«الثورة الإيرانية»، التحدّيات والمآلات! – الجزء الأول

نزار بعريني 

 يعتقد  بعض المحللين الإيرانيين بتميّز حراك الشعب الايراني في هذا التمرّد الشعبي  المستمر بوتائر متصاعدة  منذ ١٥ ايلول، والذي انطلق كرّدات افعال احتجاجية على مقتل الشابة “مهسا أميني” على يد جلاوزة ” الأخلاق “، وبات خلال أسابيع  يمتلك اهمّ سمات  الثورة ؛ من حيث الشمولية والإمتداد – وقد غطّى جميع ساحات ومدن  ايران دون استثناء وشمل جميع طبقات وشرائح المجتمع الايراني  – ومن حيث الأهداف السياسية ، التي باتت تطالب بإسقاط  رأس سلطة” نظام  الملالي”، المتمثلة بشخص ولي الفقيه!(١).
وجهات نظر مراقبين،أكثر تفاؤلا من قادة الحراك  الميداني ؛تعتقد ” أنّ الاحتجاجات الواسعة التي وصلت لنحو ١٤٠ مدينة وقرية إيرانية، ربما تؤدي بالنهاية لسقوط نظام حكم رجال الدين الذي يسيطر على السلطة  منذ شباط ٧٩ ، بشخص ومؤسسة المرشد ٧٩ ” وجيش ” الحرس الثوري”(٢).
احاول في هذه القراءة  ، ربطا بدروس ووقائع  ” التراجيديا ” السورية ، التي كان لسلطة النظام الايراني  دورا رئيسيا في صناعة  اخطر  فصولها ، وفي تقاطع للسياسات والمصالح  مع اهداف مشروع السيطرة الإقليمية الأمريكية، مقاربة  الإجابة على السؤال الذي  يطرح نفس بقوّة  في أواسط الرأي العام المتعاطف مع نضالات الشعب الايراني البطل : 
 هل تستطيع هذه الاحتجاجات تغيير ولاء مؤسسات القوّة  التي ما تزال تدعم سلطة نظام خامنئي ، وتصل إلى مستوى اسقاط النظام  ، أو على الأقل ، على مستوى إحداث تغييرات سياسية نوعية  في جناحه الأكثر تزمّتا ،  الذي يهيمن على السلطة باسم المرشد الأعلى، وبدعم غير محدود من قيادة الصف الأول  في “الحرس الثوري”-  أقوى مؤسسات النظام الإقتصادية والعسكرية ودراية في  وسائل القمع ، والأكثر تضررا من نتائج التغيير ؟” 
احاول توضيح الفارق النوعي بين موازين قوى الثورة  الديمقراطية التي اطاحت بنظام  الشاه في ك١ ١٩٧٨،  واوصلت سلطة الثورة المضادة  الخمينيّة الى السلطة في شباط ١٩٧٩ ، وموازين قوى الثورة الحالية ، من خلال الحديث  عن اهمّ العقبات  التي تواجه حراك الشعب الايراني اليوم ،على جميع الصعد والمستويات؛ علما انّها لا  تختلف نوعيّا  عن  التحدّيات التي واجهها حراك الشعب السوري  في ربيع ٢٠١١، وأنّ مردّ هذا التشابه يعود بالدرجة الأولى  لتماثل عوامل السياق التاريخي ، على الصُعد الإقليمية والدولية ؛  رغم الفاصل الزمني  ! 
 في الوقع ، توضّح  ظاهر تماثل  طبيعة الصراع السياسي على  السلطة في سوريا ٢٠١١ مع الحراك الشعبي السلمي الراهن في ايران،  في اهدافه وقواه وسياقاته ، جدّية  المخاطر وموضعيتها، وهي، في ضوء نتائج الصراع على سوريا،  قد لا تحول فقط  دون حصول الشعب الايراني  المظلوم على حقوقه السياسية التي باتت في رأس مطالب وشعارات الشارع المنتفض، فحسب ، وهو المرجّح ، بل و قد تُضيف هزيمة أخرى في سجل الهزام التي تعرّضت لها ثورات شعوب المنطقة، بشكل عام ، وعلى ضفّة الخليج ” الايرانية “، بشكل خاص –  حيث تعرّضت نضالات الشعب الايراني  الديمقراطية إلى سلسلة من الهزائم ، كانت دائما تستهدف منع تحقيق اهداف المشروع الديمقراطي ، وبناء مقوّمات الدولة الديمقراطية  الوطنية الحديثة ، بدءا من اسقاط   حكومة ” مصدّق”   الديمقراطية  ١٩٥٣ ، مرورا بثورة  ١٩٧٩ ، ( التي  هزمتها قوى” الثورة المضادة ” الخمينية )، وحراك   ٢٠٠٩، التي انهزمت فيها قوى ” الإصلاح الديمقراطية ” في مواجهة طغمة ” ولي الفقيه “، ..وما اعقبها من هزائم “ثورات الربيع العربي”، التي انطلقت شرارتها من تونس ، في الشهر الأخير من العام ٢٠١٠.
قد تبدو ” الإنكسارات ” هي  قدر نضالات هذه الشعوب ، وهي التي لم تستطع تحقيق اهداف المشروع الديمقراطي التحرري ، وبقيت خاضعة لشبكة واسعة من آليات النهب والسيطرة طيلة القرن الماضي  على الأقل ، رغم تغيّر الأقنعة ، وتحديثها بما يتناسب مع تطوّر آليات النهب والسيطرة التشاركية!
اعتقد انّ صيرورة  إدراكنا  لطبيعة القوى التي تصنع التحدّيات وتخلق العقبات في إطار سعيها ، في تشابك المصالح والسياسات  وتكامل الجهد ، لرسم  قدر تلك الشعوب ، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة  ، وبما يتناقض  مع منطق الضرورة التاريخية ، ويقطع مسارات تحققها   ،  لا تخرج عن سياق معرفتنا لطبيعة الثورة اوّلا  ؛ بما هي” ثورة وطنية ديمقراطية” في سياقها التاريخي،وقواها- الشعوب ونخبها الوطنية الديمقراطية-واهدافها – التي تسعى  لفرض انتقال سياسي  وتحوّل ديمقراطي، وبالتالي عبر خارطة طريق تفكيك وسائل  السيطرة وآليات  النهب التشاركي ، محليّا ، وعلى الصعيدين الإقليمي والإمبريالي -؛ وطبيعة ” الثورة المضادة ” ، التي يسعى عبر ادواتها وأذرعها المعادية للديمقراطية ، تحالف واسع للمصالح والسياسات ، في مرتكزاته المحليّة والإقليمية والإمبريالية، لصدّ حراك الثورة ، وقطع مسارات تحقيق اهدافها ، وتدمير جمهورها ، واوطانها ؛ إذا اقتضت الضرورة ؛ علما انّه لا يضعف موضوعية   تقاطع مصالحها وسياسياتها حول هذا الهدف الرئيسي  المشترك ما يبرز من صراعات بينيّة حول اهداف مشاريعها الخاصّة، المتنافسة لإقتسام  الحصص ومناطق النفوذ!
