ملتقى قامشلو التشاوري وحافلة النقل هوب هوب

أحمد عبدالقادر محمود  

حسب مقدمة البيان الختامي لهذا الملتقى التشاوري، إلتقى ممثلون عن القوى السياسية والمجتمعية والثقافية وممثلون عن المجتمع المدني وشخصيات سياسية مستقلة من أغلب مناطق سوريا !!!؟
بدعوة من اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية في مدينة قامشلو على مدار يومين 16 و 17 أيلول 2022م .
طبعا لا يخفى على المتتبع للشأن السوري بالعموم والشأن الكردي بالخصوص أن اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية هي فكرة وتمويل الغدّارة (الإدارة الذاتية ) وبإشراف شخصي من قيادة (مسد ) مجلس سوريا الديمقراطي، حيث تم الترويج له بعقد عدة  ندواتٍ موسعة مأجورة (سندويش، شاي، قهوة، ومصروف جيب ) لشخصياتٍ تنتمي لتيارات علمانية وديمقراطية بدأت من شهر آذار 2021م في بروكسل عاصمة بلجيكا بداية تحت عنوان الإدارة الذاتية ما لها وما عليها ولكن إرتأت بعض الشخصيات المشاركة وهم أسماء مهمة ومعروفة للأسف لتغير هذا المسعى  بين قوسين ربما كي لا تفوتهم ” الغلال (الدولار) المرصودة لهذا الأمر ! 
وأيضا سعيا ليكونوا ضمن جسم سياسي مزمع تشكيله ليشارك في العملية السياسية”  وجعله ملتقى تشاوري يبحث في محاورٍ ثلاث (الحل السياسي، الهوية الوطنية الجامعة، مفهوم اللامركزية). وبعد أن تم تشكيل اللجنة التحضيرية بدأت هذه اللجنة بعقد ملتقيات في مدنٍ أوربية عديدة حتى وصلت حافلتهم إلى حلب (الشيخ مقصود) ومن ثمَّ إلى الرقة وأخيراً إلى قامشلو . 
المحاور التي تم طرحها في الملتقيات لا شك أنها  جُل مضمون القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن بالشأن السوري، إن وازنا حجم المحاور المطروحة بحجم المشاركين في ملتقيات ( حلب والرقة و قامشلو) التشاوري سنصل لإستنتاج مفاده أن القائمين (الغدّارة الذاتية) على هذا الملتقى غايتهم مسخ هذه المحاور الهامة كما مسخوا المطالب الكردية وجعلوها أثرا بعد عين، بإختيارها أسماء غير معروفة وكأنهم جُلبوا من الطرقات بالهوب هوب عدا عن كونهم ليسوا أصحاب اختصاص وأيضا كونهم  طيف من لونٍ واحد وإن أنكروا. 
بالعودة للبيان الختامي الغير مزيّل بأي توقيع وهذه أيضا صفعة للمتشاورين وتصغير لشأنهم إن كانوا يدرون، نجد بالمحور الذي يتناول الحل السياسي مايلي :
” تناولت الحوارات فشل العملية السياسية وفق مسارها الخارجي, منذ بيان جنيف وحتى اللجنة الدستورية وأشارت إلى ضعف تمثيل السوريين فيها بإقصاء أهم قوى المعارضة الديمقراطية، بالإضافة إلى غياب الإرادة السياسية لطرفي التفاوض النظام والمعارضة وكذلك ارتباط بعض أطراف المعارضة بأجندات خارجية غير وطنية “، الاقتباس . 
المقصود بقوى المعارضة الديمقراطية هنا طبعاً هم (مسد ) وال pyd وذيولها الأحزاب المنضوية في نفق الغدّارة الذاتية، التي سعت بكل جهدٍ مكلف  ومنذُ البداية للإنخراط في العملية السياسية، لكن الدول الراعية و القائمة  على العملية السياسية يدركون أنهم عصا النظام  وجنوده في سوريا فعين أي معارضة يتحدثون !؟ . 
أما في المحور الثاني حول الهوية الوطنية الجامعة كتبوا مايلي : 
”  أكدوا على أن الهوية الوطنية السورية الجامعة تجمع تحت سقفها التنوع القومي والاثني والثقافي والديني والطبقي والاجتماعي على أسس المواطنة الكاملة والحرة، وهي هوية متغيرة ومركبة ومرنة قائمة على أساس الاعتراف والقبول بالآخر، لا على أساس الصهر والإدماج القسري والتجانس الفظ”، الأقتباس . 
كلام جميل وكلام معقول، ولكن ما شأنكم بالمواطنة السورية وقادتكم  ترك وإيرانيين، وكل الصور المرفوعة في كل مناسباتكم هي لعبدالله اوجلان التركي !!؟ ولن أطيل .
في المحور الأخير مفهوم اللامركزية  وهنا بيت القصيد أكد  المتشاورون الغُفل مايلي : 
” أن الدولة القوية تحتاج نظاماً لا مركزياً ديمقراطياً قوياً يمنع إعادة إنتاج الاستبداد والفساد. 
واعتبر المجتمعون أن الإدارة الذاتية نموذج جدير بالدراسة والتطوير وإمكانية الاستفادة منه كتجربة أصيلة في المناطق السورية الأخرى, وأكدوا على حرية اختيار أي شكل من أشكال اللامركزية يتناسب مع إرادة أبناء كل منطقة ” . أنتهى الاقتباس 
كل هذا اللف والدوران والصرف والتبذير  من أجل هذا المعطى ”   الإدارة الذاتية نموذج جدير بالدراسة والتطوير وإمكانية الاستفادة منه كتجربة أصيلة في المناطق السورية الأخرى “، ونسوا إضافة يجب أن تعمم التجربة في بقاع الأرض كلها، إن كانت الغدّارة الذاتية نموذج للديمقراطية جاز لنا أن نطلب الرحمة لكل النظم الشمولية  الاستبدادية الفاسدة، فمن يقتل ويسجن مخالف بالرأي هو ديمقراطي بامتياز ويحق له أن يكون من دعاة حقوق الإنسان !!؟ ومن ينهب ويسرق ويتاجر بالمخدرات ويحرس منافذها هو لا شك جدير بأن يستفاد من تجربته وتدّرس بأرقى الاكاديميات العالمية !!؟ . 
ختاماً : حافلة  الهوب هوب عندما تنطلق من مكانٍ  إلى مكان ، لا يضع السائق نصب عينيه كم سيستغرق زمن الوصول ولا ماهية المسافرين ولا سوية الطريق ، جل همه كثرة المواقف وازدياد عدد المسافرين كي يحظى بنهاية الرحلة بالأجر الوفير، فهو يسير حيثما يؤمر ويقف حسبما يؤمر، هذا حال منظومة الPKK ومستنسخاتها وما عملهم تحت شعارات برّاقة سوى تغطية لأهدافهم التي وجدوا من أجلها، وتنفيذاً لإتفاقاتٍ أبرموها مع كل قوى الشر التي تسعى  النيل من الكرد في كل الأجزاء  بالخصوص وبقية المكونات بالعموم حسب ما تقتضيه خاصية العمالة  ، وستُكشف في القادمات أفعالهم الخسيسة وأهدافهم الخبيثة لمن وثقوا بيهم أو والوهم بغير وعي ولا بصيرة . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…