من لا يخاف الموت يستطيع أن يوقع قيصر من على صهوة جواده!

نظام مير محمدي 

كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 
يوم السبت، 19 نوفمبر / تشرين الثاني، في اليوم الخامس والستين من الانتفاضة، صعد خامنئي إلى المشهد مرة أخرى مخاطباً حشدًا مختارًا، وادعى أنه سيتم إنهاء”الاضطرابات” ولملمة “بساط الشر”.
كما هو الحال دائمًا، كان جمهور خامنئي عبارة عن مجموعة من بيادق وأتباع حكومته ومريديه.
حاول خامنئي أن يلمّح لجمهوره أن سبب استمرار الانتفاضة لأكثر من شهرين هو سياسة التسامح التي ينتهجها النظام، لكنه قرر إنهاء “تمرد الانتفاضة” و”لملمة بساطها”.
لكن في الوقت الذي وجه فيه خامنئي هذا الاتهام، لم تهدأ الانتفاضة والاحتجاج خلال الأيام التالية في جميع أنحاء إيران، وخاصة في محافظات كرمانشاه وكردستان والمدن الكردية وأذربيجان الغربية مثل بيرانشهر ومهاباد وبوكان فحسب، بل ما زال صوت صرخة الموت لخامنئي والموت للديكتاتور يسمع في جميع المدن.
تجدر الإشارة إلى أنه في يوم خطاب خامنئي، تضمنت الإحصائيات الشاملة للانتفاضة 30 مدينة منتفضة (بما في ذلك 10 أحياء في طهران العاصمة) و 20 جامعة. وخرج المنتفضون والثوار إلى الشوارع بغضب أكبر ووجهوا ردًا لا يُنسى على خامنئي بشعارات “الموت لخامنئي” و “هذا العام عام الدم، وسيسقط فیه سيد علي [خامنئي]”.
كما أضرب 11 سوقًا في مدن مختلفة من البلاد. هذا على الرغم من أن الأسواق كان يُنظر إليها على الدوام على أنه “قاعدة” مربحة لا يمكن تفويتها لنظام ولاية الفقيه.
بعبارات أخرى؛ يتم تفسير إضراب التجار والبازارات على أنه رسالة كراهية لنظام الملالي بأكمله.
علاوة على ذلك، منذ الثورة الدستورية، حاول الملالي دائمًا إقناع المجتمع والرأي العام بأن هذه “القاعدة” التقليدية تنتمي إلى “مرجعية الملالي الدينية”.
وفي يوم الأحد، كان رد الناس على تهديدات خامنئي أقوى بكثير، بحيث اضطر النظام إلى استخدام المدرعات والأسلحة الثقيلة في مدينة مهاباد للتعامل مع الثوار والمنتفضين.
أظهر هذا بوضوح خوف خامنئي وقواته القمعية من انتشار الانتفاضة واتساعها.
في اليوم الثالث بعد تصريحات خامنئي الغاضبة وخوفه من استمرار الانتفاضة ؛ أصبح نطاق الانتفاضة أوسع وأكثر كثافة.
من مدن بيرانشهر ومهاباد وجوانرود إلى كرمانشاه وبوشهر ومرودشت (بالقرب من شيراز) وطهران، وقف الناس في كل مكان بشعارات «الموت للديكتاتور»، و«الموت لخامنئي»، و«الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد». لقد أوضحوا لخامنئي وأتباعه أنهم لا يخشون تهديدات وتحذيرات الملالي المتوحشين وليس لديهم ما يخسرونه.
وسيواصلون الصعود والانتفاض حتى الإطاحة الكاملة بالفاشية الدینیة الحاكمة لإيران. أثبت الثوار لخامنئي وقواته القمعية أن صناع القرار الحقيقيين هم الثوار في الشوارع.
جدير بالذكر أن حديث خامنئي عن لملمة ما أسماه “الفوضى أو الاضطرابات” لم ينعكس بشكل كبير في أبواق الدعاية للنظام، على عكس المعتاد.
والسبب في ذلك هو إصرار المنتفضين، الذين لم يرهبهم النظام وقواته القمعية فحسب، بل تلقوا رسالة من تصريحات خامنئي بأن النظام عاجز وضعيف في مواجهتهم، وهذا ما ظهر من خلال استمرار الانتفاضة وراديكالية الشعارات.
وفي ضوء اختيارهم وترکیزهم على أهدافهم، فإنهم مصممون أكثر من ذي قبل على إرسال هذا النظام إلى مزابل التاريخ إلى الأبد.
ويمكن استخلاص هذه الحقيقة أيضًا من افتتاحية صحيفة لوموند الفرنسية في 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، والتي كتبت: “لا يشك أي رجل أو امرأة إيرانية في أن النظام يستخدم كل جهوده لسحق أصوات المعارضة. لكن أسلوب التخويف والتهريب لم يعد فعالاً، فقد أصبحت الموجة الحالية من الغضب الشعبي أقوى بكثير من خوفهم “.
نعم وقالت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة: “يدّعي خامنئي أنه سيقوم بلملمة “الفوضى” و”بساط الشرور”. نعم، مع انتصار الثورة الديمقراطية وطي صفحة حكم الملالي وإرساء الديمقراطية وحكم الشعب، سيتم لملمة بساط الشر وجريمة الفاشية الدينية على مدى 4 عقود للأبد.”
لا شك أن من لا يخاف الموت يستطيع أن ينزل قيصر من على صهوة حصانه!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…

نظام مير محمدي* في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت…