ليلى قمر / ديريك
بداية لابد لي من توضيح نقطة هامة، وهي تتعلق بالعنوان اعلاه وتساؤلات بعض الأصدقاء، وذلك في الخاصية الكردية، حيث ارتايت ان اخصص اختزالا رئيسا في القسم الاخير حول التداخل الكردي بشقيه السياسي والشعبي والتحولات الدراماتيكية التي تصاعدت على كامل مساحة الخارطة السورية، في عهدي الاسد الاب والإبن، وبالتالي ما جرجره سياسات الاسد الأب التنفيذية لكافة المشاريع الموصوفة كانت بحق الشعب الكردي في سوريا، وبناءا على ذلك، وبالرغم من كل ممارسات النظام والتوجهات او المسارات التي اودت بسوريا الى قاب قوسين من حرب اهلية متشعبة الاهداف، واخطرها كان التوجه المذهبي الذي تمظهر وبشكل حاد، حيث اتخذ طابع الصراع السني ممثلا بالاخوان المسلمين واتباعهم والعلوي المغلف بحزب البعث ممثلا بالنظام،
وظهر جليا وبوضوح بقاء اطراف عديدة على الحياد، او اقله عدم الإنخراط في صراع كهذا ومنهم الحركة الكردية وايضا طوائف اخرى مثل الدروز والاخوة المسيحيين، وفي العودة الى بعض من تفاصيل الاحداث، خاصة بعد مجزرة مدرسة المدفعية سيئة الصيت والتي سقطَ فيها حوالي 32 طالب وعساكر ومعظمهم كانوا من الطائفة العلويّة، بينما تقول معرفات غير رسميّة إن عدد القتلى بلغ 83 طالبًا . وبات واضحا ومنذ الدقائق الاولى لهذه المجزرة انها من تخطيط وتنفيذِ جماعة إسلامية سنية تابعة للإخوان المسلمين أو مُخترَقة منهم كما ساعدَ عدنان عقلة – الذي أصبح فيما بعد قائدًا للمجموعة – في التخطيط للمجزرة .
اجل ؟! لقد كانت هذه المذبحة بمثابة إعلان حربٍ مدنيّة واسعة النطاق ضد العلويين؛ حيثُ تبعها استهدافٌ مباشرٌ لمقرات حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم بما في ذلك مراكز الشرطة والمركبات العسكرية والثكنات والمصانع وأهداف أخرى . في مدينة حلب لوحدها وبالتحديدِ من 1979 حتى عام 1981 ؛ قتل « المُهاجِمون » أكثر من 300 شخص معظمهم من البعثيين والعلويين وبالرغمِ من ذلك فقد أدانَ العشرات من رجال الدين المسلمين عمليات القتل والاغتيال هذه بما في ذلك الشيخ محمد الشامي الذي قُتل في مسجده في الثاني من شباط/فبراير عام 1980 . وقد ساهم في تنشيط ردات الفعل، او وبعبارات اوضح، وكما اسلفنا سابقا، فقد ساهم حراك مدني ونقابي تصاعد في الأيام التي سبقت 8 آذار/ مارس 1980 ( الذكرى السابعة عشرة للانقلاب البعثي ) ؛ والذي أُصاب غالبية المدن السورية تقريباً بالشلل بسبب الإضرابات والاحتجاجات التي تطوّرت فيما بعد إلى معارك ضاريّة مع قوات الأمن. شاركت في هذهِ المعارك العديد من المنظمات – الدينية منها والعلمانية – بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين ثمّ تصاعدت الأحداث إلى حدّ شنّ حملة واسعة النطاق في مدينة حلب بعدما أرسلت الحكومة الآلاف من الجنود المدعومين بالدبابات والمروحيات لبسطِ السيطرة على المدينة وما حولها مما تسبّبّ في مقتل مئات المتظاهرين واعتقال ثمانية آلاف . بحلول نيسان / أبريل من نفسِ العام ؛ كانت الحكومة قد نجحت – بالاستعانة بالقوّة العسكرية المُفرطة – في القضاء على الانتفاضة في المنطقة .ة
وفي 26 حزيران/ يونيو 1980، جرت محاولة لإغتيال الرئيس السوري حافظ الأسد بعدما ألقى المهاجمون قنبلتين على موكبهِ ثمّ أطلقوا رشقات نارية باتجاههِ في العاصِمة دمشق، ولكنه نجا منها، وأثارت محاولة الاغتيال هذهِ غضب القوات الحكومية وفتحَت شهيّتها نحو الانتقام ؛ وفي 27 حزيران/ يونيو 1980 قامت سرايا الدفاع – المكوّنة من جنود غالبيتهم علويين – بقتل ما قُدّر بـ 1152 سجينًا في سجن تدمر وبعدَ أقل من شهر ؛ سنّت الحكومة قرارًا يقضي بإعدام كل من ينتسبُ لجماعة الإخوان المسلمين كما منحت المنضمّين لها مدة شهرٍ واحدٍ لتسليم أنفسهم . وفي المقابل لم يستكن الأخوان المسلمون، ففي آب / أغسطس من عام 