قراءة في كتاب الكورد والإرهاب لإدريس عمر

ريبر هبون

الكورد والإرهاب، هذا العمل الذي اجتهد الكاتب الكردستاني إدريس عمر في تأليفه وقد اتسم بتميزه البحثي وعرضه لمحتوى البحث بطريقة أكاديمية تتضمن كثرة المعلومات على اختلاف المصادر المستقاة منها والتي أعطت للقارىء مساحة لفهم الإرهاب ودور  الكورد في مجابهته، وقد كان الميدان البحثي فيه مدعاة تحليل واستنتاج وتقليب للأفكار وقد اجتهد الكاتب في جمع المعلومات معتمداً في ذلك على الدقة والتحري وهنا سأتطرق لمسألة عامة تتعلق بعيوب البحث العلمي وأقوم بقياسها على البحث لتقديم وجهة نظر حول طبيعة البحوث فلا شك أن عملية جمع المصادر وتنسيق الأفكار ضمن محتوى البحث عملية مضنية تلتزم بالتقاليد الأكاديمية لكن ما يطرق الذهن هو غياب إبداع المؤلف، وذلك يمثل عيباً أكاديمياً بمعزل عن البحث الذي ندرسه،
فالاكتفاء بعرض الشواهد من مصادر ومراجع دون بيان وجهة نظر المؤلف وطريقته في فهم الإشكاليات ومرامي ما يحاول إيصاله للناس عبر العملية البحثية يُفقد البحث ميزة التمايز عن بحث آخر ، حيث لابد من إبراز ذلك الفهم الخاص للإرهاب وتفسيره لها وكذلك أن يبرز الجانب الاستشرافي التنبؤي بمعنى يحلل دون الاكتفاء بعرض ما قيل عن الإرهاب هنا وهناك ، فالبحث الجيد يتعدى كونه ميدان لجمع المعلومات بقدر ما يكون الهدف منه أيضاً الإتيان بالجديد على المستوى الإبداعي، حيث يطلب من الباحث الالتزام المنهجي بالحب وكذلك الإبداع دون أن يكون غرض البحث الأكاديمي إبراز التميز الاجتماعي والتوجه للنخبة، حيث التجرد من الأراء الشخصية يمثل احدى عيوب البحث العلمي بوجه عام، والميزة الأكثر إيجابية في البحث المقدم هو تدعيمه بالقرائن والشواهد، وقد أشار الكاتب إدريس عمر هنا للحلول التي تحد من الغلو والتطرف لنتأمل هنا ص 38 : „جرت العادة على مواجهة التطرف بأحد اسلوبين : 1- الأسلوب الأمني البوليسي : وهو المفضل لدى غالبية الأجهزة الرسمية والمؤسسات
.الأمنية والعربية والإسلامي 
-2الأسلوب السياسي والفكري : عن طريق الاستيعاب وفتح قنوات الحوار ، لإقناع من يحمل فكراً متطرفاً بأن أبواب التأثير والإصلاح بالطرق السلمية” بعيداً عن العنف وإراقة الدماء متيسرة أمامه وليست مغلقة
وأضيف هنا نقطة بأن الحزم في مواجهة التطرف الديني سواء سلماً أم حرباً له إيجابياته حيث يمثل تعبيراً صارخاً عن وقف المتاجرة بالعقائد وخداع الناس حيث ينبغي أن تتم مواجهته على نحو ممنهج ويتسم بالدقة وعبر تفعيل سطوة القوانين الحريصة على حماية الأمن وسلامة
.المواطنين
ومما لا ريب فيه فإن طبيعة الحكومات الشرق أوسطية وتخاذلها عن تقديم المستلزمات الأولية لمواطنيها من توفير للأمان وفرص العمل والحريات، كل ذلك أسهم في استشراء الإرهاب ويعطي مسوغات لبقاءها في رقعة الشرق الأوسط ، حيث نجد شكلين من الإرهاب الممارس على المواطنين كل على حدة، إرهاب الجماعات والتي يدفع الناس ثمن وجودها والإرهاب الدولي الذي لا يمكن وقفه كونه يستمد شرعيته بصفة قانونية، مثال ذلك إرهاب الميليشيات العراقية الطائفية، وإرهاب الميليشيات اللبنانية الطائفية ودورها في الاقتتال الأهلي، وهيمنة حزب الله اللبناني على القرار السيادي اللبناني وصراع المليشيات الطائفية في اليمن بتمويل إيراني، والجماعات المرتزقة في غرب الفرات في سوريا وكذلك في ليبيا بدعم تركي قطري، كل ذلك على مرأى من فساد الحكومات بل وتورطها في دعم تلك المليشيات وتغذيتها بموارد لوجستية تساعد على بقاءها مما يخدم مصالح تلك الدول ومآربها، وقد أشار الكاتب إدريس عمر إلى ظاهرة الاغتيال ودوافع مرتكبيها وقد وقف موقفاً حيادياً من موضوع الأديان ورأى أنها تنحو منحى ما يدعو لمناهضة الإرهاب الذي يركب دون وجه حق، ويمكن القول أخيراً أن البحث الذي قدمه ادريس عمر مشكوراً استوفى المعايير البحثية كافة، لكن ما ينبغي برأيي طرحه بمعرض بحثه أنه ولابد من وضع منهجية حلول وبدائل حقيقية ضد الإرهاب  وليس اكتفاء بالتصدي دون الانتقام، إذ ليس بالضرورة أن يكون اجتثاث الإرهاب وملاحقة الإرهابيين انتقاماً بل حلاً ناجعاً وضرورياً وذلك لا يمكن حدوثه في الشرق الأوسط ونحن نشهد حكومات تموّل الإرهاب  وتمارسه جهاراً نهاراً وعلى مرأى المجتمع الدولي والأمم المتحدة ولهذا فإن مكافحة الإرهاب يحتاج لنوايا صادقة وقبلها يحتاج لحكومات شرعية وقانونية ديمقراطية تنسق فيما بينها ناهيك عن غياب خطاب فكري مناهض وفعال. للتعريف بالإرهاب ومناهضة أشكاله  لغاية اليوم
13.01.2022

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…