أحمد عبدالقادر محمود / هولير
قال نابليون بونابرت يوما: مثل الذي خان وطنه وباع بلاده ، مثل الذي يسرق مال أبيه ليطعم اللصوص ، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه .عاد القناص أردوغان من رحلة الصيد السوتشية بصيدٍ أرضاه ، خرج وفي جعبته كل ما يلزم كي لا يعود خالي الوفاض ، تهديد بعملية عسكرية استكمالا لعمليات سابقة قام بها بذريعة المنطقة الآمنة ، والأمن القومي ، كنتُ قد راهنت في مقالات سابقة منشورة على عدم حصولها كسابقاتها بناءً على استقراءٍ لواقعٍ مختلف لما كان عليه في العمليات السابقة ، إنما تكلمت عن مكتسبات سياسية قد يجنيها أردوغان .
إلى جانب التهديد بالعملية العسكرية في جعبته حَمل بعض المغريات (ديدان الصيد ) ، وأيضا فخاخ ( مقترحات ) .
كي نعرف بعض مكتسبات جولته نقرأ ما جاء في مقالة للصحفي السوري إبراهيم حميدي في الشرق الأوسط عن لقاء موسكو بين بوتين وأردوغان ، حيث قال : أن بوتين لقنه جملة مقترحات وأولها اصطياد قياديين لpkk وقسد عن طريق المسيرات بديلاً عن التوغل العسكري في شرق الفرات منعاً للإصطدام مع القوات السورية ، ثانيها إستضافة موسكو لسلسة من الاجتماعات الرفيعة المستوى الأمني بين مسؤولين سوريين وأتراك لبحث المطاليب التركية .
ثالث المقترحات : وضع إتفاقية أضنة 1998م على طاولة التعديل حسب الظروف الجديدة .
رابع المقترحات : دوريات مشتركة للقوات السورية مع قسد بعد تمديد انتشارها في شرق الفرات وذلك بعد دفعهما لإجراء تنسيق عسكري بينهما .
خامس المقترحات : عملية محدودة جدا تسمح بها روسيا في تل رفعت فقط وذلك تبديداً لمخاوف تركيا من منصات الصواريخ هناك التي تطال القوات التركية والفصائل الموالية لها في عفرين .
من هنا نفهم ماهية تصريح وزير خارجية تركية جاويش أوغلو الذي قال نحن على أستعداد للتعاون مع النظام السوري للتخلص من المنظمة الأرهابية ويقصد (pkk ) ، وأيضا قول أردوغان يوم الاثنين أن العملية العسكرية مازالت قائمة . مما يشي أنه سيستغلها في الانتخابات المقبلة في منتصف العام القادم .
على الجانب الآخر يدرك بوتين فعّالية مقترحاته إذا ماتمت ، كونها ستجعل من تركيا منصة اقتصادية له في ظل العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض عليه ، وأيضا استغلال نفوذ تركيا في صراعه مع أمريكا والغرب الأوربي كون تركيا ذات نفوذ في المناطق التي تتصارع فيها روسيا مع أمريكا وحلفائها ، بمعنى أخر الكل رابح حتى أرنب السباق (pkk ) و مستنسخاته ، إنما الضحية هي روج آفا كردستان .
أمريكا لا يهمها من الأمر إلا الظرف الذي هي فيه ، إن أنتهى أدارت ظهرها ومشت ، فعلتها سابقا ، روسيا إن كسبت تركيا وأعادت سوريا إلى مناطق غرب كردستان لأعتقادها أن أمريكا ستخرج عاجلا أم أجلا ، تكون قد كسبت جولة في مواجهة أمريكا إلى جانب رفع بعض الأحمال عن كاهلها استعدادا لمواصلة صراعها مع أمريكا في ساحاتٍ أخرى ، أما تركيا إذا ما توصلت إلى تحقيق أضنة (2) ، ستكون قد حيددت من على تخومها الخطر المزعوم بين قوسين الذي تشتكي منه وهي ال pkk ونسخه ومستنسخاته وبذلك تتفرغ لملفات أخرى كملف اللاجئين وأيضا تسوية وضع الفصائل الموالية لها في المناطق التي احتلتها سابقا ومعالجة ملف المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف . أما إيران المتواجدة المستترة كل ما يشغلها الأن هو الملف النووي مع أمريكا فإذا ما أحرزت تقدما فيه وهو المتوقع ستكون قد حققت ما سعت إليه بعد استغلالها لكل الفرص التي أتتها على طبق من ذهب جراء ما حدث للدول المنكوبة (العراق ، سوريا ، لبنان ) ،
أما أرنب السباق (pkk) ، ولمن لا يعرف مهمة أرنب السباق فهو ذاك المتسابق الذي يشارك في سباقات الجري لصالح أحد المتسابقين و بالتواطؤ معه ، فيعمد إلى الانطلاق بسرعة كي يجر ورائه بقية المتسابقين وبعض عدة لفات على المضمار يخرج من السباق بعد أن يتأكد أنه أرهق المتسابقين لصاح المتسابق المتواطئ معه ، وبذلك يعطي الأفضلية لصاحبه المتسابق كي يفوز بالسباق بكل أريحية . بالضبط هذا ما فعله الب ك ك وهي المهمة التي ألقيت على عاتقه في الحدث السوري ، وهو سيخرج بعد أنتهاء مهمته منتصرا أيضا بعد أن نفذ المتفق عليه و نال مستحقاته على أكمل وجه منتظرا مهمات أخرى في سباقات أخرى ، تاركا خلفه كوارث للكرد خصوصاً وبقية السوريين عموما ، لن يشفوا منها لعقودٍ طويلة .
قيل لا تسأل راحلا عن سبب رحيله ، لأنه جهّز عذره قبل حقائبه ، سنسمع ونقرأ الكثير من المبررات عندما يُسلم ما استلمه من سيده ، وعلى رأسها أنهم حافظوا على غرب كردستان من الأعداء المتربصين بها ، والحقيقة أنهم وضعوا بقاياها في مجمدةٍ صدئة لا تعمل .