الورطة الكبرى لكل الأطراف في الحرب الروسية الأوكرانية

بهزاد عبد الباقي عجمو 

لاشك أن بوتين قد تورط في هذه الحرب وهذا لا جدال عليه وذلك بسبب عنجهيته وعقليته المافيويه وخلفيته المخابراتية الاستعلائية فلم يكن يتوقع هذا التحشيد الاوربي الامريكي ضده وهذا الدعم العسكري واللوجيستي لأوكرانيا حكومة وشعباً حيث كان يتوقع بتدخله هذا سيكون رد فعل الغرب مجرد إدانات واستنكارات وعقوبات غير مؤثرة كما حدث حينما احتل جزيرة القرم وبعض المناطق الشرقية في أوكرانيا في عام 2014 لذا فإنه الآن وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه وأصبح حلمه في إحياء الإمبراطورية السوفيتية في مهب الريح
 وكما يقال حساب البيدر لم يتطابق مع حساب السوق ولذا فهو الآن في موقف حرج للغاية فإن استمر في حربه فسيزداد الضغط عليه وتزداد العقوبات وسيزداد الدعم للجيش والشعب الأوكراني وستزداد خسائره وإن انسحب من أوكرانيا ستكون الخسائر المعنوية أكبر وستنخفض شعبيته إلى القاع وسيصبح حلم إحياء الإمبراطورية السوفيتية من الماضي وستدير الدول ظهرها لشراء الأسلحة الروسية وستصبح روسيا الاتحادية دولة لا هيبة لها في العالم ، أما الرئيس الأوكراني فنقول له نحن الكود لنا تجارب مريرة مع الغرب فإن وعودهم مجرد أكاذيب وعهودهم يتراجعون عنها بين ليلة وضحاها ولا يهمهم دماء الشعوب بقدر ما تهمهم مصالحهم ودائماً يستخدمون الشعوب  كورقة لتحقيق أهدافهم وأن من يعتمد  على الغرب مثل من يبني قصوراً على  الرمال المتحركة فلذا كان من الأفضل ألّا  يقطع شعرة معاوية مع جيرانه الروس وكان من الأفضل أن يمسك العصا من المنتصف ولو أدى ذلك الى تقديم بعض التنازلات بدلاً من فتح المجال لبوتين لإعلان الحرب وغزو أوكرانيا لأن هذه الحرب لن يخرج منها أي طرف رابح لا الروس ولا الاوكرانيين أما أوربا فورطتها أنها لا تستطيع أن تحل موضوع هذه العلاقات الاقتصادية التشابكية مع روسيا وأن هذه العقوبات التي أعلنتها هي مدعاة للسخرية فهي لا تستطيع فرض العقوبات على النفط والغاز الروسي وبإيرادات هذه النفط والغاز التي  يمول بوتين آلته التدميرية ومغامراته الجنونية فلو قطع بوتين الغاز وحده عن بعض دول أوربا في المستقبل فسيموت الكثير منهم من البرد ، فإذا لا تستطيع أوربا أن تتقدم بالدعم كثيراً إلى الأمام لكي لا تخسر النفط والغاز الروسي ولا تستطيع أن تتراجع إلى الوراء  لأن هذا سيدفع بوتين في المستقبل بأن يفكر في غزو دولة أوربية أخرى أما بالنسبة لأمريكا فإنها كانت تتمنى أن تقع روسيا في أوحال أوكرانيا وأن يحدث لها كما حدث للاتحاد السوفيتي السابق عندما غزت أفغانستان ولكن بهذه التمنيات قد أوقعت نفسها في امتحان صعب للغاية حيث وضعت مصداقيتها على المحك من ناحية نشر الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية  وإصلاح النظام العالمي ومساندة الشعوب المظلومة وعندما ينقشع جليد أوكرانيا ستظهر هذه الحقيقة هل هي كانت صادقة أم كانت تقول مجرد أكاذيب وخداع ونفاق تخفي وراءها مصالحها وأجنداتها ومآربها ثانياً فقد أوقعت نفسها في منعطف خطير حيث لا تستطيع أن تذهب أكثر من ذلك لأن مجرد الاندفاع أكثر من ذلك يعني دخولها في حرب عالمية ثالثة ويهدد بوتين بذلك علنا أما التراجع عن دعم أوكرانيا وترك الشعب الأوكراني فريسة لبوتين وعصابته فستنهار هيبة وعظمة أمريكا في نظر العالم قاطبة وسيعود الزمن بنا إلى الوراء أيام الاتحاد السوفيتي السابق وسيتحول العالم إلى قطبين أي القطب الروسي والقطب الأمريكي مع العلم أن بيد بوتين الآن أوراق قوية لم يستعملها حتى الآن بغض النظر عن الأسلحة الفتاكة التي يمتلكها والسلاح النووي  ،فهناك سلاح  النفط والغاز الذي تعتمد عليه أكثر دول أوربا وفي حال استخدامها سوف  تتراجع عن مواقفها فرادى وجماعات كما يجب ألّا  ننسى سلاح القمح ففي حال استعماله يستطيع أن يجعل الأمن الغذائي العالمي في خطر لذا نستطيع أن نقول بأن الكل في ورطة كبرى وأتمنى أن تكون ورطة  معتدي وخطأه قاتل . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…