سوريا وتبادل الأدوار.. وتغيير لموازين القوى

عزالدين ملا

  يبدو من خلال ما يحدث على الأرض ضمن الخارطة السورية، أن هناك سياسة جديدة، يجري التخطيط لها، وسيناريو ضغط ومقايضة بين الدول الكبرى والإقليمية، وما الاشتباكات الأخيرة واجتياح هيئة تحرير الشام  لعفرين ومناطق فصائل وميليشيات الجيش الحر، سوى سياسة تركية روسية لفرض إملاءات جديدة وتغيير لمناطق النفوذ والسيطرة.
1- ما تحليلك لكل ما يجري من أحداث وتحركات؟
2- كيف تفسر الصمت التركي إزاء اجتياح النصرة لعفرين؟
3- ما رأيك بموقف أمريكا تجاه ما يجري؟ ولماذا؟
4- هل كل ما يجري له تأثير على الكُرد؟ كيف؟ ولماذا؟
5- ما المطلوب من الكُرد في هذه المرحلة الحرجة؟
شعبنا الكوردي تأثّر كثيراً فيما يجري في سوريا، ودفع ثمناً باهظاً
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، عبدالرحمن آبو، بالقول: «منذ بدء الثورة السورية في عام 2011، والتي تحوّلت بعد قرابة السنة إلى أزماتٍ مستعصية على معظم الصعد بفعل فاعلين، وإلى وقتنا الراهن لم تنعم جيايي كورمِنج (منطقة عفرين الكوردستانية) ولو بقليلٍ من الراحة والهدوء، وسُلِّمت من يد مُدمّى إلى يدٍ أكثر دمويةً ووحشية؛ إلى وحوشٍ غريبة ضارية أكثر فتكاً لا وجدان لها ولا ذرة ضمير؛ في قاموسها الدم. أصبحت منطقة عفرين ساحة حربٍ مستباحة مفتوحة، تمارس فيها الموبقات التي يخجل الإنسان السوي في لفظها، شملت الإنسان الكوردي والحجر والشجر. بالرغم من كل تلك الجرائم والحقد والبغض الدفين؛ لم يكتفِ الاحتلال التركي الغاشم، والنظام الديكتاتوري في دمشق، قامتا وعبر اتفاقية وبتخطيط مسبق مخابراتي وعبر أدواتهما الإجرامية بتاريخ 12/10/2022 بإطلاق يد جبهة النصرة المصنفة على لائحة القوى الإرهابية العالمية في عفرين عبر تبادل الأدوار والأماكن، واحتلّت أماكن العصابات المسلّحة التي أتتها أوامر الانسحاب دون حصول معارك حقيقية بكلّ يسرٍ وسهولة، لوضع منطقة عفرين على صفيحٍ أكثر سخونة في انتظار الجهد الدولي المجهول!، ووضع رزق شعبنا المحروم منه (موسم الزيتون) في مهبّ الريح. وباعتقادي المخطط الخبيث للثالوث وبرضى الدول العظمى ذات النفوذ لن يتوقف عند تخوم عفرين مع اعزاز، بل سيتجاوزها في المرحلة الثانية إلى منطقة جرابلس، وربّما أبعد. كلّ ذلك يأتي في إطار سياسة المصالح للدول الغاصبة والمحتلّة لكوردستان (النظامين السوري والتركي). وذلك بجعل جغرافية كوردستان- سوريا مقطّعةً ومجزأةً الأوصال، ضاربة إرادة شعبنا الكوردي في التحرّر والانعتاق والسلام في عرض الحائط».
