الحوارُ الذي لنْ يولد

سعيد يوسف. 

مرّةً أخرى… وفدٌ أمريكي كان في غربيّ كوردستان، وألتقى طرفيّ الحوار الكورديّ…  وهو ما حثّ عليه مؤخّراً السفير الأمريكي في دمشق أيضاً. 
بقناعتي أنّ أي حوار حتى يكون جادّاً ومجدياً…لا حواراً بيزنطياً. يجب أن يستند إلى جملة مبادئ قبلية أذكر منها، وهي قابلة للمراجعة، إضافة أو حذفاً : 
١- أن يعي كلا الطرفين، أنّهما أمام مسؤوليةٍ تاريخية، وحالة وجودية استثنائية لا تتكّرر إلّا نادراً…
٢- أن يعلما أنّ مصلحة الشعب، أهم من المصالح الحزبية الضيّقة، فأكثر ما يحتاجه الشعب هو مسؤولون يخلقون وسطاً للتفاهم والتواصل، لتحقيق نتائج ترضيه، وتحقّق طموحاته في العيش بحريّة وأمان. 
٣- الاعتراف الوجوديّ المتبادل… وعدم التفكير بإلغاء الآخر… وتجاوز منطق اللوم وتبادل التهم… 
٤- أن يضع كلّ طرفٍ في اعتباره، أنّ عليه أن يقدّم تنازلات إذا كان جادّاً في مسعاه، للوصول إلى حالة من التسوية ترضي الجانبين. 
٥- على كلّ طرفٍ أنْ يعلم أنّنا لا ننظر إليه بعين الصّفاء والنّقاء، وأنْ يعلم بأنّه ليس تقيّاً و ورعاً، أو معصوماً عن الخطأ ونزيهاً، فلا أحد فوق رأسه خيمة مقدّسة، ولا أحد يملك الحقيقة الكليّة المنجزة، وعلى الجميع أن يعلموا بأنّهم “أقلّ شأناً مما يدّعون، وأدنى مكانةً ممّا يتصوّرون، وأضعف قوّةً ممّا يتخيّلون”.
٦- على الميديائيين وغيرهم ممّن هم  خارج دائرة الحوار المباشر، الكفّ عن رمي جمراتهم التي تؤجّج الخلاف والاختلاف وتصعّده… نقول لهم الجموا أقلامكم وألسنتكم، ونظّفوا إعلامكم وشاشاتكم من خطابات الكراهية وسموم التّخوين… 
ختاماً بالرّغم من حياديّة هذه المبادئ، ومثاليّتها… فإنّي على يقينٍ تام وقناعةٍ  تستند إلى الوقائع…بأنّ الحوار الكورديّ لن يولد لأنّ أحد الطّرفين لا يرضى بالحوار مطلقاً لسببٍ وحيد فقط، لأنه يرى أنّه الواحد الأحد، وأنّ للحياة  قطباً واحداً لا قطبان. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…