روني علي
من قراءة المشهد السياسي للمنطقة، والتي تحمل الكثير من الاحتقانات، كنتيجة للتراكمات التي أفرزتها سياسات الأنظمة، تلك التي، كانت ومازالت، تراهن في أدائها على خيارات ومعطيات، هي بمنأى عن احتياجات الوقائع والحقائق، لا بل كانت تأتي – ودائماً – على النقيض من الاستحقاقات، وكذلك مصالح الشعوب، في أن تعيش في جو من التشارك والأمن والطمأنينة، وأن تمارس حقها في التعبير عن ذاتها، عبر امتلاكها لأدوات التعبير، وأن تكون لها حضورها، عبر خصوصياتها، في ترتيب وضع المنطقة بما يتلاءم وتشكيلتها القومية والدينية والمذهبية، إلى جانب موازين القوى والصراعات الدولية، التي كانت تصب الزيت على النار، من خلال بعض الترتيبات والمخططات، التي كانت تعزز من مواقع الأنظمة، وتشد من أزرها في تكريسها لمنظوماتها القمعية والاستبدادية في وجه شعوبها، والتي أفرزت عبر الممارسة، تشكيلات سياسية واجتماعية، تعيش على درجة من حالات التناحر
من قراءة المشهد السياسي للمنطقة، والتي تحمل الكثير من الاحتقانات، كنتيجة للتراكمات التي أفرزتها سياسات الأنظمة، تلك التي، كانت ومازالت، تراهن في أدائها على خيارات ومعطيات، هي بمنأى عن احتياجات الوقائع والحقائق، لا بل كانت تأتي – ودائماً – على النقيض من الاستحقاقات، وكذلك مصالح الشعوب، في أن تعيش في جو من التشارك والأمن والطمأنينة، وأن تمارس حقها في التعبير عن ذاتها، عبر امتلاكها لأدوات التعبير، وأن تكون لها حضورها، عبر خصوصياتها، في ترتيب وضع المنطقة بما يتلاءم وتشكيلتها القومية والدينية والمذهبية، إلى جانب موازين القوى والصراعات الدولية، التي كانت تصب الزيت على النار، من خلال بعض الترتيبات والمخططات، التي كانت تعزز من مواقع الأنظمة، وتشد من أزرها في تكريسها لمنظوماتها القمعية والاستبدادية في وجه شعوبها، والتي أفرزت عبر الممارسة، تشكيلات سياسية واجتماعية، تعيش على درجة من حالات التناحر
وولدت لدى البعض منها، نزعات عنفية، أسست الأرضية لاحتضان الفكر التكفيري والاقصائي، بحيث استطاعت أن تحول معها المنطقة بأكملها، كي تعيش على براميل من بارود، وبؤراً مفتوحة على المنظمات الإرهابية، تفعل ما تحلو لها من تشتيت وتمزيق، وجعل هذه الرقع الجغرافية تعيش على برك من الدماء..
من قراءة هذا المشهد، وبغياب الفهم الديمقراطي للقضايا التي تشكل المدخل نحو تحقيق الأمن والاستقرار، من قضية الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلى قضية التفاعل مع العصر وفق مفردات المرحلة، من حيث الانفتاح على الآخر، والركون إلى لغة الحوار في إيجاد الحلول لمجمل المشكلات العالقة، نرى أن المنطقة مقدمة على خيارات هي أكثر إيلاماً إلى شعوبها، إذا ما استمرت المعادلة السياسية في مساراتها، وفق الذهنية التي تأبى الرضوخ إلى متطلبات المرحلة، وهي مصممة كي تنأى بنفسها خارج دائرة الحلول، خاصةً وأن ترتيبات الوضع من جانب الأطراف الإقليمية، بمشاريعها ومخططاتها، تأتي بموازاة حزمة من الاستحقاقات التي تفرضها أجندات التغيير، والتي تلاقي التأييد من جانب القوى المتحكمة بمراكز القرار والقوة الدولية، والتي تحاول أن تهدم ما بني في ظل الأنظمة الشمولية وصراعات الحرب الباردة، وعليه نكون – بالرغم عنا – وجهاً لوجه مع تداعيات مشهد جديد، يحاول أن يحفر مساراته على الواقع، غير آبهة بتلك الأجندات الإقليمية التي تحاول الوقوف في وجهها والحد من تعميمها وترسيخ أسسها، كونها مكبلة بقيود هي من صنيع أدائها، وبالتالي فإن ما تقدم عليه هذه الأجندات، سوف لن تتكلل بالنجاح وتلقى النتائج المرجوة منها، لأن التغيير والدعوة إليها، بات حاجة ذاتية وموضوعية وكذلك استحقاق داخلي قبل أن يكون عامل خارجي..
