وليد حاج عبدالقادر / دبي
بداهة من جديد وفي عودة – ولو متأخرة – الى جدلية الأكاديمي من جهة والمثقف ، ومدى الترابط في الفهم العام بين مبدأ الثقافة كمصطلح شامل ، او الأكاديمي بطابعها المتخصص ، وإن خالطتها او امتزجت هي ببعض من العلوم المكملة او المساعدة الأخرى ، وهنا ولإجراء التقاص ومعها الفرز الدقيق المقارب للتعريف ، لا بتلك النظرة الميكانيكية سواء لمفهوم المتعلم – المتخصص ، ومن ثم المثقف بتعريفه العام ، هذا الأمر الذي سيقودنا ثانية الى ذلك التناص والتداخل في مفاهيم تلك المصطلحات من جهة ، والتطابق ومدى تاثيرها العملي الممارس من جهة اخرى ، وانعكاسها في بنى المجتمعات ، وبشكل خاص ضمن أطر الحركات السياسية – الكردية أنموذجا – الأمر الذي يطرح – ولم يزل – سؤالا بديهيا ولكنه مستفز وايضا ذي إشكالية على مبدأ الصياغة التالية :
ماهو تعريف المثقف ؟ وهل كل متعلم لابل وحتى أكاديمي مثقف ؟ أو أن كل مثقف يفترض به ان يكون أكاديميا ؟ وماهي معايير التوصيف والجدل ؟ وكذلك الجذب والنبذ الحزبوي – السياسي ، آخذين في الإعتبار نقطة انطلاقة الجدل زمنيا لفترة ما بعد ٢٠١١ أو حتى ماقبلها بقليل ؟ والأهم : عين المعيارية ومقاربتها بذات الفئات المنخرطة ضمن أطر الحركة .. أية حركة ؟ فهل ستسقط عن أصحاب هذه النزعات صفة الأكاديمي – المثقف وبقرارات أشبه ما تكون بمحاكم تفتيش ؟ أم ؟ وهنا السؤال الصادم : بأي حق يمنح واحدنا لنفسه لقب مثقف – أكاديمي – باحث ؟ أو ليست – وكمثال – سنين التعليم والدراسة ، والتي قد تصل الى ٢٠ سنة او اكثر ؟ .. أسئلة تحتاج فعلا الى وقفة وليس جدل وذلك ببساطة شديدة ! لكف مساعي الهيمنة المقنعة والعودة الى ممارسة نزعة الأبراج العاجية لا اكثر ، والتي هنا أيضا تستجلب معها عدة استفسارات حيوية قد تنطلق من صيغة كلام أحدهم على سبيل المثال – نحن المثقفين ! – او – نحن الباحثين – ،
وهنا يفترض مجددا عدم الخوض في سجال التعريفات الممنهجة والتي تطوق البعد عمليا وبسلاسة عن التفاعل و .. الإستفادة القصوى – وايضا – من دون استنزاف للطاقات وبالتالي ترسيخها موضعيا إن لتنمية الوعي الذاتي أوالجمعي ومعها تطوير آفاق وبنى المجتمعات ، وعليه فقد ظهرت طروحات وطرائق عدة مقرونة بتعريفات وسجالات تعريفية – معرفية أيضا ، والتي ما وقفت عند غرامشي وفوكوياما ولم تفت كثيرين امثال ادوار سعيد ولا طرابيشي ، وتتالت الإستشهادات كما التداخل بين مصطلحي الثقافة والمثقف وفي ظاهرة ذات التعريف كما كنت قد نوهت في مقال سابق لي وليبدو الأهم في كل ذلك هو التعريف او كما يحلو لغرامشي ان يقول في – الثقافة او المثقف العضوي – ومعها جاءت في سياقات الصراعات الآيديولوجية ظاهرة المثقف – الثقافة الملتزمة ، وهذا النمط بحد ذاته طوق بسلسلة معقدة من السلاسل الآيديولوجية ، حيث ظهرت فترة – كما العصر السوفييتي – طوقت ارقى النتاجات بترف آيديولوجي بقيت لعقود طويلة كجسم غريب في جسد عمل رائع ، إن الإلتزام كظاهرة مفترضة لقضية – قضايا عادلة ، خاصة منها الجمعية ، هي التي تفرض ذاتها كمحتوى نضالي وكقضية عامة ملموسة تظهر بالتماس مع الظاهرة الجمعية وتعبر عن حقيقتها ، وكذلك يمكنها ولو بإشارة تعجب او استفهام او تساؤل بسيط ان تؤسس لبيان توضيحي شامل ، وعلى هدي ذلك قال لي صديق متخصص بالطب قضى في روسيا طويلا ، بأن واحد من اشهر كتاب المسرح السوفيتي ، تقدم بطلب للجهات المسؤولة يطلب الموافقة لعرض اصبح فيما بعد من اشهر أعماله المسرحية ! وتم رفض الطلب لمرات عديدة ، فآثر مراجعة الجهة الرافضة يسأل عن الأسباب ؟ فقيل له لا وجود فيها أي مؤشر يدل على البروليتاريا ، فطلب قلما من الموظف واضاف كتابة في الفصل الأول – فتح الستارة .. يشاهد عامل وقد صعد سلما وبيده مطرقة وشيء ما يريد تثبيته بالحائط و … تمت الموافقة على عمله .. هكذا هم مثقفو النظم العقائدية والشمولية وكذلك مفتشو – محققو وزارات الإعلام والثقافة والتي تتماهى في النظم الشمولية داخل دوائر الأمن والإستخبارات ، هذه الدوائر المسلحة ابدا بمناهج وعقائد مطوقة بقوانين خاصة وكمحاكم تفتيش لها موازينها ومقاييسها تحدد الصالح لها وتحاكم مالا يتوائم مع مفاهيمها ، نعم ان المثقف العضوي والمتفاعل والذي هو على مقاس النظم يتفاعل ويتحول وفق ذبذبات الحكام ، والأهم فيها تحت غطاء الثقافة الملتزمة والتي تتخذ لها عنوان سرمدي يتفاعل وينسجم بشمولية مطلقة لابل ويتفاعل مع اجهزة النظم القمعية تحت غطاء – بند الثورة – أية ثورة – كما فعلها الشيوعيون الصينيون تخت مسمى ثورة ثقافية مزعومة وايضا تصفيات بول بوت الكمبودي والخمير الحمر ومعه تابع زوتشي الكوري الشمالي وسلالة كيم إيل سونغ ، وبالتأكيد كرديا لن نستطع مطلقا تجاهل أوجلان ومتحوراته أيضا بدءا بيساريته المفرطة كتابع لحكمت قفله جميلي مرورا – وايضا – بشعاراته المتطرفة – مثل سرخبون ودولة بوطان وبهدينان الى عجائب فكرية متجددة تجدد أية نظرية يتاثر بها ، وهنا ادرك شخصيا ظاهرة التأثر الشديد لرؤية – مشروع كنظرية ممكنة التطبيق ، ولتدخل مرحلة التبشير الجماهيري وايضا باسلوب انتليجنسي صرف ومصطلحات تتجاوز وعي غالبية المثقفين المفترضين ! فما بالكم بالجماهير مثل مصطلح الأمة الديمقراطية واخوة الشعوب والبراديغما ، وعلى هدي تلك الحقيقة المرة ، حينما التزم اليسار الكردي في سوريا بالماركسية اللينينية وذهب احد أعضاء مكتبها السياسي – المرحوم سعيدي بارودو – الى ريف ديريك لعقد ندوة ، وبعد انتهاء ندوته ومن فرط استخدامه لمصطلح الماركسية اللينينة سأله احد الحضور عن معنى الماركسية وليرد عليه عضو المكتب السياسي : جوابك لا اعرفه وفقط ملا محمدي نيو وصلاح بدرالدين لديهم الجواب الشافي ، والمعلومة التي عندي واعرفه أن ماركس هو ابن انجلز الذي هو ابن لينين .. هكذا انطلقنا ماركسيا وقابلها قوميا حكاية القائد مصطفى البارزاني والراعي حمه الذي قال للبارزاني – لم يكن حمه يعرفه – قولوا للبارزاني والله حمي شفان لا يقبل ابدا ان يتم التنازل عن كركوك ، وقادة يتجاهلون عشرات الألوف من شهدائهم لابل يعتذرون من امهات قاتليهم .. وهم ابدا المثقفون المتلونون الذين يصيغون بهارج نصر مضمخ بدم واكاذيب لنصر زائف كل نكسة منها تحتاج لعقود حتى تلملم جراحتها لا أكثر و .. تدون – انكساراتها – في سجل الإنتصارات الخلبية كدعم واه لبروباغندا الرفاق الذين لا يخطئون ويستحيل ان بهزموا … هذه هي ثقافة تطويع الوعي قهرا وتسويقا مخزيا في قطيعية لوبون المرياعية .