بمعنى ، أنّ  طبيعة المخاطر والتحدّيات التي يواجهها حراك الشعوب ، وطبيعة تحالف القوى التي تصنعها  ، يحددها بشكل رئيسي  طبيعة الثورة واهدافها، من جهة ، وما قد يترتّب على  نجاحها من عواقب  على شبكة مصالح واسعة لقوى محليّة وإقليمية ودولية ،تتعارض مصالحها  مع صيرورات التغيير الديمقراطي  في منطقتنا ، وقد شكّل تقاطع سياساتها وجهودها وخيارها الأمني/ الحربي  عاملا حاسما  في هزيمة اهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، وصنع اسباب تفشيل سوريا  !.
ضمن هذا السياق، يصبح من الطبيعي أن تتقاطع  دعايات  وتتكامل جهود جميع قوى  وأذرع  ” الثورة المضادة ”  عند تغييب خصائص الحراك التي تجعل منه ثورة ديمقراطية ، ومن أجل  تغيير طبيعة الصراع ، ودفعه على مسارات صراعات  أهلية ،  قومية أو طائفية ، تبرر لها أمام شعوبها والرأي العام  حروبها ضدّ قوى الثورة ، وتغيّب حقائق  تحالفاتها  الميدانية  والسياسية! 
بناء على إدراك طبيعة الثورة  الراهنة في إيران ، وسياقها التاريخي -بما هي ثورة شعبية ، ديمقراطية- وطبيعة تحالف قوى الثورة المضادة، التي تتضرر مصالحها وبالتالي تقف على أرضية العداء  للتغيير الديمقراطي- سلطة النظام الايراني، محليّا ، وسلطات انظمة الإقليم ، خاصّة النظام السعودي وأذرع النظام الايراني إقليميّا ، إضافة بالطبع ( وهنا يكمن أهمّ عوامل الخطورة )، لمراكز النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي، وقيادته الأمريكية – يمكن رصد أخطر  العوائق التي قد تحول دون انتصار حراك الشعب الايراني  الحالي :
اوّلا ،
على صعيد العامل الذاتي للثورة .
بخلاف  حالة الثورة الشعبية خلال العام ٧٨، ( التي كانت تقودها نخب سياسية  ودينية ومقاومة مسلّحة ، متمرّسة في النضال السياسي الديمقراطي وأساليب ” الحروب الشعبية ” ،مكّنت  النخب تشكيل حكومة انتقالية  ديمقراطية؛  حيّدت الجيش ، وفككت الأجهزة الأمنية  خلال فترة فصيره بعد مغادرة الشاه حوالي منتصف ك١)،ثمّة  اليوم “خلل بنيوي” ، عانت من عواقبه جميع ثورات الربيع العربي-  وشكّل في ” الثورة السورية ” احد اسباب عدم  توحيد السوريين في مواجهة الأخطار- يتجلّى اليوم في حراك الشعب الايراني بغياب القيادة السياسية الوطنية الديمقراطية ، التي تجسّد في ثقافتها ووعيها السياسي، وفي الممارسة السياسية النضالية ، مصالح  الشعب الايراني؛ فيما يتعلّق خاصّة بنضالها الدؤوب لفهم طبيعة المخاطر والتحديات المرتبطة  بالمصالح والسياسات التي توحّد جهود قوى” الثورة المضادة ” للتغيير الديمقراطي ،على الصعد الإيرانية والإقليمية والإمبريالية، وبالتالي افضل  وسائل وآليات مواجهتها ، بما يجعل منها قائدا  ميدانيا  للحراك؛  يوجّه نشاطه و يعزز وحدة الصف الوطني ،  ويقلل  من  الخسائر ، ويعمل على  تحقيق هدف الحراك المركزي – الأنتقال السياسي !
من المؤسف ملاحظة   انّ أعراض  الخلل لاتقتصر على بنى ووعي وسلوك  أحد تعبيرات المعارضة الإيرانية دون الأخرى،بل تطال الجميع .
إذا وضعنا جانبا تيّار ” الإسلام السياسي المتمثّل ب  ” آيات الله العظمى ” التي  ما زالت بمعظمها  تنحاز لنظام الملالي، و معارضاتها  ” شخصية ” ، غير مؤطّرة وليس من مصلحتها دعم حراك معارض للنظام ، يمكن ملاحظة ، ضمن  السياق العام لحركة نضال الشعب الايراني ضدّ سلطتي نظام الشاه السابق ، وولي الفقيه الحالي، تبلور ثلاثة   مستويات من المعارضات ؛ التيّار” الإصلاحي” و” الديمقراطي” و”القومي ” :
١-على مستوى الجناح الاصلاحي داخل النظام الإيراني،  برزت في سياق الصراع الداخلي  مجموعة من الأحزاب والقوى والتجمعات السياسية الإيرانية التي تسعى للإصلاح من داخل منظومة الحكم الإيرانية، وتتبنى -بشكل عام- التوجه نحو التجديد والتحديث الديني المرتكز على الممارسة الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان وفق الرؤية الغربية، مع اختلاف في الكثير من التفاصيل؛  وقد كان لنضالها الدور القيادي  في حراك ٢٠٠٩ ، لكنّها  تسير منذئذ  القهقري بعد هزيمتها في مواجهة التيّار المحافظ ، الذي يقوده ولي الفقيه شخصيّا  ، إلى درجة أصبحت معها اليوم قليلة التأثير على مجريات الصراع السياسي الذي بات محصورا  داخل  في اجنحة السلطة المحافظة  ،التي تتنافس  حول  صلاحيات”  الرئيس ” و ” ولي الفقيه “، أو ” خليفة ” الولي الحالي، المرشد الأعلى ، علي  خامنئي ، الذي يسعى لتوريث أبنه  ” منتجب “، في مواجهة منافسين اقوياء ، كان في مقدمتهم الراحل ” قاسم سليماني” والرئيس الحالي”، ابراهيم رئيسي “.
في الواقع ، شكّلت  انتخابات 2009  مرحلة مفصلية  في مسار” التيار الإصلاحي” .فبعد إعلان فوز  مرشّح ولي الفقيه المحافظ ” أحمدي نجاد ” ، رفض منافسه في  جولة الإعادة، الإصلاحي ،  مير حسين موسوي، نتائج الانتخابات، واندلعت  احتجاجات كبيرة  كان يمكن لها أن تقوّض سلطة ولي الفقيه، قطع مسارها  اصطفاف  الحرس الثوري الإيراني لجبهة الولي ، الذي بدوره حسمها لصالح  أحمدي نجاد! (٣).
٢- ” المقاومة الإيرانية !
  بعيدا عن الدعاية  ووسائل الترويج ، وتجيير بطولات وتضحيات المقاومين الديمقراطيين الإيرانيين ،الذين خاضوا نضالات قاسية  في مواجهة نظامي الشاه والملالي، اعتقد أنّه تمّ حرمان “المقاومة الوطنية الديمقراطية ” من خيرة قياداتها ، وأكثرها تمرّسا وإخلاصا ، وبالتالي تفريغها  من عوامل قوّتها ، وفاعليتها ، في سياق صيرورة  ترويض مستمرة ، قادتها  عمليا سلطة النظام الايراني، وساهمت فيها بأشكال مختلفة  سياسيات أمريكية وأوروبيّة ( تماما كما حدث في ترويض ” المعارضة السورية ” طيلة عقود )، وقد باتت تلك الهياكل والتنظيمات التي تقودها السيّدة” مريم رجوي”- في تجيير لنضالات زوجها  واسمه ،و تحت يافطة ” المقاومة الوطنية الديمقراطية الإيرانية”- اقرب ،على صعيد الوعي السياسي والممارسة والفاعلية ، لمعارضاتنا العتيدة !