ولو حاولنا إسقاط المعادلة على الواقع المعاش في تركيا، كان علينا أن نحيط بمجمل التراكمات المستفحلة في الساحة التركية، السياسية منها والقومية، إضافةً إلى الصراع الدائر فيما بين أقطاب العلمانية والسلفية، في المجتمع والسلطة، كون تركيا، وبتشكيلتها القومية المتنوعة، وسياساتها المتبعة منذ ما بعد تفكك السلطنة العثمانية، من جهة انتهاجها لسياسات الصهر، ومحاولة اصطباغها الجغرافيا التركية بالطابع القومي التركي، ووقوفها في وجه طموح ثاني أكبر قومية – القومية الكردية – في التعبير عن هويتها وخصوصيتها، قد دفعت بالبلد إلى مسارات لا يمكن له أن ينعم بالأمن والاستقرار، وهي الآن، وبغية تصديرها لأزماتها الداخلية المستفحلة، تحاول مرةً أخرى، البحث عن دورها القديم / الجديد في توتير الأجواء، عبر دفعها للباقي مما تمتلكها من أوراق اللعبة في مخاضات، قد لا تجلب لها سوى المزيد من الإخفاق..
فمع وصول حزب العدالة والتنمية، بمشروعه المبطن، في العودة إلى أحلام السلطنة العثمانية وزمن الخلافة الإسلامية، إلى السلطة، واستحواذه على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان، وتبوأه المراكز السيادية، من رئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة وكذلك رئاسة الجمهورية، وذلك عبر شعبيته التي انتشرت بنتيجة انحسار موجة النموذج الاشتراكي من جهة، والمد الذي يلاقيه التيارات الأصولية في المنطقة من جهة أخرى، بدأت التحديات تظهر من جديد، وبدأ الخلاف على أشده، بين من يسمون أنفسهم بالعلمانيين المنتمين إلى الامتداد الأتاتوركي إلى جانب مؤسسة الجيش، التي ما زالت تمتلك أوراق الفعل في الشأن الداخلي من جانب، وأنصار الأصولية الجديدة المتمثلة في حزب السلطة، من جانب آخر، وإن كان الجانبان متفقان من حيث المبدأ، الإبقاء على العنصر التركي ليكون هو السيد في الدولة، والحفاظ على هيبتها ومصالحها ضمن معادلة التغييرات الجارية في المنطقة، وكذلك عدم الدخول في معالجة القضايا الداخلية وفقاً لاستحقاقاتها، كون اللغة المشتركة بين الكل في مواجهة هذه القضايا، هي لغة التهديد والحديد والنار، وإن كان حزب السلطة يحاول أن يخفف من وقع هذه اللهجة في أدئه السياسي، وذلك بهدف الحفاظ على مكتسباته، والظهور بمظهر التيار الإسلامي السياسي المنفتح على خيارات التغيير، والطامح إلى دخول البوابة الأوربية وفق صيغ ينشدها، وتعيد عليه بانتصارات طالما عجز الجانب الآخر من تحقيقها..
