لماذا تم تغييب كوردستان

د. محمود عباس

لا زالت كوردستان شبحا على صفحات الخرائط، تم تناسيها قضية، واستضافة لقادتها، من قبل رئيس أمريكا جو بايدن خلال جولته الشرق الأوسطية. المعاملة التي خلقت حسرة، وأسفا، على انعدام الجميل مقابل ما قدمه أمتنا للبشرية، ولمرات عدة على مر التاريخ البعيد والقريب. 
ليس حسداً، ولا شماتة، بالشعب الفلسطيني أو اليهودي، ولا بحكوماتهم. بل نقدا للذات ولنشاطات حراكنا الكارثية. 
نحن أمة نملك من القدرات الخام أضعاف ما يملكه الشعب الفلسطيني. والدول التي تحتل أراضينا ثقلها على الأروقة الدبلوماسية والسياسية ليست بنصف ثقل إسرائيل، مع ذلك وحتى اللحظة:
1- لم تتلقى كوردستان شذرة من الاهتمام العالمي مقارنة بما يقدم للشعب الفلسطيني، علما أنهم بحد ذاتهم لا يتلقون سوى ما هو كاف لفرض الإملاءات على قادة منظماتهم، ويستمر الشعب في معاناة شبه أبدية.
2- لم يزور كوردستان رئيسا عالميا، ومن زارها لم يعاملوا قادة الكورد بربع ما يتم التعامل مع رئيس الحكومة الفلسطينية، لا نتحدث عن حكومة إسرائيل، فهي خارج مجالنا الفلكي.
 وكل ما قدم للشعب الكوردي، كانت من خلال بوابات الدول المحتلة لكوردستان، ولم يطلب أي من رؤساء العالم رضاء حراكنا، كما فعلتها الإدارات الأمريكية المتتالية مع الطرفين المذكورين، وكالتي فعلها جو بايدن اليوم، فرغم ما قدمه للشعب الفلسطيني لا قيمة له مقابل الصفقات الإستراتيجية مع إسرائيل، إلا أنها هائلة مقارنة بما يقدم لشعب كوردستان، رغم كل ما قدمه شعب كوردستان للعالم في العقد الأخير على الأقل.
كوردستان تطحن بين رحى المصالح الدولية والإقليمية، وتستخدم كأداة لفرض شروط واتفاقيات دولية، لربما وهي بهذا الضعف خير لهم بقدر ما هو كارثي لشعبنا، أعداء الكورد يروجون بين أروقة الدول الكبرى على أن قوة الكورد تدمير لمصالحهم، ونحن لا زلنا لا ندرك خلفيات المعادلة، ولا كيفية تغيير هذه الجدلية.
 أبتذل التحدث عن المظلومية، وعرض الذات كصارخ مستنجد، خاصة عندما أدرك إننا نحن من نلقي بنفسنا في المستنقع، ونغرق بعضنا تحت منطق إنقاذ الأمة. 
 لكن لا بد من التنبيه، على أننا نعيش الفقر الفكري قبل الاقتصادي، والسياسي قبل الدبلوماسي، والجهالة في التشخيص الداخلي قبل الخارجي، والنتيجة هذا الواقع المذري.
 نحتاج إلى إعادة تركيبة تفكيرنا، لنصبح مكتفين اقتصاديا وندخل العالم بمقاسات العصر.
الولايات المتحدة الأمريكية
15/7/2022م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…