الإستفتاء هندسة استقلال كوردستان

أحمد حسن

 يُعدّ الإستفتاء  نوعاً من أنواع ممارسة الشعب للسلطة بطريقة مباشرة وديمقراطية، وهو يعني الرجوع إلى الشعب كونه صاحب السيادة لأخذ رأيهم أو قرارهم بـ ( نعم ) أو ( لا )  في موضوع معين يعرض عليهم نتيجة لظروف و أوضاع  اجتماعية وسياسية واقتصادية  كانت في الأصل وراء ظهور هذا النظام. ويرجع نظام الإستفتاء إلى القرن الخامس عشر، إذ مارسته بعض الأقاليم السويسرية «الكانتونات» . واقتدت بها لاحقا ألمانيا وبعض الولايات الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية والسويد. ثم تبعتها فرنسا، وكان أول عهدٍ لها بالإستفتاء في عام 1793 م .
واتخذ قرار إستفتاء إقليم كوردستان بعد اجتماع الرئيس مسعود البرزاني ( رئيس الإقليم حينذاك ) ومهندس الإستفتاء مع كافة القوى والأحزاب الكوردستانية واتفاقهم على اجراء الاستفتاء في 25 أيلول 2017 نتيجة للظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية …..الخ الصعبة التي خلقتها الحكومة العراقية والحكومات التي قبلها مع حكومة الإقليم وشعبها . 
جاء استفتاء إقليم كوردستان كثمرة نضالات وتضحيات الشعب الكوردي لأكثر من قرن لطموحه في الاستقلال وحقه المشروع في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة التي تصطدم دائما بالمصالح الدولية والإقليمية والتطلعات الشوفينية والعنصرية للدول الغاصبة لكوردستان .
استجاب الشعب الكوردستاني لنداء الواجب الذي أطلقه مهندس الاستفتاء السروك مسعود البرزاني في 25 أيلول 2017 فكان عرسا وطنيا ويوما تاريخيا بامتياز حيث كانت نسبة التصويت على الاستفتاء  93 % ووضعت بذلك وثيقة قومية  ووطنية وصك تاريخي بيد الشعب الكوردي من أجل الاستقلال وبناء كوردستان المستقلة أسوة بباقي الشعوب التي تقل سكانا وجغرافية عن الشعب الكوردي . لكن سرعان ما تكالبت عليها الدول الإقليمية وحكومة المركز وحاربتها بشتى الوسائل والأساليب المباشرة وغير المباشرة وتخاذل المجتمع الدولي وتنصلت من كل قيمها المتمثلة بحقوق الانسان ومواثيق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن وحتى دول مجلس الامن تخاذلت بحجة زعزعة أمن واستقرار المنطقة والعراق . 
بعد مضي خمس سنوات على الاستفتاء ورغم كل الضغوطات والصعوبات التي تعترض مسيرة التطور والتقدم في الإقليم ومحاربتها بشتى الأساليب والوسائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية إلا أن الإقليم ماض قدما في التطور والازدهار بفضل حكمة وحنكة مهندس الاستفتاء السروك مسعود البرزاني وحكومته الرشيدة وهذا الاستفتاء سيظل وثيقة عهد من الشعب الكوردستاني من أجل الاستقلال وبناء كوردستان الحرة عاجلا أم آجلا ويعتبر يوم الاستفتاء يوم وطني ومعجزة القرن الواحد والعشرون للشعب الكوردستاني وأهم منجز تاريخي وسياسي في العهد الحديث .
وبالتالي  لتعزيز ودعم الاستفتاء والاقليم  لابد من طاولات المفاوضات والحوار لحل كافة المعضلات بالسلم وتفعيل الدور الدبلوماسي وتوسيع جبهة الأصدقاء والعلاقات مع المجتمع الدولي ودول مجلس الأمن ومراكز صناعة القرار العالمي والمنظمات الدولية وحثهم على معاناة الشعب الكوردي وجلب المنظمات العالمية والشركات العالمية الكبرى للاستثمار في كوردستان والاستفادة من تجارب العالم والشعوب التي حصلت على استقلالها حديثا وهذا يتطلب تعزيز وصلابة الجبهة الداخلية ووحدة الصف الكوردي وانشاء لوبيات كوردية في أوربا وأمريكا وباقي الدول والاعتماد على الكفاءات الكوردستانية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب  لتحقيق الحلم الكوردي في إقامة دولتنا المستقلة .
أحيرا على المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الامن والاتحاد الأوروبي أن ينظر بجدية ومسؤولية لقضية الشعب الكوردستاني الذي يفوق تعداده ( 50 ) مليون المحروم من تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية في حين هناك شعوب تعدادها مئات الآلاف ولها دول معترف بها في الأمم المتحدة ومجلس الامن وهذا ما يعرض العدل والسلام الدوليين الى الخطر وعدم الانصاف بحقوق الشعوب والدول .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…