ولأن وصول الحزب المذكور – العدالة والتنمية – إلى السلطة جاء بالترافق مع ما يحصل من ترتيبات جديدة على الصعيد الإقليمي، وأيضاً ما يحصل في العراق من تفكك لبنيان النموذج الديكتاتوري، ومحاولة إقامة دولة، تهدف البناء الديمقراطي وترتيب الوضع الداخلي بما يتناسب وتركيبته القومية، وخاصةً فيما يتعلق بالجانب الكردي، حيث إقرار الدستور بمبدأ الفيدرالية، وقيام إقليم كردستاني بمؤسساته التنفيذية والتشريعية، واستحواذ التجربة الكردستانية على دعم وتأييد من جانب مؤسسات المجتمع المدني ودعاة الديمقراطية، إلى جانب اهتمام العديد من الدول بها، كونها تشكل المنطقة الأكثر أمناً في العراق، والمناخ المناسب للاستثمار الاقتصادي، إضافةً إلى قضية كركوك، والمادة 140 من الدستور العراقي، التي تحاول أن تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، ضمن عراق ديمقراطي تعددي، كل ذلك ما يثير حفيظة الأنظمة المقتسمة لكردستان، ومن بينها مؤسسات النظام التركي، بعقليتها الطورانية، كونها تتخوف من انتشار التجربة العراقية – إذا ما تكللت بالنجاح – كنموذج ديمقراطي، تشكل أرضية الانطلاقة نحو تعميم الديمقراطية في المنطقة من جهة، ونجاح التجربة الكردية، ولما لها من تأثيراتها وتداعياتها على دول الجوار العراقي، من جهة ثانية، وذلك بحكم التشابه في المشكلات والقضايا، حيث أن هذه الدول تحتضن مشكلات الوضع العراقي، وخاصةً المتعلقة منها بالقضية الكردية، وتدرك جيداً أن النموذج الفيدرالي في العراق، سيثير لديها القضية الأكثر تعقيداً، والتي تحاول إبقاءها ضمن حالة الكبت عبر أدواتها القمعية، وعليه؛ فقد جاءت قضية حزب العمال الكردستاني، لتحتل موقعها من الصراع على الخارطة الإقليمية، كونها من جهة، تشكل المدخل لإعادة ترتيب التوازنات السياسية في الداخل التركي، وذلك بحكم أن حزب السلطة يملك رصيداً لا بأس به في الوسط الكردي، هذا الوسط الذي عانى الكثير من سياسات البطش والتنكيل، إلى جانب حرمانه من الخدمات الأساسية ومؤسسات العلم، حيث بقي أسير الجهل والتخلف، فإن خصومه السياسيين يحاولون جاهداً اللعب على هذه الورقة، بغية الإيقاع بين الحزب ووسطه الكردي، بهدف الحد من نفوذه ودفعه نحو الفشل، ومن جهة أخرى، الدخول إلى الشأن العراقي، وخاصةً التجربة الكردية، عبر هذه القضية لإثارة المشكلات حولها، بهدف لجم تطورها وجعلها قضية عراقية بحتة لا صلة لها بعموم الوضع الكردي بما هو خارج الجغرافيا العراقية، ناهيك عن دق إسفين بين القوى الحاكمة في العراق، وذلك لأن القضية الكردية لم تأخذ موقعها الطبيعي في ذهنية الطرف الآخر، وإن كانت تمارس ذاتها ضمن الواقع السياسي ووفقاً لدستور تحميها من شرور وانعكاسات كما كان في العهد الديكتاتوري، ولا نغالي إن قلنا بأن هذه الأهداف هي التي تحرك السياسة التركية وتوجهها صوب خياراتها، خاصةً إذا أدركنا أن الموقف السياسي في التعامل الدولي لا يبنى على عامل بحد ذاته، وعليه فإن المواقف التركية هي الأخرى تتصل بحزمة من القضايا الساخنة، وإن تمركزت حول موضع حزب العمال الكردستاني..
من قراءة هذا المشهد، وبغياب الفهم الديمقراطي للقضايا التي تشكل المدخل نحو تحقيق الأمن والاستقرار، من قضية الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلى قضية التفاعل مع العصر وفق مفردات المرحلة، من حيث الانفتاح على الآخر، والركون إلى لغة الحوار في إيجاد الحلول لمجمل المشكلات العالقة، نرى أن المنطقة مقدمة على خيارات هي أكثر إيلاماً إلى شعوبها، إذا ما استمرت المعادلة السياسية في مساراتها، وفق الذهنية التي تأبى الرضوخ إلى متطلبات المرحلة، وهي مصممة كي تنأى بنفسها خارج دائرة الحلول، خاصةً وأن ترتيبات الوضع من جانب الأطراف الإقليمية، بمشاريعها ومخططاتها، تأتي بموازاة حزمة من الاستحقاقات التي تفرضها أجندات التغيير، والتي تلاقي التأييد من جانب القوى المتحكمة بمراكز القرار والقوة الدولية، والتي تحاول أن تهدم ما بني في ظل الأنظمة الشمولية وصراعات الحرب الباردة، وعليه نكون – بالرغم عنا – وجهاً لوجه مع تداعيات مشهد جديد، يحاول أن يحفر مساراته على الواقع، غير آبهة بتلك الأجندات الإقليمية التي تحاول الوقوف في وجهها والحد من تعميمها وترسيخ أسسها، كونها مكبلة بقيود هي من صنيع أدائها، وبالتالي فإن ما تقدم عليه هذه الأجندات، سوف لن تتكلل بالنجاح وتلقى النتائج المرجوة منها، لأن التغيير والدعوة إليها، بات حاجة ذاتية وموضوعية وكذلك استحقاق داخلي قبل أن يكون عامل خارجي..
