استقرار كوردستان والموانع الاقليمية والدولية

شادي حاجي 

رغم أن حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها جاء في صلب اهتمام المجتمع الدولي وأصبحت من السمات الرئيسة للنظام الدولي المعاصر في جميع المعاهدات والمواثيق الدولية بدءاً من ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 واتفاقية جنيف 1949، وصولاً إلى العهدين الدوليين اللذين تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول عام 1966 وهما : العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وغالبًا ما يشار إليهما بمصطلح “العهدان الدوليان.” كما يُعرف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهذان العهدان معًا باسم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
لا يُخفى على أي متابع بسيط لمثل هذه القضايا أن جميع هذه المواثيق الدولية (الشرعة الدولية لحقوق الإنسان) أقرت بهدف حمايتها من الانتهاكات والتعدي إلا أنها لم تحمي الشعب الكردي وكوردستان منذ تاريخ إقرار هذه المواثيق الدولية من كل المآسي والمجازر والكوارث التي حدث للشعب ومازالت مستمرة حتى تاريخ هذا اليوم في أجزاء كوردستان الأربعة من قبل ايران وتركيا والميلشيات المسلحة التابعة لهما في كل من العراق وسوريا من قصف وقتل وتدمير وحشي بربري واعتقال وقمع وتعذيب وحصار وحرمان وتهجير وتغيير ديمغرافي وإنكار للحقوق والوجود لأن الدول تقوم بتغليب المصلحة السياسية والإقتصادية على مسائل حقوق الإنسان إلا ماندر في تقديم بعض المساعدات الإنسانية والأسلحة الدفاعية في بعض المراحل والأمكنة عندما تطلبت مصالحها وسياساتها ذلك .
ومع إدراك حقيقة أنّ العلاقات الدولية تبنى على المصالح وخصوصاً ذات البعد الاقتصادي وهذا أعتقد لاخلاف عليه ولكن أمام مثل هذه الانتهاكات والجرائم الفظيعة تجاه شعب وخاصة استهداف المدنيين العزل نساء وأطفال وكبار السن الآمنين في مدنهم وقراهم فإنّه لا ينبغى أبداً التضحية بشرعة حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والإنصاف مقابل المصالح الإنسانية الأنانية والضيقة للدول فهذا سقوط أخلاقي رهيب غير مبرر بل إستخفاف واستهتار بتلك العهود والمواثيق والقوانين الدولية  .
وما يشيب الشعر ويفقد العقل أنّ هناك دولاً دأبت على رفع راية حقوق الإنسان لم تحرك ساكناً أمام كل ما يحدث بل، وتغضّ النظر عن الانتهاكات الصارخة والممارسات اللاإنسانية التي تستهدف شعب كوردستان في الصميم أمام أنظار العالم من خلال الشاشات التلفزيونية وصفحات التواصل الاجتماعي .
هذه الأمور تضرب بشكل قوي مصداقية الدول الكبرى المؤثرة في العالم وعلى رأسها أمريكا ويجعل هذه الدول  محط تساؤل وريبة تهز ثقة الشعوب بالدول التي تدّعي رعاية وصون حقوق الإنسان ليس هذا فحسب بل بمفهوم حقوق الإنسان والجدوى من تدوينها وتضمينها في الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية ودساتير الدول الذي يمثل قيمة عليا للبشرية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…