يتابع آبو: «كما أسلفت أتى احتلال الجولاني نتيجة اتفاقية بين النظامين السوري والتركي وتفاهمات آستانا الأخيرة وبرعاية دولية. الطورانية التركية لها باعٌ طويل في صناعة وتخريج المجاميع الإرهابية، وتستخدمها وقت الضرورة، وتلعب بها كأحجار الشطرنج. هذا السيناريو كان مُعداً قبل أشهر كـ عملية “جسّ نبضٍ”، إلا أنه تم تأجيله لحين النضج. الاحتلال التركي هو المتحكّم الفعلي وبرضى النظام السوري الدموي وعلم القوى الدولية بمفاصل العصابات في مناطق عفرين واعزاز والباب وجرابلس. وأعتقد سيتم الانتقال إلى المرحلة الثانية قريباً».
يضيف آبو: «ان للولايات المتحدة الأمريكية الكلمة الأولى في الشأن السوري، وحتى العالمي، وذلك تبعاً لمصالحها بالدرجة الأولى؛ أبدت موقفاً إعلامياً وهي تعرف علم اليقين عن ماهية القوى والعصابات المسلّحة الموجودة على الأرض ومن تديرها، وأي الأدوار يلعبونها. تدير أمريكا الأزمة السورية بكل تفاصيلها، وتركيا مخفرٌ أمريكي بامتياز، وكما إيران الملالي. لا شيء واضح في السياسة الأمريكية تجاه معظم الملفات في سوريا، إلا أنّ الجلي في الأمر هو كيف تحافظ على مصالحها الآنية والاستراتيجية وديمومتها».
يؤكد آبو: «ان شعبنا الكوردي تأثّر كثيراً فيما يجري في سوريا، ودفع ثمناً باهظاً، كان فاعلاً في بدايات الثورة، والآن أضحى منفعلاً، لا حول له ولا قوة. بدأت القوى الغاشمة الفاعلة تنهش الجسد الكوردي من عروس كوردستان (عفرين الكوردستانية)، وقد لاقى أبناء شعبنا الكوردي الأمرّين، لم يسلم صغيرهم ولا كبيرهم من الجرائم الفظيعة والأهوال فقط لكورديتهم وجغرافيتهم الكوردستانية. وحتى الحجر والشجر لم يسلم من حقدهم وشرّهم، هجّروا عنوة إلى بلاد الجوار والخارج حاملين أحلامهم، جسدهم في الخارج وأرواحهم تحوم في ديارهم وخاصة أبناء شعبنا في عفرين وسري كانيية وگري سبي وكل كوردستان- سوريا. كلّ ذلك أثّرت في أداء حركتهم الوطنية الكوردية وطليعتها المجلس الوطني الكردي، وأصاب التشويش رؤيتهم وبالكاد ضياع قضيتهم الكوردية في كوردستان- سوريا ان لم نستكن إلى الثوابت القومية النابعة من قيم الكوردايتي ونهج البارزاني الخالد». 
يشير آبو: «ان كوردستان-سوريا وحدة جغرافية وسياسية متكاملة من ديريك (الجزيرة الكوردستانية) إلى راجو (عفرين الكوردستانية). وأي جزء عزيز من كوردستان-سوريا يصيبه السوء هو إصابة العام كله، وايّ أنين في عفرين وسري كانيية وگري سبي هو أنين في كوباني وقامشلو وديريك ودرباسية وعامودا وكركي لكي والحسكة ووو في كوردستان-سوريا، تجمعنا وحدة المصير. على الطليعة الواعية (المجلس الوطني الكردي) ان تقوم من سباتها، دفاعا عن الشعب الكوردي الذي ينتهك حرماته، ويُباد ويذبح ويهجّر من أرضه التاريخية، وتتحرّك انطلاقاً من المصلحة القومية الكوردية العليا (بما هو جزءٌ مهم وحامل للمشروع القومي الكوردي والكوردستاني)، وتدقّ أبواب العالم، وتضع على طاولتهم القضية الكوردية كقضية أرض وشعب له كل الحق في تقرير المصير، وفق صيغة (الديمقراطية للبلاد والفيدرالية لكوردستان- سوريا). قادمات الأيام حبلى بالمفاجآت والمتغيرات العاصفة، ومع حلول عام 2023 سيكون للكورد (شعب الشمس) موقعاً مشرّفاً تحت الشمس وبداية الدرجة الأولى في سلّم الدول بتثبيت مبادئ المشروع القومي الكوردي والكوردستاني بقيادة الأمين الزعيم الرئيس مسعود بارزاني حفظه الله ورعاه».