ولو حاولنا إسقاط المعادلة على الواقع المعاش في تركيا، كان علينا أن نحيط بمجمل التراكمات المستفحلة في الساحة التركية، السياسية منها والقومية، إضافةً إلى الصراع الدائر فيما بين أقطاب العلمانية والسلفية، في المجتمع والسلطة، كون تركيا، وبتشكيلتها القومية المتنوعة، وسياساتها المتبعة منذ ما بعد تفكك السلطنة العثمانية، من جهة انتهاجها لسياسات الصهر، ومحاولة اصطباغها الجغرافيا التركية بالطابع القومي التركي، ووقوفها في وجه طموح ثاني أكبر قومية – القومية الكردية – في التعبير عن هويتها وخصوصيتها، قد دفعت بالبلد إلى مسارات لا يمكن له أن ينعم بالأمن والاستقرار، وهي الآن، وبغية تصديرها لأزماتها الداخلية المستفحلة، تحاول مرةً أخرى، البحث عن دورها القديم / الجديد في توتير الأجواء، عبر دفعها للباقي مما تمتلكها من أوراق اللعبة في مخاضات، قد لا تجلب لها سوى المزيد من الإخفاق..
فمع وصول حزب العدالة والتنمية، بمشروعه المبطن، في العودة إلى أحلام السلطنة العثمانية وزمن الخلافة الإسلامية، إلى السلطة، واستحواذه على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان، وتبوأه المراكز السيادية، من رئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة وكذلك رئاسة الجمهورية، وذلك عبر شعبيته التي انتشرت بنتيجة انحسار موجة النموذج الاشتراكي من جهة، والمد الذي يلاقيه التيارات الأصولية في المنطقة من جهة أخرى، بدأت التحديات تظهر من جديد، وبدأ الخلاف على أشده، بين من يسمون أنفسهم بالعلمانيين المنتمين إلى الامتداد الأتاتوركي إلى جانب مؤسسة الجيش، التي ما زالت تمتلك أوراق الفعل في الشأن الداخلي من جانب، وأنصار الأصولية الجديدة المتمثلة في حزب السلطة، من جانب آخر، وإن كان الجانبان متفقان من حيث المبدأ، الإبقاء على العنصر التركي ليكون هو السيد في الدولة، والحفاظ على هيبتها ومصالحها ضمن معادلة التغييرات الجارية في المنطقة، وكذلك عدم الدخول في معالجة القضايا الداخلية وفقاً لاستحقاقاتها، كون اللغة المشتركة بين الكل في مواجهة هذه القضايا، هي لغة التهديد والحديد والنار، وإن كان حزب السلطة يحاول أن يخفف من وقع هذه اللهجة في أدئه السياسي، وذلك بهدف الحفاظ على مكتسباته، والظهور بمظهر التيار الإسلامي السياسي المنفتح على خيارات التغيير، والطامح إلى دخول البوابة الأوربية وفق صيغ ينشدها، وتعيد عليه بانتصارات طالما عجز الجانب الآخر من تحقيقها..