لقد مارس الغرب،في سياق تعارض مصالحه مع سياقات التغيير الديمقراطي  واستراتيجيات الانحياز لسلطات الاستبداد ، اشكال مختلفة من التدجين تجاه المعارضة الايرانية ، كان ابرزها سياسات الحكومات الفرنسية والإمريكية المتواطئة مع اجراءات سلطة النظام  القهرية في اعقاب انتصار ثورة الخميني المضادة ؛ وقد استهدفت ، على المدى الطويل ” تفصيل “معارضات على مقاسات اجندتها ، وصناعة ادوات سيطرتها  السياسية والثقافية !(٤).
 في متابعة خطاب السيدة رجوي السياسي لانجد صعوبة في تشخيص نفس  اعراض ” عمى الآلوان ” التي تعاني منه ” المعارضات السورية “، ويجعلها تقدّم وعي سياسي مضلل لطبيعة الصراع  وقواه ، كما يتجسّد خاصّة  في تعويلها على ” المجتمع الدولي”، وقائدته الولايات المتّحدة لدعم نضالات الشعب الايراني  ،وجهوده لتغيير سلطة النظام، على طريق  التغيير الديمقراطي؛ في جهل او تجاهل لواقع الشراكة الاستراتيجية بين اهداف وادوات المشروع الايراني الإمريكي للسيطرة الإقليمية، الذي يضمن  بقاء مظلّة الحماية الأمريكية ؛ وهي  احد الاسباب الجوهرية لبقاء سلطة النظام الايراني، وتجددها ! 
تتحدّث السيدة “رجوي” في أحدى رسائلها لواجهات معارضات ايرانية في الولايات المتحدّة  عن  توقّع ” الشعب الإيراني من جميع الحكومات، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، إعادة النظر في سياساتها والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ” !!، في  ترويج لوعي سياسي غير موضوعي، وتضليل الرأي العام  حول حقيقة تعارض مصالح الدول التي تراهن عليها مع مسارات الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي- خاصّة ، الولايات المتّحدة!
  في احد خطبها  حول ” تاريخ المقاومة الإيرانية “، تسترسل السيدة رجوي في الحديث عن مزاياها ” الديمقراطية ”  التي يجب ان تجعل من وقوف الولايات المتّحدة  واوروبا الديمقراطية ”  إلى جانب الشعب الإيراني الحل الوحيد الصحيح والضروري والموثوق والمستقبلي”،  و ” ..الاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط هذا النظام وإرساء الديمقراطية وحكم الشعب في بلاده،.. وهو حق … غير القابل للتصرف”،  في جهل مريب لحقائق السياسيات الأمريكية التي تجعل من تلك العوامل الديمقراطية  ذاتها سببا وجيها لدعم سلطة الملالي الإستبدادية !(٤).
٣- الكارثة الحقيقية على مآلات نضال الشعب الايراني الديمقراطية تمثّلها ما تسمّى ” المعارضات القومية” التي تشكّل الوجه الآخر” للإسلام السياسي” في سوريا والإقليم  وتتقاطع مع الأدوار الوظيفيّة  لقوى اليافطات القومية السوريّة ،  العربية والكردية ، خاصّة حزب PYD  ، على صعيد الساحة الكردية !
في الواقع ، لدينا في سلوك ووعي القوى القومية الإيرانية ما يؤكّد حقيقة أنّ “القوميّة السياسية ” هي في نهاية المطاف الوجه الآخر” للإسلام السياسي” ؛ إذ يصبّ ما يقدّمون من ثقافة وقراءة ، وما يمارسون سياسيّا- الذي يبرر لسلطات الانظمة سياساتها القمعية  ضدّ جمهور الحراك الشعبي- في  تيّار جهود حماية سلطات النظم الإستبدادية ، مجسّدة في هذا السلوك  اخطر أدوات الأنظمة  لتفتيت وحدة جمهور وحراك التغيير الديمقراطي، وتفشيل مقوّمات  الدولة الوطنية!
المثال الابرز نجده في إنكار  بعض الأبواق ” القومية ” لطابع الثورة الديمقراطي ، وتركيز خطابها  على اشكال التناقضات الاجتماعية والسياسية، الطائفية والإثنية ، التي تغيّب  طبيعة  الصراع، وتمزق الصف الوطني الديمقراطي!
 تقدّم بعض اشكال الوعي السياسي “القومي ” الإيراني تبريرا  ، وتعطي غطاءا “وطنيا”  لمممارسات النظام القمعية ، وتظهره بموقع الحامي لسيادة الدولة ، ووحدة ترابها الوطني ، عندما تعتبر انّ ” الشعوب غير الفارسية ” تقع تحت سلطة ” أحتلال فارسي “( تماما كما تعتبر دعاية “المعارضات الطائفية ” التي يمثّل ” غسان عبود ” اشهر ابواقها انّ” الأكثرية السنيّة” تقع تحت احتلال سلطة “الطائفة العلوية” وحلفائها من الأقليات ، وبالتالي تصبح المهمّة المركزية للأكثريّة التحرر من سلطة الأقليات التي تحلها – لاحظوا  مدلول مفهوم ” المناطق المحررة ” الذي روجته أورينت – تماما كما  تعتبر “معارضات النظام ” داخل “الكرد السوريين  ” انّ ” حق تقرير المصير  للشعب الكردي ” هو هدفها المركزي ، وينبغي أن تستغلّ الظروف التي اعقبت حراك ٢٠١١لتحقيق هذا الهدف ، بغضّ النظر عن مآلات الصراع السياسي على السلطة ، أو  طبيعة السلطة المركزية!!
هل نحتاج الى” ذكاء خاص” لكي نكتشف ما تؤدّي إليه   بالمجمل  والمحصّلة ، بغضّ النظر عن النوايا والوعي ( وهي ليست بريئة ، عند قيادات الصف الأول!)،من تبرير وتفتيت للجمهور ونخب المعارضة، و تغيير لطبيعة الصراع ، لصالح السلطة ذاتها، وتجعل من هؤلاء ” المعارضين” بعض من أدواتها   !.(٥). 
ثانيا ،
على صعيد  السلطة الإيرانية .
من الطبيعي ان يشكّل الخطر الرئيسي على حراك الشعب الايراني السلمي نهج وادوات سلطة شمولية ، استبدادية ، لاتعرف سوى لغة القمع والتخوين في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة مشروعة ، وتملك وسائل قمع هائلة ، وقد تمرّست ليس فقط في مواجهة حراك الايرانيين  طيلة عقود ، (وقد شكّل  نهج  إقصاء المنافسين و سحق تطلٍعات المعارضين  طريقها الى السلطة منذ شباط ، ١٩٧٩ ، و الحفاظ عليها)، بل ، علاوة على ذلك ، في سحق تطلعات شعوب المنطقة لتحقيق ظروف حياة افضل !
