كوردستان في مهب الإعتداءات.

شـــريف علي

يبدو أن القدر قد حتم على أبناء كوردستان أن لا يفارقه االمآسي في الأشهر الأخيرة من السنة الحالية ، فمن السليمانية إلى عفرين المحتلة مرورا بسنه و مهاباد وقامشلو وسري كانيه و كوباني ،وفي الوقت الذي كان الشعب الكوردي والعالم يتابع الوحشية المفرطة التي يجابه بها أجهزة القمع الإيرانية الشعب المنتفض ضد استبداد النظام منذ السادس عشر اكتوبر الماضي إثر إغتيال الفتاة الكوردية جينا أميني ما تسمى بشرطة الأخلاق الإيرانية  ،وارتقاء عشرات الشهداء بنيران العسكرالتي إمتدت لتطال الآمنين في القرى الحدودية لأقليم كوردستان من دون أن تتردد في استخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات، فقد بدأ النظام الحاكم في تركيا  منذ العشرين من الشهر الجاري بشن عملية عسكرية عدوانية  تحت اسم (المخلب، السيف) وبذريعة ملاحقة مسلحي حزب العمال (بي كي كي )على امتداد حدودها مع كوردستان الجنوبية و الغربية بقصف مدفعي وهجمات جوية بالمقاتلات الحربية والمسيّرات مما تسبب في إرتقاء عشرات الضحايا بينهم الأطفال والنساء، و تدمير العديد من المنشآت الحيوية وتحت الأنظار الأمريكية والروسية  التي لم محرك ساكنا.
اللوحة تعكس الموافقة الضمنية لهما على العدوان التركي وإن تباينت ما يتوخاه كل جهة من أهداف ربما يجهلها حتى أدواتهم التنفيذية، بالنظر للترابط الذي بات محكما في هذا الوقت بين مختلف القضايا الإقليمية و الدولية في إطار الصراع الدائر بين القوى العظمى على الهيمنة و استحواذ مناطق النفوذ،وامتداد تلك العملية ليشمل القوى المؤثرة إقليميا لتمرير أجنداتها وتحقيق طموحاتها التوسعية على حساب حرية وحقوق جيرانها  مستغلة الظروف الدولية المواتية .على غرار سياسات الأنظمة الغاصبة لكوردستان وتعاطيها مع القضية الكوردية ضمن أطر كياناتها من زاوية الإسترقاق و المواطنة الدونية للكورد ،وبالتالي أي نهوض فكري قومي للشعب الكوردي ترى فيه تلك الأنظمة تهديدا لها و لكياناتها القائمة، تستوجب ردعها وقمعها بشتى الوسائل المتاحة بغض النظر عما تخلفه تلك العمليات من قتل و تهجير وتدمير، وهو ما يفسره الكم الهائل من المجازر وعمليات القتل الجماعي الذي يحفل به تاريخ المنطقة وجرائم حكامها الطغاة بحق شعوبها عموما والشعب الكوردي خاصة.
وما نشاهده اليوم من عدوان مفرط بالهمجية من جانب حكام أنقرة و طهران على الشعب الكوردي وعبر أعداء مصطنعين على إمتداد أجزاء كوردستان ما هي سوى إمتداد لسياسة الإرهاب  و الإستبداد  والتوسع تلك لدى النظامين مضافا إليها الهدف الذي يجمعهم وهو محاربة القضية الكوردية ،و ممن أثار حفيظتهم  التطور والإزدهار الذي تشهده كوردستان الجنوبية ،التي يرون فيها معقل الفكر القومي الكوردي والعمق الاستراتيجي الداعم لبقية الأجزاء،خاصة في أعقاب قرارات المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي عقد بإشراف ورعاية مباشرة من قبل الرئيس مسعود بارزاني ،وأكد على ذلك التوجه المعتبر إستراتيجية الحزب وأساس المشروع القومي الكوردي الذي هو يجسد سياسة حكومة الإقليم و بوصلة نضال الشعب الكوردستاني، هذا إلى جانب الألتفاتة المتزايدة من قبل المجتمع الدولي لقضية الشعب الكوردي وضرورة إيجاد حل عادل لها في كل من إيران والعراق وتركيا وسوريا بعد أن فرض الشعب الكوردي ذاته كلاعب أساسي في المنطقة لا يمكن تجاوزه إثر تصديه ودحره بفضل الإرادة الفولاذية لقوات البيشمركة  لأشرس تنظيم إرهابي استهدف الحضارة الانسانية وعلى إمتداد أطول جبهة في التاريخ إمتد لآلاف الكيلومترات من خانقين إلى كوباني .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…