دعم الكُرد  قائم وسيشهد تطوّراً في الفترة المقبلة
تحدث رئيس فيدراسيون منظمات المجتمع المدني- سوريا، حسن قاسم، بالقول: «إذا كانت الاشتباكات الأخيرة التي أدّت إلى دخول “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (جبهة النصرة سابقاً) التي يقودها أبو محمد الجولاني مدينة عفرين قد بدأت باتّهام “فرقة الحمزة”، القريبة من جماعة الجولاني والعاملة بإمرة الاستخبارات التركية، بقتل ناشطٍ إعلاميّ وزوجته في مدينة “الباب” الواقعة في ريف حلب الشماليّ، أي في المنطقة التي تقع تحت سيطرة “الجبهة الشامية” المكوّنة من فصائل عدة ومجموعات متعددة الولاء والتمويل، والتي أفضت إلى استنجاد فرقة “الحمزة” بالجولاني بعد هجومٍ كاسح تلقّته الأخيرة من قوات تتبع لما يُسمّى “الجيش الوطني السوريّ” الذي شكّلته أنقرة قبل نحو عامين، إلّا أنّ هذه “التهمة”، لا تعدو كونها ذريعة أو شرارة جرى الانطلاق منها لتنفيذ مخطط أكبر تتقابل فيه واشنطن وأنقرة هذه المرّة، ولكلّ منهما غاياته وأهدافه. فمن جهة، تريد أنقرة إلغاء بعض الفصائل بالقوة عن طريق دفع الجولاني وجماعته إلى القضاء عليها والتوسع على حسابها، أو دفع بعض الفصائل إلى الرضوخ للأمر الواقع والذوبان في “هيئة تحرير الشام” التي يسعى الأتراك لتقديمها إلى العالم باعتبارها خلاصة “المعارضة السورية المعتدلة”».
يتابع قاسم: «تريد أنقرة الضغط على بعض تلك الفصائل كي تصبح جاهزة للانخراط في التسوية المحتملة التي يجري التفاوض عليه منذ فترة مع طهران وموسكو، والتي من المنتظر أن تظهر قريباً على شكل انفراجات في العلاقات التركية السوريّة، وربما الوصول إلى مصالحة سياسية وميدانية برعاية ثنائي “أستانا” القويّ في المنطقة، والصاعد على مستوى العالم. تلك التسوية التي من المنتظر أنْ تؤدّي إلى وصول المؤسسات الحكومية السوريّة إلى المعابر على الحدود التركية، وإدخال المساعدات الدولية عبر الجانب الحكومي السوريّ تحديداً، وهي النقطة التي شهدت صراعاً روسيّاً أميركياً قويّاً من أجلها في الأمم المتحدة خلال الأعوام الأخيرة».
في هذا السياق تحديداً يضيف قاسم: «بلغت ضغوط أنقرة أخيراً مرحلة التضييق الاقتصاديّ والمعيشيّ والخدميّ الممنهج للمناطق الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني”، التي تديرها “الحكومة الموقتة” التي أقامتها أنقرة وواشنطن قبل أعوام كواجهة سياسية للمعارضة السورية والفصائل المسلحة المنخرطة في مشروعهما المعادي للدولة السوريّة، حيث عمدت أنقرة إلى إيصال الأموال القطَريّة إلى مؤسسات وفصائل المعارضة في تلك المناطق، بالقطّارة، ما أدى إلى بروز فشل كبير في بضعة قطاعات خدمية، ومنها القطاع التعليميّ والقطاع الصحيّ اللذيْن شهدا إضرابات عديدة بين كوادره في الآونة الأخيرة، بسبب عدم تسلّمهم رواتبهم خلال الشهرين الأخيرين».