صحيح انّه  حتّى الآن ، أقتصرت  ردّات فعل  النظام  على المواجهات الأمنية المتصاعدة ، التي وصلت في بعض المناطق  ” القومية الحساسة ” الى استخدام السلاح الثقيل ، في محاولة لتوجيه رسائل دموية قاطعة ، لكن تبقى في جعبة النظام ” اوراق ” قوّة إضافية ، يستطيع استخدامها عند الضرورة ؛ منها ،على سبيل المثال:
أ- عسكرة الحراك ، وتحويله الى ” حرب أهلية – قومية واثنية “، باستخدام ” اذرع الحرس الثوري” الإيراني الإقليمية ، التي تمرّست في مواجهة حراك شعوب المنطقة منذ ٢٠١٠ ، في سوريا ولبنان والعراق واليمن …وهنا تبرز خطورة  تجيير اطروحات  ” المعارضات القومية ” ، وما  تتضمّنه   من  سعي العاملين عليها  لإقامة كانتونات قومية مستقلة ، تهدد   موضوعية” سيادة ووحدة الدولة الايرانية”، و ما تعطيه ، بالتالي  لسلطة النظام  من  مبرر ” وطني ” لإستخدام اكثر ادوات البطش قوّة وفاعلية !!
ب-من المؤكّد عدم اقتصار وسائل مواجهة الثورة ، وكسر إرادة التغيير عند الإيرانيين، على وسائل القمع  السافر  ،المباشرة ، بل يستطيع  النظام استخدام وسائل إضافية لتعزيز فاعلية الخيار العسكري/ الأمني وبما يُفتتت وحدة ساحات النضال الوطني ، ويُمزّق صفوف الجبهة الشعبية المواجهة له. ضمن هذا السياق ، يمكن وضع إجراءات سلطة النظام الايراني  لمواجهة قوى الشارع ، وتحييد نخبها القيادية  على عدّة صعد ، يأتي في مقدمتها ،  على الصعيد السياسي ،قيام  سلطة النظام 
بإجراء إصلاحية ترقيعية ، صورية  – قد تبدأ بإلغاء القوانين الإشكالية ، وتصل الى درجة  إصلاحات حقيقيّة ، تعزز  صلاحيات  ” رئيس الجمهورية ” ، والبرلمان ، على حساب سلطة ولي الفقيه ذاتها …دون أن تصل ، بالطبع، إلى  إمكانية إعادة النظر ببعض  سياسات ونهج ولي الفقيه الإقليمية ؛التي تمثّل اهمّ اوراق قوّة النظام ، المرتبطة بدور سلطة  النظام الوظيفية ،الإقليمية !!.
ت- من المؤكّد انّه لا يفوت سلطة النظام  اهميّة  ضخ اعلامي وسياسي وعسكري في هياكل الحركات الإنفصالية ،( وقد شكّلت الميادين، التي تمّ إطلاقها في سياق مواجهة حراك الربيع العربي ،  احد اهمّ وسائل ترويج افكار دعايتها  الطائفية ، في تكامل مع ابواق ” معارضة “، كقناة ” أورينت ” !)، في مواجهة حراك الشعب السوري ، وتحويل طبيعة الصراع )،لتحويل طبيعة الصراع – بما هو صراع  وطني ديمقراطي، ضدّ سلطة إستبداد عنصرية وطائفية ،على المستوى الوطني الشامل   – وإحداث تغييرات جذرية في قواه ،تنقلها من مستواها الأفقي –  بما هي على مستوى   جبهتين متناقضتين ، جبهة قوى  السلطة وأذرعها ، وطبقتها السياسية / الدينية ، في مواجهة  مع قوى الحراك الشعبي، وطليعة نخبه الثورية – إلى مستويات الصراع العمودي -بين قوى سلطة النظام واذرعها ، وطبقتها السياسية والدينية ، وحواضنه القومية ، الفارسية ، بالدرجة الأولى، في مواجه قوى انفصال قومية ، وحواضنها الشعبية ، على مستوى المناطق القومية . 
ثالثا  ، 
   على الصعيدين الإقليمي والدولي. 
اعتقد انّ نجاح اجراءات النظام القمعية في إخماد جذوة الثورة لدى الإيرانيين، لا تعتمد فقط على طبيعة ووسائل القمع التي يستخدمها ، ويستطيع تجيير  في تعزيزها أذرع الحرس الثوري الإقليمية ، بل على طبيعة مواقف وردود افعال القوى الخارجية، إقليميّا ، وعلى الصعيد العالمي.
لفهم حقيقة مواقف الدول الإقليمية والإمبريالية  ، وطبيعة تأثيرها على مآلات الصراع السياسي الراهن على السلطة في ايران ، ينبغي على العقل الحر تجاوز افكار الدعايات التي تفبركها ابواق الطرفين الرئيسيين ،  الولايات المتّحدة  والنظام الايراني، لإخفاء واقع  علاقات شراكة استراتيجية  تشكّل  مشروع سيطرة تشاركي على قلب مثلث النفط الاستراتيجي العالمي، ومحيطه الجيوسياسي. في هذا الصدد ، اوّد لفت انتباه القارىء الكريم الى نجاح سياسيات الولايات المتّحدة والنظام الايراني في احكام اوسع شباك سيطرة ونهب تشاركية عرفتها المنطقة في مرحلة نهاية الحرب الباردة   ، تحت غطاء دخان كثيف من أكاذيب دعايات  مضللّة  ؛شكّلت نظرية  المقاومة/ المؤامرة الكونية والصراع حول ” الملف النووي “، اكثر مسرحياتها خداعا للرأي العام!!
هذا بالطبع ، لاينفي في  واقع الصراع، وجود تناقضات تكتيكية  ، حول اهداف مشاريع خاصة ، يسعى النظام الايراني  من خلالها  على امتلاك اكثر اوراق القوّة فاعلية وتأثير على مصالح الولايات المتّحدة، كضامن رئيسي لاستمرار وجوده على لوحة المصالح الأمريكية، وبالتالي ، ضمان بقاء سلطته تحت مظلّة الحماية الأمريكية  في مواجهة اخطار داخلية حقيقية ، تهدد وجوده عند اندلاع ايّة شرارة ….كما يحدث اليوم .
في هذه اللحظة الحاسمة من الصراع على ايران ، بين سلطة نظام قهري ، وشعب يتوق الى كلّ اشكال التحرر ، اعتقد أنّ وجود تناقضات تكتيكية  بين سلطة النظام الايراني ومنافسيها  على الصعيد الإقليمي( انظمة السعودية وتركيا وإسرائيل )، وشركائها، على الصعيد  العالمي، (الولايات المتّحدة، روسيا ، أوروبا الصين )،لايجب ان يُغيّب حقيقة  أنّه ليس من مصلحة الجميع ، على مستوى الأهداف الإستراتيجية، السماح بانتصار إرادة التغيير  العارمة لدى الإيرانيين، و تحقيق اهداف المشروع الديمقراطي  المركزية للشعب – انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي، والسير على خارطة طريق بناء مقوّمات المشروع الديمقراطي الوطني- تماما كما كانت عليه الحال تجاه حراك الربيع السوري، حين   شكّل تقاطع مصالح وسياسات ، وتكامل جهود الجميع في العداء لأهداف المشروع الديمقراطي  للشعب السوري، العامل  الحاسم في اسباب هزيمة ” الثورة السورية “!!(٦).