ولأن وصول الحزب المذكور – العدالة والتنمية – إلى السلطة جاء بالترافق مع ما يحصل من ترتيبات جديدة على الصعيد الإقليمي، وأيضاً ما يحصل في العراق من تفكك لبنيان النموذج الديكتاتوري، ومحاولة إقامة دولة، تهدف البناء الديمقراطي وترتيب الوضع الداخلي بما يتناسب وتركيبته القومية، وخاصةً فيما يتعلق بالجانب الكردي، حيث إقرار الدستور بمبدأ الفيدرالية، وقيام إقليم كردستاني بمؤسساته التنفيذية والتشريعية، واستحواذ التجربة الكردستانية على دعم وتأييد من جانب مؤسسات المجتمع المدني ودعاة الديمقراطية، إلى جانب اهتمام العديد من الدول بها، كونها تشكل المنطقة الأكثر أمناً في العراق، والمناخ المناسب للاستثمار الاقتصادي، إضافةً إلى قضية كركوك، والمادة 140 من الدستور العراقي، التي تحاول أن تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، ضمن عراق ديمقراطي تعددي، كل ذلك ما يثير حفيظة الأنظمة المقتسمة لكردستان، ومن بينها مؤسسات النظام التركي، بعقليتها الطورانية، كونها تتخوف من انتشار التجربة العراقية – إذا ما تكللت بالنجاح – كنموذج ديمقراطي، تشكل أرضية الانطلاقة نحو تعميم الديمقراطية في المنطقة من جهة، ونجاح التجربة الكردية، ولما لها من تأثيراتها وتداعياتها على دول الجوار العراقي، من جهة ثانية، وذلك بحكم التشابه في المشكلات والقضايا، حيث أن هذه الدول تحتضن مشكلات الوضع العراقي، وخاصةً المتعلقة منها بالقضية الكردية، وتدرك جيداً أن النموذج الفيدرالي في العراق، سيثير لديها القضية الأكثر تعقيداً، والتي تحاول إبقاءها ضمن حالة الكبت عبر أدواتها القمعية، وعليه؛ فقد جاءت قضية حزب العمال الكردستاني، لتحتل موقعها من الصراع على الخارطة الإقليمية، كونها من جهة، تشكل المدخل لإعادة ترتيب التوازنات السياسية في الداخل التركي، وذلك بحكم أن حزب السلطة يملك رصيداً لا بأس به في الوسط الكردي، هذا الوسط الذي عانى الكثير من سياسات البطش والتنكيل، إلى جانب حرمانه من الخدمات الأساسية ومؤسسات العلم، حيث بقي أسير الجهل والتخلف، فإن خصومه السياسيين يحاولون جاهداً اللعب على هذه الورقة، بغية الإيقاع بين الحزب ووسطه الكردي، بهدف الحد من نفوذه ودفعه نحو الفشل، ومن جهة أخرى، الدخول إلى الشأن العراقي، وخاصةً التجربة الكردية، عبر هذه القضية لإثارة المشكلات حولها، بهدف لجم تطورها وجعلها قضية عراقية بحتة لا صلة لها بعموم الوضع الكردي بما هو خارج الجغرافيا العراقية، ناهيك عن دق إسفين بين القوى الحاكمة في العراق، وذلك لأن القضية الكردية لم تأخذ موقعها الطبيعي في ذهنية الطرف الآخر، وإن كانت تمارس ذاتها ضمن الواقع السياسي ووفقاً لدستور تحميها من شرور وانعكاسات كما كان في العهد الديكتاتوري، ولا نغالي إن قلنا بأن هذه الأهداف هي التي تحرك السياسة التركية وتوجهها صوب خياراتها، خاصةً إذا أدركنا أن الموقف السياسي في التعامل الدولي لا يبنى على عامل بحد ذاته، وعليه فإن المواقف التركية هي الأخرى تتصل بحزمة من القضايا الساخنة، وإن تمركزت حول موضع حزب العمال الكردستاني..
فتركيا التي تبحث لنفسها عن حصتها في الكعكة العراقية، وهي ترى امتداد نفوذ جاراتها في الشأن الداخلي للعراق، وتركيا التي تتخوف من التجربة الكردية بموازاة الإرث الذي يلفها من جراء استحقاقات هذه القضية، وكذلك تركيا التي تبحث لنفسها عن موطئ قدم ضمن المعادلة الأوربية، وسط حالة المتناقضات التي تعيشها في وجه مشروع التغيير الدائر في المنطقة، تائهة في لعب دورها وهي مكبلة باستحقاقات الداخل، وقضية الصراع على السلطة بين أكثر من تيار، وليست أمامها من مخرج سوى الدخول في صراعات خارجية، علها تتمكن من تحقيق بعض الانتصارات السياسية، وتستعيد البعض من عافيتها كنتيجة لإلهاء الداخل بما يجري في الخارج، إلا أن كل ذلك سوف لن تسعفها مقارنة مع ما هي مكبلة بها من إرث ثقيل..