أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ٣ من مايو الجاري عن نية حكومته إعادة مليون لاجئ سوري إلى المناطق التي وصفها بـ(الآمنة)، والتي تقع تحت سيطرة ونفوذ الجيش التركي والفصائل السورية الموالية له كـ الباب واعزاز وتل ابيض وعفرين ورأس العين، التي شهدت تغييراً ديمغرافياً متعمداً بعد احتلال الجيش التركي والفصائل المتطرفة المؤتمرة بإمرته.
وفي الوقت الذي نؤكد فيه على الحق الطبيعي لجميع السوريين في العودة إلى ديارهم فإننا نود التوضيح بأن الخطر الذي يمثله هذا المشروع يتمثل في إعلانه من جانب واحد وبمعزل عن المساعي الدولية المشتركة الرامية للتوصل إلى حل سياسي عادل للأزمة السورية و”تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى مناطقهم الأصلية” وفقاً للقرار الدولي ٢٢٥٤ والقرارات الدولية ذات الصلة،
وبالتالي فإن إمعان العدالة والتنمية في إرغام السوريين على الاستيطان في الشريط الشمالي لأهداف سياسية انتخابية، يمثل تقويضاً لما يتم من مساعي وطنية ودولية على مسار الحل السياسي، ويعتبر إقصاءً وتهميشا لإرادة السوريين والقوى السياسية التي تمثلهم، كما أن هذه الخطوة لا تشكل سوى تحركاً لنسف الهندسة الديمغرافية في الشمال السوري، ما يعني تهديداً مستداماً لمستقبل الوحدة الوطنية والاستقرار المجتمعي في سوريا، إلى جانب ذلك فإن إعادة اللاجئين السوريين بشكل قسري هي مخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني، خصوصاً وأن هذه المناطق ليست آمنة فعلياً سوى من منظور حكومة العدالة والتنمية، التي لا ترى في نفوذ الفصائل المتطرفة خطراً يهدد حياة وأمن اللاجئين السوريين، ولا تعطي أي اعتبارٍ لالتجاء العناصر الخطرة من تنظيم داعش الإرهابي إلى مناطق النفوذ التركي ونشاطها بعد هزيمتها عسكرياً في أبريل ٢٠١٩، لذلك فإننا نعتقد بأن العودة القسرية للسوريين، ولا سيما إلى مناطق ليست مناطقهم وبعيدا عن ديارهم الاصلية، في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية الحالية ومع وجود العناصر المتطرفة والنشطة قبل ترسيخ أسس التحول الديمقراطي، سيعني اجتثاثهم مرة أخرى وتوطينهم بالقوة في مناطق أخرى غير مناطقهم، كما يعني كل هذا مزيداً من المخاطر ومجازفة بكل ما تم تحقيقه في مجال مكافحة الإرهاب، وسيشكل رفداً ودعماً للتنظيمات الإرهابية الباحثة عن تجنيد الشباب واستغلال حالة الفقر والإحباط لديهم، وبالتالي المزيد من التعقيدات للمشهد الوطني السوري ومفاقمة تدهوره المريع، فضلاً عن تهديده لأمن وسلم شعوب المنطقة والعالم.
وفي ذات السياق فإن الاعتداء الأخير الذي استهدف مدينة كوباني في ٢٢ ابريل الماضي والاعتداءات العسكرية التركية المتكررة على المناطق الكردية في سوريا بدعوى حماية الأمن القومي التركي باتت تشكل تهديداً عميقاً للوجود القومي الكردي في هذه المناطق عبر نشر الذعر والهلع وتهجير السكان الآمنين وجعل مناطق سكناهم غير قابلة للحياة وهو استمرار لسياسة التهجير المتعمد بحق المواطنين الكرد في عفرين ورأس العين والانتهاكات الممنهجة والخاصة بحق أبناء الديانة الإيزيدية.
وفي الوقت الذي ندين فيه كل فعل يستهدف الوجود القومي الكردي فإننا نؤكد بأن الكرد في سوريا تحملوا مسؤوليات كبيرة تجاه القضايا الوطنية، رغم سياسات الإنكار لوجودهم القومي، وعليه فإن الكرد في سوريا مدعوون للعمل على توحيد الموقف حيال القضايا الرئيسية التي تمس وجودهم الجغرافي، كما ونرى بأن جميع القوى والشخصيات الوطنية وكافة المبادرات المعنية بالقضية السورية مدعوة اليوم لإبداء مواقف واضحة تجاه ما يخطط له من المزيد من معاناة السوريين، وإدانة المساعي الهادفة لإجهاض الحل السياسي ومشروع الانتقال الديمقراطي، وتهديد مستقبل القرار الوطني المستقل ومسارات تشكّل الهويات الوطنية الحرة، لذلك فإن أي استهداف ممنهج ضد أيٍ من مكونات الهوية الوطنية هو في جوهره استهداف لمستقبل الحل الوطني وعرقلة بروز الهوية الوطنية وليس سوى تكريساً لعدم الاستقرار عبر ضرب مكونات الهوية الوطنية الواحدة بعضها ببعض، ومنع الكرد من الاضطلاع بمهامهم الوطنية في هذه المرحلة الحساسة التي تشهدها المنطقة من محاولات قسرية لتشويه الوقائع التاريخية والجغرافية والسكانية فيها.
كما ونهيب بكل القوى الوطنية السورية للوقوف بمسؤولية تجاه المخططات التي ترمي إلى تمزيق وحدة الشعب السوري وتعمل على غرس الألغام في نسيجه الوطني والمجتمعي، ونناشد الهيئات الإنسانية وقوى التحرر والديمقراطية للتضامن معنا والعمل على الإسراع في إيجاد حل لمعاناة الشعب السوري واستعادة حريته وسيادته على كامل أراضيه.
١٢ مايو أيار ٢٠٢٢
القوى السياسية الموقعة:
آمارجي – اللجان الديمقراطية السورية
مجلس إيزيديي سوريا.
تيار اليسار الثوري في سوريا.
المستقلين الاحرار في جبل العرب.
حركة الإصلاح ـ سوريا
منظمات المجتمع المدني:
جمعية چيان لمناهضة العنف.
اصوات نسوية كوردية “Dengê Femînistên Feminîsten Kurd”
مجموعة عمل لأجل عفرين “act for Afrin”
مركز “ليكولين” للدراسات القانونية.