بناء عليه ، وبعيدا عن المشاعر ومواقف التضليل الايدولوجية ، من مصلحة نخب المنطقة الديمقراطية ، كما ونخب الشعب الايراني، ادراك حقيقية أنّ اخطر العقبات الخارجية التي تواجه تحقيق أمال الايرانيين هي شباك وآليات علاقات النهب والسيطرة التشاركية  بين سلطة النظام الايراني، وإدارات  الولايات المتّحدة  بالدرجة الأولى، وحكومات اوروبا ، وروسيا والصين ، في درجات تالية .
بوادر الدعم الأمريكي المباشر لسلطة الخامنئي ، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة، بدأت تطفو على سطح العلاقات ، رغم حرص الجميع على اخفاء طبيعة اهدافها !
خطوات التوقيع النهائي لصفقة الملف النووي  اصبحت عمليا في حكم التنفيذ ،وقد تمثّلت بمشهد ” تبادل الأسرى” ،  في 5 تشرين الأول الجاري  ،حين  غادر” باقر نمازي” ، وهو مواطن أمريكي محتجز بتهمة “التعاون مع قوة معادية” لأكثر من ست سنوات – أولاً في السجن ثم رهن الإقامة الجبرية – إيران لتلقي العلاج الطبي في الإمارات العربية المتحدة، كما وكان قد أُطلق سراح نجله “سياماك نمازي” يوم السبت ، ا ت١ ،  بعد قرابة سبع سنوات في الاعتقال. توقيت صفقة تبادل ” السجناء ”  ، (قد تشمل  السجناء الآخرين ، عماد شرقي ومراد طهباز” ) ،  مع  “صفقة معلّقة ”  للإفراج عن  مليارات الدولارات من  ثروات الشعب الايراني  المنهوبة  لا تخطأه العين ؛ ودورها في تعزيز وسائل كسر ارادة المحتجين لن تغطيها دعايات النظام الايراني والمسؤولين الأمريكان !!
رابعا ،
دروس واستنتاجات ،
في خلاصة القول، يبدو جليّا حجم الاخطار التي يواجهها حراك الشعب الايراني السلمي، وطبيعة المآلات التي قد تأخذها مسارات  الصراع السياسي، في ظل سلطة طاغية ، تستقوي على شعبها بشبكة واسعة من آليات النهب والسيطرة التشاركية  ، الداخلية والخارجية؛ بما يجعل من قدرة الحراك على بناء ” قيادة ميدانية” – وطنية ديمقراطية، قادرة على استلهام  اهم دروس التجربة السورية ، خاصّة إدراك طبيعة الدور الأمريكي / الأوربي ، التي انحازت  حكوماته في الصراع السياسي على سوريا لصالح استمرار الوضع القائم ، ورفض التغيير  ، الشرط اللازم والضروري ، ليس فقط لمراكمة إنجازات تاريخية على طريق تحقيق اهداف المشروع الديمقراطي للشعب الايراني، بل ولتجنيب الايرانيين ، والدولة الايرانية  ما اصاب السوريين ، ولحق بدولتهم من تفشيل !
المهمّة  الجوهرية  في الوعي السياسي المعارض يجب تتمحور حول  إدراك طبيعة المصالح والسياسات التي توحّد صفوف” قوى الثورة المضادة”، في مرتكزاتها السلطوية  وأذرعها  وادواتها المحليّة ، وفي مصالح الأنظمة  الإقليمية والإمبريالية، والتي تضعها عمليّا ، رغم تناقض اهداف اجنداتها الخاصّة، في خندق العداء لأهداف وقوى الانتقال السياسي والتغيير الديمقراطي للشعب الايراني؛ وبالتالي الحصول على الاستنتاجات التي تصبّ في خدمة مشروع النضال الديمقراطي الوطني، وفي مقدمتها عدم التعويل على ، أو الإرتهان لأجندات  أيّ من قوى الثورة المضادة، خاصّة حكومات الولايات المتحدة الأمريكية  واوروبا الديمقراطية؛ وبما يجعل من الحفاظ على القرار السياسي الوطني الديمقراطي المستقل همّا يوميّا في وعي وسلوك القوى الديمقراطية!
           السلام والعدالة  للشعب الايراني  البطل ، ولشعوب المنطقة!
(١)-يقول السيد ” حسن راضي ” في جوابه على سؤال : هل ترى أنّ هناك تمايزا في حراك  اليوم  ؟.
..” بدأت احتجاجات على مقتل” مهسا” ، لكن سرعان ما تغيّرت البوصلة …هي ثورة …لأنّها منذ ٤٨ عاما ، جميع الشعوب تنتفض في وقتا واحد.   جميع شرائح المجتمع…عمال. موظفين…طلاب. تجار ..وما بجمع هؤلاء هو هدف الاطاحة بالنظام الايراني ..وهتافات الموت لخامنئي..حرية  للنساء ..وحياة كريمة للجميع… 
للمزيد من التفاصيل ،  يمكن مشاهدة  موقع  “حوارات مسار من أجل الديمقراطية” الكندي ،  بإدارة الأستاذ “عماد الظوهرة ” والدكتور ” ميشيل سطوف “،وعنوان الحلقة ”   انتفاضة الشعوب في ايران ضدّ إستبداد حكم الملالي: الدّلالات  والمسارات المحتملة !”
 السبت، ١ت١.
رابط ” الفيديو “: 
( https://fb.watch/f_vXv_fpE8/)
(٢)-
(٢)-تقول الخبيرة في الشؤون الإيرانية ورئيسة تحرير مؤسسة “ذي فورين ديسك” “ليزا دفتري ” إنّ “الطريقة التي سيتم بها الإطاحة بهذا النظام ستكون عبر الشعب، وهي ذات الطريقة التي وصلوا بها إلى السلطة”.
وتضيف دفتري أنه على الرغم من وحشية النظام في التعامل مع الاحتجاجات، إلا أننا نرى المتظاهرين متحمسين أكثر من أي وقت مضى”.
وتشير دفتري إلى أن “الشعب الإيراني يوصل رسالة للعالم أنه قادر على تحمل عبء إسقاط النظام، لكنه بحاجة إلى المساعدة”.
(٣)-يعود ظهور” التيارات  والشخصيات الإصلاحية- الديمقراطية”  في أجهزة النظام  الإيراني  إلى بدايات الثورة؛ حيث تولى أحد رموزها ، صاحب التوجه الاشتراكي الديمقراطي ،” أبو الحسن بني صدر”، رئاسة الجمهورية  الوليدة في اوّل انتخابات رئاسية ، ك٢  ١٩٨٠؛ وكان قد بدأ مسيرة صعوده عندما عيّنه الإمام الخميني رئيسا ل”مجلس الثورة” في السابع من شباط/١٩٧٩ ، ثمّ   عُيّن وزيرا للاقتصاد وبعدها وزيرا للخارجية في الجمهورية الإسلامية ” قيد الولادة !!
