شريف علي
الرابع والعشرون من شهر شباط قد يغزو صفحات التاريخ كيوم شهد الشرارة التي غيرت وجهة تاريخ البشرية فيما أذا استمرت وتيرة الصعيد المستمرة منذ اليوم الأول للعدوان الروسي على اوكراينا والتبريرات التي اختلقتها الاوليغاركية الروسية لغزوها لدولة جارة وذات سيادة دون أي اصغاء للنداءات الدولية والأممية واضعة نصب اعينها دحر إرادة الشعب الأوكراني لضم أوكراينا ألى الإمبراطورية الروسية على ضوء حساباتها التي كانت ممكنة من وجهة المقارنة بين قوة كلا الدولتين من كافة الجوانب بأستثناء جانب اساسي والحاسم في العملية والتي يبدو موسكو حتى لم تعيرة الاهتمام الكافي في ظل توسع دائرة نفوذها العالمي خلال العقد الاخير بدءا من العمق الإفريقي وانتهاء بالشرق الأسيوي مرورا بشمال افريقيا والشرق الاوسط وتعطشها لحقبة الهيمنة السوفيتية وتقاسمها لمناطق النفوذ مع اوربا الغربية وامريكا .
الحسابات الروسية كانت تقضي وحسب ما كان يؤكده كبار القادة المدنيين والعسكريين أن عمليتها العسكرية ضد أوكراينا والنظام القائم فيها ,والمتهم من الجانب الروسي بالنازية، سوف تنتهي خلال أسابيع وتعود اوكراينا الى الحضن الروسي لكن كما بدا لاحقا أن المثل القاضي بان حسابات البيدر لم تطابق حسابات الحقل قد انطبق على العملية العسكرية الروسية ضد أوكراينا، حيث مضى أكثر من شهرين دون أن تحقق روسيا هدفها الأساسي وحتى تلك الأهداف التي استطاعت تحقيقها بحسب تقديرات الخبراء العسكريين فإنها تعتبر قليلة جدا مقارنة بالخسائر التي تكبدتها روسيا عسكريا واقتصاديا وسياسيا الأمر الذي ياخذ بالمتتبع الى النظر للهدف الروسي من العملية برمتها من منظور بنية النظام الذي أرساه فلاديمير بوتين في روسيا منذ استلامه زمام السلطة في روسيا ومحاولاته الحثيثة للملمة مكونات الإتحاد السوفيتي السابق وتوسيع خارطة النفوذ الروسية في العالم على غرار التجربة النازية في ألمانيا وإن بشكل يواكب تغيرات النظام العالمي الحديث،. وهذا مقلق للغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت ترى أهمية بالغة للتورط الروسي في أوكراينا وبالتالي استغلال الازمة تلك كمستنقع للايقاع بروسيا فيه ووضع حد لطموحاتها التوسعية بعد قضمها لأجزاء واسعة من جمهوريات استقلت بعد انهيار الإتحاد السوفيتي ولعل المؤشر الواضح على ذلك هو إطالة أمد الحرب الذي لم يكن لولا الدعم الكبير من الجانب الغربي والولايات المتحدة لأوكراينا والاتساع المتزايد لدائرة العقوبات التي تفرض على روسيا .
المؤشر هذا والذي ان كان في الحسابات الروسية فلميكن بتلك الأهمية التي يعول عليها الغرب الذي يتجنب صراع مباشر مع روسيا في ظل امتلاك روسيا لترسانة هائلة من مختلف صنوف الأسلحة المتطورة بما فيها النووية وبالتالي لابد من استغلال عامل الزمن كجزء من استراتيجية المواجهة كمحاولة لشل قدراتها الهجومية أو اضعافها على أقل تقدير وفي هذا السياق كان الإجتماع الذي دعت إليه الولايات المتحدة في رامشتاين بألمانيا بهدف تنظيم دعم أربعين بلدا لأوكرانيا، والذي اتبعتها الإدارة الأمريكية بتفعيل قانون الإعارة والتأجير لعام 1941 الذي أصدره الرئيس روزفلت خلال الحرب العالمية الثانية (939 1 –1945) والقاضي بتقديم مايمكن من الدعم العسكري للبلدان الصديقة التي تتعرض للعدوان. من جهتها أدركت روسيا فحوى هذه التطورات التي أعادت إلى الأذهان البعض من مظاهر الحرب العالمية الثانية سواء اجتماع رامشتاين أو قرار الإعارة والتي حظي في حينها الإتحاد السوفيتي بجزء منها لمواجهة المد النازي وهو الأمر الذي لوح على اثره الرئيس الروسي بامكانية توسيع مجال الهجمات الروسية في حال انخراط ايه جهة دولية الى جانب أوكراينا، كما سارع في الوقت ذاته إلى وضع استراتيجية مضادة لتلك التي اختارها الغرب وأمريكا، والإنتقال إلى صيغ جديدة في التعامل مع المستجدات على الصعدين الميداني والاقتصادي ،
التطورات الجيوسياسية الأخيرة المرافق باتساع دائرة التحالف الغربي ليمتد الى الشرقين الأوسط و الآسيوي واليابان والتي تدفع بموسكو الى ردود أفعال تجاهها خاصة وانها ترى أن بقاء روسيا كدولة ونظام بات متوقفا على الإنتصار في حربها على أوكراينا ،هذه بمجملها ترجح إحتمال توسع دائرة النزاع لتتجاوز الحدود الأوكرانية وبالتالي وضع المجتمع الدولي أمام حرب عالمية ثالثة في ظل ترسانات هائلة من أسلحة نووية فتاكة لدى طرفي الصراع لا يمكن التنبؤ بالنتائج الكارثية لإستخدامها سوى أمرين إثنين . الأول .دمار شامل للعالم ولنتاج قرن من البناء والثاني إعادة رسم خارطة سياسية جديدة للعالم تغطيها خارطة نفوذ للقوى المتالحفة المنتصرة .