1980 وبعد هجوم على الجنود المتمركزين في مدينة حلب ؛ نفئ الجيش السوري عملية إعدام شبه جماعي لما يقرب من 80 شخصًا من سكان الأحياء الموجودة بالقربِ من موقع الهجوم من دون محاكمة . وبحلول نيسان / أبريل 1981 ؛ وبعد هجوم فاشل على قرية علوية بالقرب من حماة ؛ أعدمَ الجيش السوري من جديد حوالي 400 من سكان المدينة الذين اختيروا بشكل عشوائي وخاصّة الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 14 سنة، في وقتٍ لاحق من عام 1981، قام أكثر من ألف من المنتمين للإخوان المسلمين بتسليم أنفسهم على أمل الهروب من عقوبة الإعدام، معظم هؤلاء الذين سلموا أنفسهم كانوا طلابًا تقلّ أعمارهم عن 25 عامًا من مدينة دمشق وغيرها من المدن الكبيرة بالإضافةِ إلى آخرين كانوا يعملون في وظائف التعليم والطب والهندسة، وفي شهري آب وأيلول وكذلك تشرين الثاني من عام 1981 ؛ نفذت جماعة الإخوان المسلمين ثلاث هجمات بسيارات مفخخة ضد أهداف حكومية وعسكرية في دمشق مما أسفر – حسب مصادر رسميّة – عن مقتل مئات الأشخاص . ولكن ؟! كل هذه العمليات والإستهدافات المتبادلة وبعنف قل نظيره ! إلا انها كانت قيد التحكم امنيا من قبل النظام، واستخدمت في قمعها كل اشكال القوة المفرطة، وكادت ان تنهيها مبكرا، إلا ان ماجرى في مدينة حماة شباط 1982 كادت ان تفرط الامور نظرا لطبيعة وسرية ما كان قد خطط لها الأخوان، إلا ان النظام وبالقوة المفرطة سُحقت ما زعمه الأخوان بالانتفاضة، وبعدَ مجزرة حماة الدموية عام 1982 والتي قتل فيها الآلاف من المتمردين والجنود والمدنيين الأبرياء، ففي الثاني من شباط 1982 قادَ الإخوان ثورة كبرى في حماة وسيطروا بسرعة على المدينة ثمّ رد الجيش بقصف المدينة ( التي كان عدد سكّانها حوالي 250,000 ) لعدّة أيام متتالية مما أسفر عن مقتل ما بين 1000 و 25,000 شخص . وشكلت أحداث حماة هزيمة كُبرى للإخوان ولباقي الحركات الإسلاميّة التي كانت تؤيدها في سوريا .
وبالترافق مع مجريات حماة وما حدث فيها، كان الاخوان المسلمون قد اتخذوا مسلك الإغتيالات والتصفيات الجسدية لمؤازري وعناصر النظام، ولعل من اشهر الإغتيالات هي التي استهدفت رموزا وقادة مقربين من النظام مثل :
الأفراد بين عامي 1976 – 1979 :
قائد مدينة حماة : العقيد علي حيدر ( قُتل في تشرين الأول / أكتوبر 1976 )
رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد الفضل ( قُتل في شباط / فبراير 1977 )
قائد السلك الصاروخي العميد عبد الحميد رزوق ( قُتل في حزيران / يونيو 1977 )
عميد أطباء الأسنان السوريين الدكتور إبراهيم نعمة ( قُتل في آذار / مارس 1978 )
مدير شؤون الشرطة في وزارة الداخلية العقيد أحمد خليل ( قتل في آب /أغسطس 1978 )
المدعي العام عادل ميني من محكمة أمن الدولة العليا ( قُتل في نيسان / أبريل 1979 )
طبيب الرئيس حافظ الأسد الدكتور محمد شحادة خليل ( قُتل في آب / أغسطس 1979 )
الأفراد بين عامي 1980 – 1982 :
هذه قائمة مصغّرة أخرى حول أبرز الشخصيات المغتالَة في الفترة المتدة من 1980 وحتى 1982 :
سليم اللوزي ناشر مجلة الحديث في لبنان ( قُتل على يد سوريين في آذار / مارس 1980 )
رياض طه رئيس نقابة الصحفيين في بيروت ( قُتل في تموز / يوليو عام 1980 )
بَنان الطنطاوي زوجة المدير العام السابق للإخوان المسلمين عصام العطار ( قُتلت في آخن في تموز / يوليو 1980 )
صلاح البيطار أحد مؤسسي حزب البعث ( قُتل في باريس في 21 تموز / يوليو 1980 )
وعلى الرغم من عدم ثبوت تورط الحكومة السوريّة رسميًا في قائمة الاغتيالات هذه ؛ لكنّ أصابع الاتهام وُجّهت لها من جديد في العديد من الحالات في سوريا وفي لبنان ودول أخرى .
يتبع
….
ملاحظة : غالبية المعلومات تم الإعتماد على مقالات ودراسات منشورة ان في الصحف او غوغل – ويكيبيديا، المعرفة – لذا اقتضى التنويه .