سياسة القوالب الجامدة

مروان سليمان
كانوا مستجدين أحداثاً لا يعرفون الساس من الرأس و عندما دخلوا معترك الحياة و ابتسمت لهم حملوا السلاح تحت شعار حماية الوطن و المواطن، و إثناء التدرب على السلاح كان يصوب نحو الهدف و لكن الطلقة كانت تأتي تحت قدميه و يعيد الكرة مرة أخرى و يغضب المدرب و يضرب أخماساً بأسداس و يقول له بأن نهايتك وخيمة ، هذا هو حالنا مع الذين نأمل منهم تحرير الوطن و المواطن، إنه السراب بعينه  الذي يدل على الكذب الذي تمارسه الطغمة المتسلطة على حياة الناس، و مع ذلك يأتي أحد القيادات و يعتلي المسرح في الساحة الكبيرة و يبشر المتجمعين بالديمقراطية المنشودة و الحرية المعهودة و يشرح معانيهم (و يا ليته لم يشرح) لم يفهم أحد من الجمهور ماذا يحدث و ما الذي قاله هذا المسؤول و القيادي و لكن تجد التصفيق الحار من جميع الإتجاهات و ترفع شعارات من هنا و هناك و تعلو أصوات و صيحات الثائرين يمجدون الشهداء مع العلم بأن الحدث ليس له علاقة بذلك مع رفع الأصبعين دلالة النصر و الإنتصار.
القيادي محمول على الأكتاف و تؤخذ له الصور الجميلة ليتباهى بها لاحقاً، لم يفكر أحد بمكانه و أين كان و ماذا حدث له و ما هي قصته، و لكنه بقدرة قادر هو بطل شعبي و هو أول من يركب على المناصب و الإدارة و الكرسي و يظهر في أوروبا و أمريكا و يظهر في الأزمات و يعطي تصريحات و قرارات و وعود و لكن كلها بدون تنفيذ و كلها متخبطة فقط من أجل الإستهلاك المحلي و إقناع المستمعين بذلك، و لكن بعد ذلك يحاول احدهم الإتصال به و لكنه لا يرد على هاتفه لأنه لا مصلحة له بذلك و نسي هموم الناس و أصبح يعتمد على الكذب و الإفتراء تارة و النهب و السلب تارة أخرى و يتحول عمله إلى مجموعة من الأحلام و قراراته تزيد الأزمة حدة و يكثر وعوده و عهوده الكاذبة و يبقى يتمسك بالفاشلين حتى تضيق عليه الأمور إلى ذروتها ليتخذ قراراته الضعيفة و يبقى الشعب مجرد أدوات مخبرية يجري عليه التجارب بأفكاره الفاشلة و في الأخير يحمل حقيبته المليئة بالنقود و يجهز نفسه للسفر لكي يستمتع بأموال الشعب المنهوبة في البلاد الأخرى ليحكي لنا بعد ذلك بطولاته المزيفة التي لم يقم بها البتة.
الجميع ممثلون بارعون و يقومون بأدوارهم على أكمل وجه و الجميع له دور كبير في خلق الأزمات و تعقيد المشاكل لأنهم جزء منها و لم يبحث أحد عن الحلول و في النهاية يأتي الجميع ليظهر لنا بأنه إنخدع عندما دخل القفص و صفق داخله و ها هو الآن يتجرع ذيول الهزيمة بعد إن تجاهل كل النداءات و الحلول الممكنة، فهل ما زال هناك خيط و لوكان رفيعاً و آمالاُ بعيدة، إن التغيير يحتاج إلى قرارات و إرادة و لا حلول سواها من أجل إعادة الأمل المفقود. 
أسدلت الأحداث الأخيرة في المنطقة عن رغبات كبيرة لدى شعوب المنطقة  من الإنعتاق و لكن تبين لاحقاً بأن القادم كان أسوأ من الأول و كان الإبتلاء بمستحاثاة يضعون مصالح الشعيب في مؤخرة إهتماماتهم و تحت نعالهم في ظل واقع إنساني محبط حيث معاناة الناس و الغلاء الفاحش و ظهور طبقة لا يهمها من الوطن و الشعب سوى جمع المال و الإغتناء على حسابهم و شقائهم جاعلين حياتهم لا تطاق، حيث أطراف الصراع تحاول جاهدة استثمار المشاكل في تجاهل أسباب هذا الواقع الميؤس و النتائج الكارثية التي وصلوا إليها حتى الآن و يمضي كل طرف منهم في سياسة تجاهل المختلف معه بمواقف تتعارض مع بقية الأطراف لكي يخلي له الساحة في التحكم بمصير الآخرين و هذه السياسة قادت بلا شك الميليشيات و الفصائل الإرهابية المدعومة من تركيا و النظام السوري بالإضافة إلى إيران و روسيا لخوض نزاعات و حروب و الدخول في صراعات مستمرة منذ سنوات و جلعتهم بعيدين عن وضع الحلول العقلانية لهذا الصراع بسبب الخلط ما بين الأهداف التي قام من أجلها الشعب في التغيير المنشود حيث الدين و السياسة و القومية بالإضافة إلى ظهور العصابات التي لا تهمها سوى القتل و الدمار و جمع الأموال و لذلك بقيت الأهداف في قوالب جامدة و خطاب ناري لا يغني من جوع و قطيع لا يفهم الا لغة العنف و اخذ الأوامر من الآخرين، و من هنا فإنه لا بد لنا من معرفة  الحقيقة الكامنة بأن العزف على هذه الأوتار لن تحقق الأهداف المنشودة و لن يقود الآخرين في العزف على الوتر نفسه من سياسة الآخرين حيث لا يمكن تكرار تجربة حزب البعث الفاشي الذي لغى منذ عقود قيام دولة مدنية حاضنة لكل الناس دون تمييز أو تفريق.
مروان سليمان
السلك التربوي- المانيا
20.11.2022 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…