ومن جهة مقابلة يقول قاسم: «تريد واشنطن من خلال دفعها “الحكومة الموقتة” وبعض الفصائل المحسوبة عليها إلى المواجهة وخلط أوراق الميدان في تلك المنطقة في وجه أنقرة، إلى تعطيل المساعي الروسية الإيرانية الهادفة إلى الوصول إلى تسوية مع أنقرة، وإحداث التقارب السوريّ التركيّ، وهو ما ترى فيه واشنطن خطراً على مشروعها في سوريا، وانتصاراً جديداً لموسكو التي تخوض معها حاليّاً صراعاً محتمداً على المستوى العالميّ انطلاقاً من أوكرانيا، وترى أنّ سوريا هي أحد ميادينه الهامّة».
على هذا الصعيد يتطرق قاسم: «انه لم تقتصر رسائل واشنطن السوريّة على صندوق البريد التركيّ في الشمال، بل أوصلت رسالة قوية أخرى إلى دمشق وموسكو وطهران وأنقرة معاً، في أقصى الشرق السوريّ، حين أعلنت أخيراً توسيع مطار قاعدة “خراب الجير” في منطقة الرميلان النفطية، وهبوط أول طائرة شحن عسكرية كبيرة على مدرجه الجديد، تنقل معدات وأدوات عسكرية ونفطية، في رسالة مفادها “أننا باقون هنا” إلى وقت طويل، وأنّ أي خطة للانسحاب ليست موضع نقاش داخل أروقة المؤسسات الأميركية العسكرية والاستخبارية والسياسية في الوقت الحاليّ، وأنّ دعم الكُرد  قائم وسيشهد تطوّراً في الفترة المقبلة».
بالعودة إلى التفاصيل الميدانية في الشمال السوريّ، يردف قاسم: «فقد تعرّضت “فرقة الحمزة” التي تتمركز في مدينة “الباب” في ريف حلب الشماليّ الشرقيّ لهجوم واسع من قوات “الجبهة الشامية”، أدى إلى خروج “الحمزة” من المدينة تحت النار بعد تكبّدها خسائر فادحة، ليستمر القتال خارج المدينة وتتدخّل فيه فصائل جديدة تابعة لما يُسمّى “الجيش الوطنيّ”، ما أدى إلى تحرّك قوات “هيئة تحرير الشام” في اتجاه الريف الشمالي الشرقيّ، في فرصة وجدها الجولاني سانحة وعظيمة لتحقيق مآربه ( وأهداف أنقرة) وبسط سيطرته على عموم المنطقة في ريف حلب المتّجه نحو إدلب والحدود التركية والشرق في اتّجاه مدينة عفرين، آمِلاً الوصول إلى جرابلس». 
يشير قاسم: «أنه اللافت في أحداث الأسبوع الأخير المهمة جدّاً، هو الصمت التركيّ التام عمّا يجري على الأرض، ما يوحي برضى أنقرة عن توسّع “هيئة تحرير الشام” في اتّجاه أرياف حلب على حساب فصائل أخرى يتبع بعضها لأنقرة نفسها، فيما يعمل بعضها الآخر وفق الأجندة الأميركية، ما يحيله كثير من المراقبين المحليّين إلى رغبة أنقرة في اعتماد الجولاني كوكيل وحيد لها في المنطقة، باعتباره يقود إحدى أقوى وأكبر القوى المسلّحة هناك، ولكونه يسير في المشروع التركيّ وفق مخطط أنقرة الدقيق للمستقبل القريب المتعلّق باللاجئين ورعاية المصالح التركية على الوجه الأكمل، وربما الدخول في أي تسوية محتملة وقريبة تريد أنقرة فرضها على فصائل الجيش الوطني في الشمال، خصوصاً أنّ الجولاني قد وجد مصلحة له في السير في هذا الرّكب التركيّ، حيث من المفترض أنْ يضع يده على موارد مالية واقتصادية كبيرة في المنطقة، وهذا لا يُفسّر الصمت التركيّ عن الاقتتال الدموي الأخير فحسب، بل يكشف عن يدٍ تركيّة قويّة دفعت الجولاني نحو القيام بعمليته العسكرية تلك، وهو ما يردّده عدد من المحللين والناشطين السوريين العاملين في الشمال، حيث بدأ هؤلاء بكيل الاتّهامات لأنقرة ورئيسها إردوغان، الذي كان في نظرهم، حتى الأمس القريب القائد الملهم والمنقذ».
