صلاح بدرالدين
لقد أخفقت بغض النظر عن التفاوت في درجات المسؤولية، ودوي الإخفاق، والدوافع، وذلك للأسباب التالية :
أولا – لن نعود كثيرا الى الوراء، ولن ندخل بتفاصيل تعاون ( مجموع الأحزاب الكردية ) مع خلية الازمة لجنرالات مخابرات النظام بالقامشلي للحيلولة دون ان تتحول هبة ٢٠٠٤ الى انتفاضة شاملة، بل نبدأ بعام ٢٠١١، واندلاع الانتفاضة الوطنية السلمية السورية، ثم تحولت كما نعلم الى ثورة دفاعية بعد التحاق مجاميع من المنشقين عن جيش النظام بصفوف الشعب، والتلاحم بينهم وبين الحراك الوطني الثوري العام والتي لم تدم طويلا، امام ذلك الحدث، وفي تلك الفترة الزمنية الأكثر أهمية بحياة السوريين وبينهم الكرد، لم تفهم الأحزاب قيمة اللحظة التاريخية، ولم تستطع استثمارها لصالح الكرد، واتخذت الموقف ليس بناء على قرارها المستقل بل نفذت ما املي عليها من خارج الحدود، با الانخراط في مشروع نظام الاستبداد، او التردد، والوقوف في المنطقة الرمادية المحايدة، ثم تصديها بالجملة، والتفصيل لحراك تنسيقيات الشباب الكرد في مختلف المناطق، والمدن، والبلدات الكردية، وبذلك التقت عمليا مع مخططات النظام في وأد، الحراك الشبابي العفوي، المفجر الحقيقي للانتفاضة .
ثانيا – عجزت عن بناء الحزب الحقيقي المدني المنظم بحسب المواصفات الحضارية، في تمثيل مصالح عامة الشعب، وطبقاته، وفئاته الاجتماعية، كما فشلت في تقديم المشروع القومي والوطني الكردي للسلام، بل نشرت ثقافة الخنوع، والخوف، والترهيب، والتخوين، وعززت منهجية تلقي المال السياسي، والتبعية المطلقة للجهات الداعمة، كما دشنت الخطاب الآيديولوجي، والتقليد الاعمى، وعبادة الفرد (ليس الفرد الكردي السوري بل الفرد خارج الحدود)، ودشنت مبدأ – الحرب بالوكالة – لقاء الثمن المادي، والجاه، والنفوذ، كما دفعت باتجاه الانشقاقات الحزبية، واستقبال المواليد الجديدة لزيادة العضوية في طرفي الاستقطاب، وتفعيل الصراع الثنائي، وخاصة من جانب التنظيمين المحظيين (ب ي د و ب د ك، س) .
ثالثا – مارست الازدواجية بشأن الفكر القومي، فالمعلوم ان الحركة الكردية السورية نشأت في الفضاء القومي التحرري مثل كل الحركات القومية، وناضلت على هدى مبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وفي الخصوصية الكردية السورية في اطار سوريا التعددية الديموقراطية الموحدة، فيي حين انحرفت الأحزاب، وتخلت عن المبدئي، وابتعدت عن الأصلي، والمرجعي، في مسار حركتنا منذ حركة خويبون وحتى الان، مرورا بتجربة الرواد الأوائل، والتنظيم السياسي الأول، ومرحلة تصحيح المسار عام ١٩٦٥، ومرحلة – محمد منصورة – باختراق الأحزاب، وشراء الذمم، وتكريد الصراع، وماتحمل من عبر، ودروس .
رابعا – ساهمت، او سكتت، او شجعت، على تفريغ المناطق، والهجرة، والنزوح، والتلاعب بالملكيات الفردية، والعائلية، وتغيير التركيب الديموغرافي، وعمق الشرخ بين أهلنا في المناطق الكردية الثلاث، ودفعت باتجاه احياء العصبيات المناطقية على حساب الفكر القومي الديموقراطي، ولم تعمل هذه الاحزاب يوما على إعادة المهجرين، والنازحين الى ديارهم، لا مهجرو عفرين، ولامهجرو كوباني، والجزيرة .
خامسا – ساهمت هذه الأحزاب بدرجات متفاوتة في عسكرة المجتمع الكردي السوري، وتجنيد النساء، والقصر، ليس من اجل مقاومة النظام المستبد، او مواجهة سائر المحتلين، او حل القضية الكردية السورية، او نصرة الحركة الديموقراطية السورية، بل فيي سبيل مصالح حزبية، ونفوذها، والتباهي، وخدمة اجندات خارج الحدود .
سادسا – قد تختلف هذه الأحزاب فيما بينها حول مسائل النفوذ، والمصالح الخاصة، ولكنها تتفق في رفض الآخر المختلف، ومنع النقد الخلاق، وعدم الاعتراف باي حراك شعبي، او فكري او ثقافي، او مشروع للتجديد، وإعادة البناء، او حتىى قبول أصوات تدعو الى الاتفاق، وتجاهل دعوات المصالحة، والحوار، وإعادة بناء الحركة الكردية، وتوحيدها، واستعادة شرعيتها عبر الطرق الديموقراطية المدنية مثل المؤتمر الكردي السوري الجامع .
سابعا – أرست قيادات هذه الأحزاب أسوأ نموذج للعلاقات الوطنية لاتستند الى مبادئ ثابتة في الموقف من القضية الكردية، ولاعقود متوافقة عليها حول الدستور، والنظام السياسي المنشود، وهكذا الحال بخصوص العلاقة الإقليمية، والدولية التي لم تسند بتاتا على التكافئ، والتوافق، والتوثيق، والشفافية، وكانت على الدوام احادي الجانب، ومن طرف واحد، ولمصلحة الطرف الاخر .
ثامنا – اغلب الظن لم يعد هناك جدوى من مخاطبة قيادات هذه الأحزاب التي لم تعد ترى، ولاتسمع، ولاتجيب، بل الطريق الاسلم هو التواصل مع مرجعياتها، ومانحيها، خارج الحدود .
ماذكرناه أعلاه غيض من فيض ولكنه اكثر من كاف لتعيد هذه الأحزاب النظر، وتعترف بالفشل، وتعيد الأمانة لاصحابها، وتسلم امرها للشعب، وتقبل الالتزام بما يتمخض عن المؤتمر المنشود، لانها في كل الأحوال وصلت الى الطريق المسدود، والمؤتمر يعتبر خشبة الخلاص من المأزق .
ولكن ؟
وفي معرض تناول جوانب العامل الذاتي، اقولها بكل صدق وصراحة (وأرجو ان أكون مخطئا) بان الازدواجية لا تقتصر على قيادات الأحزاب ومسؤوليها في الفكر، والسياسة، والموقف، بل منتشرة حتى في صفوف قطاعات من (اللاحزبيين) وبينهم رهط من المتعلمين (ولااقول المثقفين) لانهم لايستحقون، ويلاحظ المتابع على مدار الساعة، مدى سرعة انتقال بعضهم من (معسكر) الى آخر، او قيام بعضهمم بنقد، ورفض الحزبية الضيقة في المساء، ونشر مقالات موالية في منابرها بالصباح، ومكابرة البعض الاخر في قبول او تقبل وحتى مناقشة مشاريع الإنقاذ المطروحة مادامت ليست من عندهم وهذه صفة الحزبويين وليس المستقلين الديموقراطيين، ولكن لن نفقد الامل بشعبنا، وطاقاتنا الشبابية من النساء والرجال، ومفكرينا، ومثقفينا الاصلاء الملتزمين بقضايا الشعب والوطن .
وقد تحتاج القضية الى المزيد من النقاش