رغم علاقات الصداقة التاريخية  الحميمة بين الصدر ، الأب والأبن ، والخميني ، اصطدمت توجهات “الصدر”  الليبرالية مع توجهات الهيمنة  الدينية  “لآيات الله ” لذين قادوا” الثورة المضادة ” عمليا ،  بقيادة الخميني ، وحاول التعايش معهم على مدى 17 شهرا ، لكن محاولاته باءت بالفشل؛ وقد أدرك متأخّرا  أنّه لم يكن سوى واجهة لتثبيت سلطة  الثورة المضادة ، لأصحابها  ” آيات الله “، الأكثر إخلاصا  في دعم نهج ولي الفقيه، الخُمينيّ  . 
وفّرت  ” الحرب  على العراق ” التي أطلقها الخميني وحرسه الثوري قيد التشكيل  في صيف  1980 ، أفضل الظروف  على الصعيد الداخلي  لتصفية الخصوم والمنافسين ، و تثبيت اركان السلطة الجديدة( وقد شهدت ” تحييد ” ، بالإضافة إلى عشرات الألوف من ” ضباط ” الجيش الإيراني وعناصره ، و الآلاف من المعارضين السياسين الذين اطلقت سراحهم حكومة “بختيار “الديمقراطية، التي قلبها الخميني في شباط ١٩٧٩ )، وبالتالي بداية  النهاية لفترة حكمه القصيرة،وقد اتُهم  بتعطيل المجهود الحربي، وعزل بناء على قرار “مرشد الثورة الإسلامية”، وأصبحت حياته مهددة في الأيام القليلة التي تلت ذلك، فاختفى عن الأنظار، إلى أن استطاع الهرب إلى منفاه الاختياري في فرنسا ،  وكان أوفر حظّا من آخرين ، لاقوا حتفهم ، في ظروف صراع مكشوف ، استخدمت  فيه  أذرع الحرس  اقذر الوسائل ، وصلت الى درجة ” الذبح الحلال “، وفي قلب عاصمة الديمقراطية وحقوق الانسان- باريس – على مرأى ومسمع من أجهزة ” الحكومات الديمقراطية “!
على أيّة حال ،   تلقى التيار الإصلاحي دفعا كبيرا خلال الفترة التي تولى فيها الرئيس الأسبق الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني  الرئاستين الخامسة والسادسة، بين 1989 و1997،وحاول أن يوظّف الاقتصاد والسياسة الخارجية لإخراج ايران من العزلة التي اوصلتها اليها سياسات ” المحافظين ”  ، بينما أطلق فريقه خطابا جديدا دعا لإيجاد تغيير في السياسات الخارجية الاقتصادية والاجتماعية. 
لاحقا اتسعت فجوة الخلاف  بين رفسنجاني وخامنئي ، الذي إنحاز للملالي ، وخطّهم المحافظ ، بينما اظهر رفسنجاني  ميلا لتعزيز العلاقات العلنية مع الغرب والانفتاح على الصعيد الداخلي، وخسر ” رفسنجاني ” معركته ٢٠٠٩ ، عندما دعم المرشد اعادة انتخاب أحمدي نجاد ،ضاربا عرض الحائط بتهديدات   رفسنجاني ب”اجتياح الشارع”، إذا أُعيد انتخابه! 
في محطّة جديدة لصعود التيّار الإصلاحي ، شكّل وصول الرئيس” خاتمي ” للسلطة عام 1997 “ميلادا” جديدا للتيار، وعلامة فارقة في مسيرته ، وشهدت فترته تحولات فكرية ومراجعات أجراها” اليسار الديني”، وبزغت مصطلحات ومفاهيم جديدة تتعلق بالمجتمع المدني واحترام القانون وقبول الاختلاف، كما لعب خاتمي دورا كبيرا في بلورة حوار الحضارات.
بعد فوز خاتمي وضع هذا التيار لنفسه اسم التيار الإصلاحي، أو الإصلاحيون، وأطلقت بعض مجموعاته على نفسها “تنظيمات الثاني من خرداد” (اليوم الذي انتخب فيه خاتمي حسب التقويم الإيراني)، وضم في البداية 18 حزبا يساريا، لكنه توسع وتمدد ليصل إلى أكثر من خمسين حزبا ومجموعة. 
المؤسف  أنّه رغم مناداته بتحقيق إصلاحات سياسية وثقافية واجتماعية، بقي خاتمي يدور حول نفسه ، عندما رفض ” استغلال  الرئاسة ”  لتقويض صلاحيات ولي  الفقيه، الذي لم يتوانى لاحقا عن  حسم الصراع لصالح سيطرة مطلقة لولي الفقيه ، وتياره المحافظ. !!؟
(٤)-في باريس ، حيث ” تُعسكر ” قيادة ” المقاومة الإيرانية “، تمّ  في الواقع ، بعد عمليات تصفية ضدّ اهمّ رموزها الوطنية الديمقراطية ، وفي مقدمتهم ” شابور بختيار ” ١٩٩١ ، و” مسعود رجوي “٢٠٠٣ ، ” احتجاز ”  ما تبقّى من قيادات ” المقاومة الايرانية “،  ، في صالات فسيحه ،تتسع للمهرجانات والخطب الرنانة ، مقابل إطلاق يد الخميني وميليشياته  للسيطرة على إيران  !
من المؤسف الإشارة الى واقع ” تواطؤ”  الحكومات الفرنسية ( ومن خلفها الأمريكية )مع  سياسات الحرس الثوري  ل”تحييد ” ليس فقط  أبرز زعماء المعارضة الديمقراطية –  ومنهم رؤساء حكومات ووزراء ورؤساء ، ساهموا في  إطلاق المقاومة وقيادة الثورة الديمقراطية ، وتشكيل حكومة ديمقراطية – بل وايضا أبرز قادة تيّار الإصلاح في النظام الجديد ؛  قتلا واعتقالا وتغييبا عن المشهد السياسي خلال الثمانينات .
https://www.facebook.com/1623082001272552/posts/
pfbid02dSnfFBfjDwJJNqJqCDTE1xAZtrvGQnMNtUu5k56gb7s3azgbRRKFtbYb2GbpKyebl/
(٥)-مع الأسف ، تساهم ” صالونات ”  نخب “المعارضات الإيرانية ” في ترويج ما يغيّب  طبيعة المصالح المشتركة بين سلطة النظام الايراني والولايات المتحدة”، التي تشكّل ، في نهاية التحليل ، مظلّة الحماية الأكثر فاعلية . يأتي في هذا رؤيتها لطبيعة “الصراع ” المرتبط  بمسرحية  “الصراع حول ” الملف النووي “!!
في “رسالة إلى المؤتمرين  في البرلمان الفرنسي ” 
تقول السيدة رجوي ” زعيمة المقاومة الإيرانية “:
” أيها البرلمانيون المحترمون
السيدات والسادة
أيها الأصدقاء الأعزاء
تحية إلى السيدة” ميشيل دوكولور” رئيس اللجنة البرلمانية من أجل إيران ديمقراطية(!!)، وإلی مساعدي الرئيس وزملائها للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران(!!!؟؟ مبيّنة ما شاء الله نتائج دفاعهم عن ” الديمقراطية وحقوق الانسان “!).