الموقف الأمريكي وسياستها غامضين منذ البدايات
تحدث عضو الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب كوردستان سوريا، عبدالكريم محمد، بالقول: «بالنظر إلى الساحة السورية السياسية والعسكرية على حدٍ سواء نرى الكثير من الشوائب والغموض، كما هنالك صمت دولي واضح على الحالة السورية بشكل عام، مما يعني أن الوضع السوري مازال معقداً، وسيستمر على هذا النحو، وسوف يطول الحل إلى أمدٍ غير مسمّى، وخاصة ما يجري على الساحة الدولية من أحداث متوالية كالحرب الروسية- الأوكرانية، وأيضاً أحداث إيران الجارية والاتفاق النووي بين أمريكا وإيران التي مازالت غامضة، ولم يتوصّل الطرفان حتى هذه اللحظة إلى أي حل لا بل الامر يتأزم بينهما. فكل هذه المجريات تُعَقِد الأمور في سوريا أكثر فأكثر لأنها مرتبطة بها بطريقة مباشرة وغير مباشرة، لذا قد يكون أي تحليل سياسي مجرّد تخمين وغير دقيق، ويبقى مجرد توقعات لا أكثر».
يتابع محمد: «رغم ذلك أستطيع القول بأنّ ما يحدث على الأراضي الكوردية في عفرين هي صراعات بين تركيا وروسيا وأمريكا بالارتباط مع النظام السوري وقسد، أعتقد جازماً بأن ما يجري مخطَط له مسبقاً من قبل كل هؤلاء، وسنشهد سيناريوهات عديدة قد تكون درامية ومثيرة في نفس الوقت وخاصة تركيا التي تحاول التملص وتجنب أزمتها مع سوريا، ومحاولاتها في التقرب إلى النظام السوري خير دليل بأنها تريد الابتعاد قليلاً وتخفيف هذا الحمل أو هذا التأثير المباشر عليها وعلى اقتصادها وسياستها الداخلية من جهة والخارجية من جهة أخرى. لذلك أجزم بأنّ تركيا دفعت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) إلى اجتياح عفرين كما أعطت الإيعاز للكتائب الموالية لها بالاستسلام للجبهة والانضمام إليها مثل العمشات والحمزات. ولأنّ هيئة تحرير الشام تعتبر من الفصائل المصنفة إرهابياً عند أمريكا وتركيا وكندا واستراليا، كما أنّ روسيا أيضا تتحجج بأنها ليست ضمن فصائل المعارضة المعتدلة، فلن تقبل أمريكا بها في هذه المناطق، وربما يكون هناك اتفاق مسبق بين تركيا والنظام المتمثل بروسيا ليتم فيما بعد احاطة هذه الكتائب (المعارضة) في منطقة محددة وضربها من قبل النظام وسيطرة الاخيرة على تلك المناطق، بمعنى آخر اعادة المناطق إلى النظام والاتفاق على إضعاف أو تقويض المنطقة التي تحت السيطرة الكوردية (قسد) هذا من جهة ومن جهة أخرى ربما تنوي تركيا أن تفحل حربا بريّة بين هؤلاء الارهابيين المتمثلة بالكتائب الموالية لها وقسد، وهناك سيناريو محتمل أيضا وهو انسحاب جبهة النصرة إلى ريف حلب مع البقاء على التحكم بالمنطقة من قبل موالين لها، فهذا الهجوم بمثابة انجاز