عفرين الكوردستانية إلى أين؟

عمر إسماعيل 

أمام  فصل جديد من الإرهاب وصمت دولي، تقدمت فصائل هيئة تحرير الشام المصنفة على قوائم الإرهاب الدوليّة إلى مدينة عفرين الكوردية والتي احتلتها القوات التركية عام 2018 ضمن عملية غزو سميت بغصن الزيتون، وأكدت المعلومات الأولية إلى انسحاب الفصائل المسلحة الموالية لتركيا فى عفرين ودخول عناصر الهيئة إليها من دون قتال، الامر الذي يشير إلى أن الأمور تتجه في  عفرين إلى المزيد من التعقيد وفصل آخر من فصول تبادل وتوزيع أدوار وظيفية أخرى للمنظمات الإرهابية والفصائل المرتزقة، في الوقت الذي كان يتطلع الشعب السوري بشكل عام والكوردي بشكل خاص الى حدوث انفراج ما والسماح بعودة مئات العائلات الكوردية الى مناطقهم الأصلية وبخاصة الى عفرين المحتلة رغم كل المخاطر الكبيرة على حياتهم، 
ولكن بعد سيطرة  هيئة تحرير الشام يوم الأربعاء ١٢ اكتوبر ٢٠٢٢ على ناحية جنديرس القريبة جدا من مدينة عفرين، بعدما سحبت قواتها  العسكرية من معبر الغزّاوية ومعبر دير بلوط، من دون قتال، وزعمت أنها اضطرت إلى التحرك خشية من التداعيات التي يمكن أن يتسبب بها الاقتتال بين الفصائل على منطقة سيطرتها في إدلب. وفي صباح اليوم الخميس انسحبت كل من الجبهة الشامية وجيش الإسلام والسلطان مراد من المدينة لصالح هيئة تحريرالشام على شكل اتفاق مسبق بين تلك الأطراف.
وبهذا سلمت مدينة عفرين عسكرياً،  إلى  أبو  محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام في مسرحية واضحة العيان، لأن ببساطة من المستحيل أن تمر صفقة مثل هذه الصفقة من دون علم وموافقة الاحتلال التركي، ومن غير المستبعد أن تكون هذه الصفقةهي ثمرة التقارب التركي-السوري، لاستكمال مشاريع تهجير الكرد واستيطان الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة الكردية واجراء تغيير ديمغرافي كلي لكوردستان سوريا عبر تسليم عفرين إلى مجاميع وارهابية ومرتزقة.
ولهذا ارى اننا اليوم أمام ملامح جديدة للتقارب السوري-التركي وهذه التمثيلية والسيناريوهات هي من إخراج الاستخبارات التركية والسورية، لكي يعطي ذريعة لتركيا وروسيا وسوريا للتصعيد العسكري في تلك المناطق بحجة محاربة الإرهاب ولتمرير واستكمال مشاريع تهجير الكرد وتغيير ديمغرافية المناطق الكردية ولزيادة تعاون النظامين السوري والتركي لسنوات طويلة والتلاعب بمستقبل ومصير سوريا ليضمن لهما عدم حصول الشعب الكردي على ابسط حقوقه القومية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…