في بؤس نقد الموقف الامريكي…..!

اكرم حسين 

في الوقت الذي تقود الولايات المتحدة الامريكية حراكاً لجمع المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية على طاولة حوار ستؤدي في حال نجاحها الى تغيير كامل المشهد السياسي  في منطقة شرق الفرات وسوريا ، تشكك بعض الاصوات المحسوبة على المجلس الوطني الكردي في جدية المسعى الامريكي  ووعوده لاستئناف الحوار المتوقف منذ اكثر من عام ، مما يجعل من المنطقي والطبيعي ان يتهيب المرء ويمارس الحذر الشديد تجاه الموقف الامريكي – الذي لا ينكشف – الا-  لصناعه  – وخاصة اذا كان المرء  ذو خلفية يسارية، وليست لديه معرفة واسعة ودقيقة بتاريخية الموقف الامريكي ، والمواقف الدولية الاخرى  التي تستند الى المصالح  لا المبادئ  –  وينحازون – عادة – في حياتهم – ومنهجية تفكيرهم – الى المحور المعادي للرأسمالية ، ومركزها القيادي المعاصر – امريكا- استنادا الى الموقف النظري ، وعدم التمييز بين هذا الموقف ، واولوية المهام المستندة  الى الممارسة العملية التي تكتسب الكثير من الاهمية لنا ولمستقبل المنطقة  والانسانية ككل .
اعود لأقول بان للوجود الامريكي فضائل . فهو الذي يمنع تقدم الروس وتركيا والسلطة لابتلاع ما تبقى من اراض سورية تقع خارج سيطرة نظام دمشق ، وهو – أي الوجود – المحدد لكل التموضعات  والاصطفافات ، ولعلاقات الصراع – والقوة – والهيمنة  – والسيطرة –  بدءا من الأطراف المحلية ،  وانتهاء بالإقليمية والدولية.  فبدون امريكا لا يمكن لأي طراف من الاطراف ان يتقدم خطوة واحدة في أي اتجاه  في سوريا ، وهذا ما يجعل – هذه – الاطراف –  عادة –  في قمة التحفز والاستنفار ، واستحضار القوة ، وممارسة التهديد والابتزاز .
صحيح ان هناك موقف امريكي غير – واضح – تجاه القضية الكردية في سوريا ، وتلزم وجودها في المنطقة بمحاربة داعش والمجموعات الاسلامية والجهادية ، لكن العامل الامريكي هو الاكثر اهمية ، وتأثيرا من بين العوامل الاخرى تكتيكيا ، واستراتيجيا ، لضعف حيلة الكرد ، وغياب مناصرين  اقليميا ودوليا ، بما فيهم  النظام والمعارضة السورية التي بانت مواقفها  في كل جولات اللجنة الدستورية ، وخاصة الاخيرة منها حيث قدم السيد كاميران حاجو رؤية المجلس الوطني الكردي لعدم امكانية التوافق  .
الروس والنظام وتركيا وكل حلفائهم يتمنون ويسعون كي يدير الكرد ظهرهم لأمريكا ، ويحاولون ان يستغلوا تناقضات السياسية الكردية كي يصلوا الى النتائج التي يطمحون اليها وهذا ما يحتم علينا ان لا نساعد هؤلاء في الوصول الى اهدافهم او مساعدتهم من حيث لا نحتسب .  
ليس من مصلحة المجلس الوطني الكردي ان يشكك بالموقف الامريكي او يوجه الاتهامات لان امريكا تؤكد في كل لقاءاتها على جدية الحوار واهميته ، وضرورة ان يصل الطرفان الى توافق كردي ، وما يعنيه  ذلك لدى الاخرين في واقع الامر من اتهامات التقسيم  وخلق سياسات اقتصادية تساهم في تجويع الشعب السوري وخنقه معيشيا .
ينبغي ان لا يخشى المرء من الاتهامات  ، ولا يبالي بها ، وخاصة من تلك الجهات التي تعمل وتحاول ان تعيد الكرد الى ” حظيرة ” السلطة كي تمارس عليهم القهر والاستعباد .
وفي هذا ، لا يختلف موقف المشككين  بأمريكا عن موقف تركيا التي تحاول تحقيق مكاسب واهداف خاصة على حساب التطورات الكارثية التي جرت في سوريا. 
وامام استحالة التوافق الروسي- الامريكي لابد من الابقاء على الوضع الراهن ، وتثبيت خطوط التماس ، والاندراج النقدي في السياسة الامريكية  لأنها الاقرب لمصالح الكرد السوريين  – وفي غير ذلك – سيقدم الكرد خدمة موضوعية لأعداء الشعب السوري ، وتوسيع التحالف في صفهم….!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…