“التّهديد الخطير الکامن  في برنامج الملالي النووي ومحاولاتهم لنشر الحروب في الشرق الأوسط والعالم يحتاج إلى حل…..
على مدى العقود الأربعة الماضية، لم يدفع النظام الإيراني ثمن الجرائم التي ارتكبها داخل إيران وخارجها( وشو تفسير ذلك ، من وجهة نظر مصالح الدول القادرة على جعله يدفع الثمن، يا سيدة رجوي!؟) ولم تواجه أوروبا والمجتمع الدولي بشكل حاسم مع ممارسات هذا النظام. ( هل كانت لتقف ” اوروبا والمجتمع الدولي ” متفرّجين ، لو كانت سياسات النظام تهدد مصالحهم ….أي تسامح هذا ؟!)
   ثمّ تضيف :
” في الثلاثين سنة الماضية، كشفت المقاومة الإيرانية، من خلال مائة مؤتمر عن نوايا النظام الشرّيرة في سعيه لامتلاك القنبلة الذرية. وفي أغسطس 2002، كشفت المقاومة عن الموقعين النوويين الرئيسيين للنظام.(كثّر خيركم ، والله ، كأنّه اجهزت الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية عاجزة عن معرفتهم !!)
مع الأسف، لم يستغل العالم هذه الفرصة لإنهاء الأنشطة الخطيرة للملالي بشكل دائم.(أيّ تضليل هذا ! لم يستغل ..قدّيش هذا “العالم ” جاهل بمصالحه!! 
” من ناحية أخرى، ظل الملالي يضطهدون الشعب الإيراني طوال هذه السنوات؛ كما في الوقت نفسه، يواصلون زعزعة استقرار المنطقة، وخاصة في العراق ولبنان وسوريا واليمن….
بسبب عدم وجود سياسة حازمة…”  بسبب عدم وجود سياسة حازمة!! تغييب للحقائق حول تقاطع المصالح، وطبيعتها ، الذي يسمح بتمدد أذرع المشروع الإيراني !!
في مقالات عديدة ، تتساءل رجوي بسذاجة عن اسباب تواطؤ الولايات المتّحدة وغربها  تجاه سلوك سلطة النظام:
” لطالما دفعت الحكومات الغربية ثمن مهادنة الفاشية الدينية من جيوب الشعب الإيراني.
ودفعوا الثمن بالتزامهم الصمت إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، بما في ذلك مذبحة 30 ألف سجين سياسي.
وكذلك دفعوا ثمن ذلك على حساب مصير دول الشرق الأوسط وتقاعسهم حیال نشر الحروب من قبل النظام في المنطقة.
والأن أصبحت المصالح الأمنية والحيوية للدول والمجتمعات الغربية معرّضة للخطر.
هل تريد الحكومات الغربية تسلیح الفاشية الدينية والبنك المركزي للإرهاب بأسلحة نووية؟
لسنوات، تم تجاهل الشعب الإيراني ومطالبه.
بينما اليوم يشكل الشعب أهم عامل لتقرير مستقبل إيران.
في عام 1977، على الرغم من وجود العدد الكبير من المستشارين في إيران، لم تستطع الولايات المتحدة فهم الواقع الموضوعي في إيران(!!!!)( شو اغبياء هؤلاء الأمريكان ، الذين أدركوا منذ اكتشاف النفط السعودي قيمة الكنز الذي تحتضنه دول المنطقة …واسقطوا حكومة  ” مصدّق ” عندما قررت تأميم النفط !)في المقابل، كانت إيران توصف بجزيرة الاستقرار.
هل تريد الولايات المتحدة وأوروبا تكرار نفس التجربة هذه المرة أیضاً؟
نحن نقول، ‌يجب اتخاذ سياسة صحيحة مسؤولة.
سياسة إبداء الحزم ضد النظام والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني”.(!!).
أيُّ تضليل هذا !
هل حقّا  تجهل السيدة رجوي استحالة ان تتجاهل الولايات المتّحدة وشركائها ايّة سياسات على سطح الكوكب تضرّ بمصالحها ، فما بالكم اذا كان الخطر يطال مصالح تلك الدول في قلب منطقة”  مثلث النفط والطاقة” الإستراتيجي العالمي؟. اذا كانت تجهل ، فهي مصيبة ، ستقود  قيادتها  المستمرة ، التي ورثتها ، نضالات الشعب الايراني الى المزيد من الهزائم …وهو المطلوب ، من وجهة نظر مصالح واشنطن وباريس…التي تتحقق بوجود نظام الملالي، وليس بفضل نظام ديمقراطي!!
لنتابع :
” نحن نقول، ‌يجب اتخاذ سياسة صحيحة مسؤولة.
سياسة إبداء الحزم ضد النظام والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني.
لماذا يعتبر الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني الحل الوحيد الصحيح والضروري والموثوق والمستقبلي؟
لأن الشعب الإيراني أصبح مرناً في النضال ضد دكتاتوريتي الشاه والملالي.
وتبلورت حصيلة معاناتهم الطويلة في مقاومة تاريخية وبديل ديمقراطي.” 
https://www.maryam-rajavi.com/ar/mullahs-regime-terrorism-nuclear-defiance-power-democratic-change-iran/
تتجاهل السيدة رجوي انّ في صيرورة  المعارضة  ” بديل ديمقراطي ” يكمن السبب الجوهري لدعم نظام الملالي، الإستبدادي !! هل يُعقل ان تنطلي دعاية واشنطن  وأكاذيبها حول حرصها “لتعزيز الديمقراطية ” في منطقة ” مثلث النفط ” ومحيطه الجيوسياسي؟ وماذا عن الحقائق ، منذ ١٩٥٣؟
(٦)-يقول السيد ” منصور الأهوازي” ،الناطق بلسان” الجبهة الوطنية الديمقراطية الأحوازية “…و المسؤول عن العلاقات العربية ، في تعقيبه على طلب الأستاذ ” عماد الظوهرة ” بوضع الحضور بصورة ما يحدث اليوم  على ارض الواقع”:
“خاض الأحوازيين ثمانية عشر انتفاضة وثورة ضد الاحتلال الايراني. 
جاءات الفرصة١٩٧٩ ، حين حدثت ثورة للشعوب غير الفارسية ، التي وجدت فيها فرصة للخلاص من الهيمنة الملكية ، من اجل الحصول على حقوقهم القومية، ولهذا شاركوا بالثورة ….(!!)
نحن كأحوازيين ، نؤمن بتحرير الأحواز واستقلالها !
صار للأحواز محتلّة ما يُقارب المئة عام . يطمح شعبنا الى الحرّية والاستقلال ، والخلاص من الهيمنة الايرانية/ والإحتلال الفارسي!!
الذي يحصل اليوم داخل ايران ليس بجديد ، لأنّ الشعوب في داخل ايران دائما تنتفض ضدّ الإحتلال الفارسي ..وتبعث برسائل للمجتمع الدولي…انه ايران ليس شعب واحد   وانّما شعوب ، أُحتلّت من قبل ايران عام ١٩٣٦””””””””، حين شُكّلت ايران على حساب الشعوب غير الفارسية……
نحن ضدّ اسقاط النظام….نعتبر الثورة فرصة للأحوازيين لكي يأخذوا فرصتهم…
مطالب الشعوب غير الفارسية تختلف عن مطالب الشعب الفارسي . الشعوب غير الفارسية تبحث عن الحرية والخلاص من الاحتلال. 
