من غرائب الكورد-3

د. محمود عباس

هيمنة الخلافات الحزبية على شرائح من مجتمعنا، بلغت حيزا من التحسس لدى البعض حتى أن مجرد عرض فكرة تحرير كوردستان من قبل أحدهم يقابل بالرفض، معاندة وليس إلا. 
 وهي رفيقة مسيرة طويلة من الصراعات الماضية والجارية بين أحزابنا. حيث العاطفة والعلاقات الشخصية، وغياب الدراسات العلمية، وتحليل الأسباب واستنباط النتائج الحقيقية منها، وكذلك الجهل بأساليب النضال الوطني واتباع أصوبها كلها أدت وما زالت تؤدي إلى هذه الحالة المتردية.
نعاني من علل، ما بين نفسية مرضية ومورثات كوردية كالعناد، المترسخة في اللاشعور، وكأنها تنتقل بيننا بالوراثة اجتماعيا، فتنسّينا التمعّن في دواعي الاختلاف.
 كثيرا ما نتدارس ونتحدث عن صراعات أجدادنا، وغير منتبهين أننا نكرر التاريخ نفسه، ونعيش الجهالة ذاتها، وعلى الأغلب أن أحفادنا سيتدارسونها بنفس السوية التي نتناول بها ماضينا.
 ننقد ونختلف، ونقدم تحليلات لمجريات الأحداث ولأساليب نضالنا، والتقاء مصالح الدول مع قضيتنا أو عدمه، بأوجه متنوعة غارقة في السذاجة، وبضحالة بالغة للغة السياسية العصرية. ندمر حاضرنا وقادمنا بحروبنا الداخلية، وبإلغاء بعضنا البعض، وفرض المفاهيم الشمولية بالقوة. كما وبيننا أحزاب دكتاتورية خلقت شرائح عدمية، تروج لمنطق: إما معي أو الخيانة.
  إننا، وبما نحن عليه، نرسخ كوارث الثقافة، والجهالة السياسية، والتي للأنظمة الشمولية المحتلة لكوردستان اليد الطولى في غرزها، ودون أخذ التجارب والعظة من مصائب شعبنا الذي تاه في خضم الصراعات المذهبية السابقة بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية، بل ننسخها؛ ونكررها بنوعية مغايرة، متلائمة والعصر، وخباثة السياسة الجارية.
الولايات المتحدة الأمريكية
11/24/2021م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…