بالنسبة لهيئة تحرير الشام لأنّ عفرين هي البوابة الرئيسية على ريف حلب أهم المدن في شمال غربي سوريا بموقعها الاستراتيجي والعسكري، وفي كلا الحالات أعتقد بأن الكورد مستفيدون من هذه الصراعات رغم الخسائر التي سيقدمها الكورد خاصة وأهالي المنطقة بشكل عام من كورد وعرب وسريان، وخاصة أنّ أمريكا في آخر تصريح لها هددت بالسماح لقسد دخول عفرين في حال عدم مغادرة هيئة الجولاني منها وهذا ما لن يحدث فعليا لأنّ تركيا سمحت لها بالولوج في عفرين، ولن تخرج منها الهيئة أبدا إلا بحرب ضروس مع قسد أو مع النظام والموقف الأمريكي هنا واضح ومعلن. إذا هناك تغيرات وسيناريوهات جديدة سنشهدها في المنطقة عاجلا أم آجلا، والمستقبل سيكون ذات طابع تفائلي رغم أنّ الأحداث ستطول وليست قريبة المنال».
يضيف محمد: «بحسب كل هذه المجريات والأحداث على الأرض يتوجب علينا نحن الكورد أن نقرأ الواقع السياسي جيداً، ونفهم ما يحدث ونلملم شتاتنا، وهناك سيناريوهات كثيرة بالنسبة للكورد وهي: اعادة عفرين إلى الحضن الكوردي، حيث من المتوقع أن يحدث الكثير من الخلافات بين الفصائل السورية المعارضة والمسلحة، وبالتالي ستنسحب تركيا تدريجياً من المناطق المسيطرة عليها، وربما ستهمل المعارضة السورية بشكل عام حتى الإئتلاف الذي يتواجد في تركيا، فتوقيف الرواتب واهمال المعارضة من قبل تركيا سيحدث تغيرات جذرية في المعارضة وستقسمها إلى قسمين، وستضطر المعارضة على اللجوء إلى دولة أخرى، وهناك عدة دول مقترحة لاستقبالهم. كما من المتوقع أن يتحقق الحوار الكوردي- الكوردي، ويتم الاتفاق على الكثير من النقاط لإدارة المنطقة، ومنها النقطة المهمة والأساسية ألا وهي العسكرية، حيث يتوقع دخول البيشمركة إلى كوردستان سوريا مستقبلا وهذا حدث لا محال منه، وبهذا سيكون الكورد قد أسسوا قوة عسكرية جبارة ومدعومة أمريكياً ودولياً، وأيضاً إدارة المنطقة بشكل يتحقق فيه جميع المقومات لحكم ذاتي أو فيدرالي بالمشاركة مع جميع مكونات المنطقة، وكل هذا سيكون في المستقبل القريب سياسياً والبعيد استراتيجياً».
يردف محمد: «نعلم جيداً بأنّ الموقف الأمريكي وسياستها غامضة منذ البدايات، وهي لا تفصح عن سياساتها ومشاريعها إلا بعد تنفيذها، ولكن تأكيدها بالاستمرارية في البقاء في شرق الفرات يعني بأنها ستحافظ على المنطقة، وبوجودها هنا سنشهد استقراراً نسبياً مستقبلاً، 
أخيراً
الوضع في سوريا متوجه نحو سيناريو جديد، وتكون السيناريوهات  بمجملها للكورد حصة فيها، لذلك ما يحتاجه الكورد هو لملمة شتات وتوحيد الجهود والموقف لتحقق ما يصبو إليه الجميع.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…