لماذا صعّد حزب العمال التركي عدوانه ضد إقليم كُردستان مؤخراً؟

حسين جلبي

صعّد حزب العمال التركي البككة من منسوب عدوانه ضد إقليم كُردستان مؤخراً، إلى مستوى غير مسبوق، إذ لم يعد الحزب يكتفي بالحرب الإعلامية اليومية المسعورة على كُردستان، وتوجيه الشتائم وتخوين قادة الإقليم عبر انشطة يومية موتورة من داخل المناطق الكُردية السورية، بل وصل به الحال إلى قصف محطة إعلامية تابعة للحزب الديمقراطي الكُردستاني أمس، ووصل عدوانه اليوم إلى الذروة، مع اطلاق مسلحيه قذيفتين صاروخيتين على قرية أردنا بناحية آميدي في محافظة دهوك، أدت إلى مقتل مدنيين كُرديين وجرح اثنين آخرين.
تزامن الإعتداء الآثم الأخير، مع اتخاذ مجلس الأمن القومي التركي قراراً اليوم، بتنفيذ عملية عسكرية تركية جديدة، داخل ما تبقى من مناطق كُردية سورية، “للحفاظ على الأمن القومي التركي” الذي يهدده البككة حسب الأتراك، وقد “واجه” الحزب القرار التركي المتوقع، بالخروج في مظاهرات أكبرها في منطقة كوباني، رفع خلالها صور زعيمه اوجلان، في خطوة فُهم منها تأكيد مساعيه؛ لخلق الذرائع للجيش التركي للتدخل في المنطقة.
لكن، لماذا يصعّد حزب العمال التركي من عدوانه ضد إقليم كُردستان، مع أن المفروض به تهدئة جميع الجبهات، “للتفرغ لمواجهة الجيش التركي”، طالما أنه يزعم بأنه في حالة عداء مع الأتراك؟ في الحقيقة أن تصعيد البككة ضد كُردستان، يأتي لصرف الانتباه عن العملية العسكرية التركية المتوقعة والتغطية عليها، فهو يريد أن يخلق ضجيجاً بعيداً، لكي يجري التدخل التركي في المنطقة بسلاسة، ويريد تشتيت الكُرد واشغالهم بمعركة هامشية، لكنها قاتلة بالنسبة للتجربة الكُردية الأهم والأعرق في إقليم كُردستان، ولا يعود لديهم بالتالي الوقت والطاقة، لطرح أسئلة عن العملية التركية الجديدة ومحاسبة الحزب، بسبب فراره المتوقع أمام الأتراك، وتسليم مناطق جديدة لهم، دون أن يمنح الكُرد شيئاً مقابل ذلك، سوى الشعارات الفارغة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…