدهم السلطة والقوى والسلاح والمال، ويحاولون تغيير المعادلة بكل الإمكانات لصالحهم عن طريق الإعلام والدعاية، ومنح الامتيازات الشكلية، للمحافظة على ديمومتها والتمسك بزمام السلطة،  وتحاول بث روح الرعب والتشرذم في قلوب الجماهير المنتفضة بذرائع البعد الطائفي والمذهبي والديني، وتجند لذلك مجموعات مسلحة لهذا الغرض لفرض نظرياتها بغية القضاء على دوافع الثورة ونعتها بصفات مقيتة تخدم مصلحة السلطة ، فهم يدركون جيدا نقاط الضعف والقوة، ويحاولون التغلغل بطرق ملتوية إلى قلب الحدث وبث سمومهم بزج شخصيات موالية مدسوسة لتغيير مجرى ومفاهيم الثورة وتشويه السمعة التي قامت من أجلها، بربطها بأجندات خارجية للنيل من كرامة وعزة الوطن على حد زعمهم ..
ولنجاح أي ثورة هناك اربع نقاط يجب الوقوف عليها: 
١ – كسر حاجز الخوف لدى الشعب والتحرك ضد أنظمتها متجاوزة القمع الذي تمارسه السلطات .
٢ – الابتعاد عن العنف وردات الفعل التي تمارسه الأنظمة بإثارتها للخروج عن محتواها السلمي، وإيقاعها في فخ أستخدام العنف ، وتبرير الرد عليها وفق منهجية الرد بالمثل، وجرها إلى مستنقع القتل والإعتقال التعسفي .
٣ – الإجماع الشعبي على مطلب أسقاط النظام وزبانيته .
٤ – دراسة الموقف الفعلي للجيش ، وعليه يمكن تحديد مدى نجاح الثورة من عدمها أو إفشالها بقوة السلاح، فإذا كان الجيش متعاطفا مع الشعب فهذا يعني مقومات نجاح الثورة، وعليه يمكن أيضا نجاح الثورة إذا كان محايدا ، أما إذا وقف الجيش مع النظام فهذا يقلل من فرص نجاحها .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…