….هدفنا وضح هو تحرير الأحواز ..والخلاص من الاحتلال الايراني…”.
لنستمع إلى ما يقوله السيّد ” هوفز ” احد رموز قيادات ” المعارضة  الأذربيجانية “:
“… من وجه نظرنا ، لحقوقنا القومية الأولوية ..والحديث عن حقوق الانسان تحت سلطة الاحتلال هو خداع للنفس!
من وجهة نظر الجانب الأذربيجاني ، هذه ليست ثورة ، وهي ليست مسألة حجاب…نحن نعتبر حالنا قومية ..كالعرب ..ونحن تحت الإحتلال … لسنا أقلية ..نحن شعب تركي ، نسكن في جنوب أذربيجان.
هي ليست ثورة ..ولانريد ثورة…الشعب الاذربيجاني لا يسعى إلى ثورة…ولا الى تغيير النظام…نحن لسنا اقلية نبحث عن حقوق الاقليات او حقوق الإنسان…
نحن ببساطة أمّة …ونريد حقوقنا القومية ..بلدنا ، اذربيجان واقعة تحت الاحتلال الايراني …نريد دولة اذربيجانية ، على غرار الكثر من الدول العربية في المنطقة .  المعارضة الأذربيجانية لاترى فيما يحصل ثورة إلا اذا ادّت الى استقلال أذربيجان الجنوبية ..”!
(٧)- اعتقد أنّ اهمّ حقائق  الصراع في سوريا ، وعليها ، يمكن أن تتكشّف من خلال فهمنا  لطبيعة قوى ” الخيار الأمني – العسكري- الطائفي ” ، واهدافه :
قوى ” الخيار العسكري الطائفي “، التي ظهرت   في سياق  مواجهة استحقاقات ديمقراطية  وطنية شاملة ”  في ربيع ٢٠١١ ،وشكّلت في سياق صيرورة  الخيار العسكري الطائفي  قوى  “الثورة المضادة” ، ،ضمّت   تحالف عريض  من قوى  محلّية سورية ،وانظمة إقليمية  ، ودوليّة ، تقاطعت اهدافها وسياساتها  – في مواجهة  هدف الثورة المركزي ،الأنتقال السياسي-  عند  منع حصول انتقال سلمي للسلطة السياسية، و تفشيل أهداف التغيير الديمقراطي، كهدف إستراتيجي مشترك ؛  عبر ادوات وأذرع التفتيت “الطائفي –”الاسلام السياسي” ،في تعبيراته الأساسيّة  ، الأخوانيّة/ الحشديّة ،  والجهاديّة الميليشياوية  ، المحليّة والمستوردة- 
والقومي – الأوجلاني –  ، ونهج   نقل الصراع من مساره الطبيعي ؛  كصراع  سلمي”  سياسي بين جماهير الشعب والسلطة   ، يهدف إلى قيام تغيير  سلمي للسلطة السياسية،  إلى مسارات   ” الحروب الطائفيّة ، والقوميّة  ، من أجل تفتيت جمهور الحراك،و هزيمة أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، وتدمير قواه ، كمرحلة أولى ،  وتحقيق اهداف أخرى، ترتبط كما تبيّن في المرحلة الثانية بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠ ،  بصناعة عوامل  تفشيل سوريا ، وتقسيمها إلى حصص و مناطق نفوذ، وباتت اذرعها   تشكّل  اليوم ” سلطات الأمرالواقع “!
كان من الطبيعي ، في ظل  طبيعة علاقات النظام الأمبريالي العالمي التنافسيّة  ، أنّ تتسم العلاقات بين قوى الثورة المضادة ( بمرتكزاتها وأذرعها ، السورية والإقليمية، وقيادتها الأمريكية/ الروسية )،بطبيعتها الجدلية ؛ فلم يمنع   تناقضها ” التناحري  ”  حول أهداف مشاريع انظمتها الخاصّة- كالصراع بين اهداف المشروعين التركي /الإيراني( الأمريكي – الروسي) أو الإيراني/ السعودي،أو الإيراني/ الإسرائيلي  وما نتج عنها من صراعات حول حجم الحصص، ومناطق  النفوذ – من تقاطع مصالح، وسياسات جميع أطرافها  حول الهدف الإستراتيجي المشترك  ، وحول سبيل وأدوات ونهج تحقيقه  ، على قاعدة  ” تناقض مصالح الجميع ، (وفي مقدمتهم سلطة النظام الايراني والولايات المتحدة الأمريكية )، مع  أهداف ومآلات مسارات  تغيير ديمقراطي،   جعلت تمردات “السوريين  ، في إطار ثورات  شعوب المنطقة ،من  تحققها  في ربيع ٢٠١١ إمكانية موضوعية، ” ؛ وما قد  تؤدّي إليه ، في حال نجاح جهود نخبها الديمقراطية وجمهورها ، من تغيير أركان النُظم القائمة، ( بما هي انظمة إستبداد رأسمالية الدولة البيروقراطية “، الريعيّة ، المرتهنة ، وبما تشكّله ، في بنيتها الطبقية ومصالح سلطاتها المهيمنة، من ركائز وشركاء إقليميّة لقوى التحالف الإمبرياليّة العالميّة ، وبما تقدّمه من خدمات ، ولها من ارتباطات إقليميّة ، تمثّل بمجموعها شبكة مصالح تشاركيّة ، لجميع أنظمة المنطقة ؛خاصّة أصحاب المشاريع الرئيسيّة ، كتركيا وإسرائيل والسعودية وإيران )،لصالح تغيير ديمقراطي سلمي للسلطة السياسية، قد يفتح صيرورة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية، ويكسر آليات السلطة والنهب  التشاركي . 
في سياق تبنّي الخيار العسكري الطائفي، دعم الجميع –  المتصارعين على الحفاظ على السلطة ، او الساعين لتغييرها لصالحا شكل مختلف ، اكثر قدرة على ضمان مصالحهم –ادوات الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي- الطائفية والإثنية-  وهمّش الجميع ” القوى والشخصيات الديمقراطية- اليسارية والقومية الوطنية – وهو ما شكّل جهد مشترك ، وحقق الهدف الرئيسي المشترك؛ منع حصول انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي، ولايغيّر من موضوعية هذه المعطيات ما حصل من صراع بيني لتقاسم جسد الضحيّة ، بين ٢٠١٥- ٢٠٢٠، او ما يحصل منذ منتصف ٢٠٢٠ للوصول إلى صفقة سياسية ، تُشرعن الوقائع التي صنعتها حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ، وبرز فيها  سلطات امر واقع ، باتت بشكلها الميليشياوي  ومضمونها المعادي للديمقراطي و إعادة توحيد سوريا، مرتكزات “النظام السوري”  الجديد، الذي يسعى اصحاب الصفقة السياسية  لإعادة تأهيله !!
ت١- ٢٠٢٢

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…